أصبت بالألم والحزن , وانتابني الشؤم . فلم أصدق ما أسمع وما أرى . ففي صباح هذا اليوم وبينما أتابع نشرات الأخبار وما تحمله من أخبار ومستجدات عن الأوضاع العربية علني أسمع خبرا يبشر بالخير وانفراج في الأزمات العربية العربية , لكنني أصبت بالإحباط عندما أتت الأنباء لتزيدني حزنا وتشاؤما إلى ما وصلت إليه الأمور بين أبناء الأمة الواحدة من خلافات ونزاعات , سياسيا وأمنيا واقتصاديا , في الوقت التي تشهد فيه العديد من الدول العربية من انعدام أبسط مقومات الحياة , مثل انقطاع التيار الكهربائ وتقنين في حصص المياه وانتشار النفايات في الشوارع والساحات بين البيوت والمحلات التجارية وفي الحدائق العامة وكأننا في عصر البدء التكويني , في بلاد شهدت فجر الحضارات كما كانت مهبط الأنبياء والرسل , وتسلم الرسالات السماوية وتكليف أبنائها تبليغها للعالم , ونشوب نزاعات بين العديد من الدول العربية أزهقت آلاف الأرواح ودمرت كل البنى وزرعت الحقد والكراهية بين الجميع في صباح هذا اليوم نقلت إلينا وسائل الإعلام خبر انعقاد جلسة الجمعية العامة للأمم المتحدة بحضور كافة مندوبي دول العالم ومن ضمنها الدول العربية , وهذا أمر اعتيادي , لكن الذي كنا لا نتمناه أن لا تصل الإتهامات بين مندوبي الدول العربية الخليجية إلى هذا المنبر وإلى الحد الذي وصلت إليه , التي ارتقى فيها هؤلاء إلى حدود العداوة , وكأننا أمام خصوم لا يربط بينهم معتقد ديني أو أخوة أو حدود ومصالح مشتركة , حتى ليشعر المراقب وكأن هناك خلافات مستحكمة منذ عقود من الزمن , وكأن حلها بات مستحيلا , وأن في الأفق ما ينبئ بوقوع نزاع عواقبه وخيمة على كافة الأطراف , مع انقسام عربي حاد يميل فيه بعضهم لدعم هذا الطرف أو ذاك , ينتج عنه نسف كل الروابط التاريخية التي يلتقي العرب حولها , وليختفي معه الحلم العربي في الوحدة , وليلتحق أطراف النزاع بدول هي أصلا معادية لهم . هذه الخلافات تعمل لها وترفع من وتيرتها أطراف دولية معادية خاصة الكيان الصهيوني وحكومة الملالي في طهران اللذان يسعيان للتمدد والسيطرة على المناطق العربية والأهم من ذلك هو إضفاء الظلمة على الرسالة التي حظي العرب بها لتبليغها للعالم , لتغيب بعدها كل العناوين العظيمة التي أنجزوها عبر مراحل التاريخ لتحل بعدها ثقافات وأخلاقيات غريبة عن مجتمعاتنا , يستغلها الأعداء في محو الذاكرة العربية , لنصبح بعد ذلك منفصلين عن تفاصيل التاريخ العربي بكامله , وبلا جذور تحت العنوان الكبير تأسست ( الجامعة العربة ) في أواسط أربعينات القرن الماضي حيث استبشر العرب كثيرا بها وبنوا عليها آمالهم المستقبلية , إلا أن تلك التي سموها ( الجامعة ) لم تستطع جمع العرب على موقف واحد , كما لم تتمكن من حل خلاف فيما بينهم , وذلك بسبب عدم استقلاليتها بحكم ارتباطها بالأنظمة وتمثيلها لمواقفها , مع عدم اتخاذ موقف موحد حتى من أعداء الأمة . لهذا فالمطلوب من الجامعة العربية مدعومة من قبل الحكومات العربية المنضوية تحت مظلتها ومن أجل صيانة وحصانة الوطن العربي إنشاء محكمة خاصة متفق عليها من الجميع تعمل على فض الخلافات وحل النزاعات التي تنشب بين الدول العربية وبأحكام قضائية تكون أحكامها ملزمة للجميع لشد روابط الأخوة وزيادة التعاون من أجل عزة العربية وكرامتها , ودحرا لكل الأعداء أيا كانوا ومن أية جهة أتوا إننا نتوجه من بعيد من أقصى شرق الأرض بنداء كله إخلاص واحترام لحكام دول الخليج العربي بعد أن بتنا نخجل من التصريح بانتمائنا للعرب من كثرة الأحداث المؤلمة والمخجلة التي ألمت بالوطن العربي حيث أصبحت جميع الشعوب تتناقل أخبارنا بكثير من السخرية والإستهزاء , نداء إلى أهل الوطن الذي خصه الله بالوحي على أنبيائه وتكليف أهله بتبليغها للعالم أن يتمثلوا بالسف الصالح ويسلكوا مسالكهم , وأن يلتقوا بقلوب صافية بعيدة عن الحقد والكراهية لوضع حلول لكافة المشاكل العالقة فيما بينهم لإعادة الأمور على أحسن حال ولتنتهي كافة الخلافات التي قد تنشب في المستقبل إن أمنيتنا ليست أمنية شخصية وإنما هي تعبير عن آراء ملايين العرب في الداخل والخارج , لهذا نرجو من أولياء الأمور أن لا يبخسوا علينا وعلى شعوبهم تحقيق هذه الأمنية التي تعود فوائدها على الجميع وتحصن الوطن وأهله من التدخلات الخارجية , وهكذا نستحق أن ندعى , خير خلف لخير سلف