لم يعد خافيا على أحد أن ادارة المجرم "جورج بوش" لم تكن مدركة لما ستؤول اليه الأوضاع في العراق بعد أن يتم احتلاله ، وهذا ما يفسر للجميع تخبط هذه الادارة ليس فقط في عملياتها العسكرية الوحشية ضد أبناء شعبنا والابادة الجماعية وابتكار الفوضى بكل أشكالها ، بل في خلق الذرائع والمبررات التي يراد منها ابعاد المسؤولية القانونية والأخلاقية عما جرى للعراق ، وما يزال يجري فيه من أوضاع مزرية .. وهناك سؤال بالغ الأهمية : لماذا استهدف العراق والبعث ؟.. وللاجابة على هذا السؤال أود أن أشير أن العراق يمتلك قيادة حكيمة فذة ، شعب حي وشجاع ، ونهرين عظيمين ، وثروات لا تعد ولا تحصى ، و تأريخ مجيد ، وحضارات هي الأولى في هذا العالم .. وكان لحزب البعث العربي الاشتراكي الفعل الأكبر بما أنجز في العراق ، فعندما نقول حزب البعث فأننا نعني أكبر قاعدة شعبية واعية مؤهلة علميا وايمانيا ونضاليا .. فالبعث فكرا ونضالا كان يضم في جوانحه كل أبناء العراق الذين يمتلكون الوعي والقدرة على العمل البناء والتضحية والعطاء والايثار بالنفس والايمان بالله وبرسالة العراق والأمة العربية والاسلامية والانسانية السامية ، وتجمعت في البعث كل مكونات الشعب العراقي فذابت في الوطنية العراقية كل المسميات الأخرى ، وأصبح الشعب العراقي يمثل حالة وطنية واحدة تسمو على أية محاولات أو طروحات تحت هذه اللافتة الطائفية أو تلك اللافتة العرقية .. فالعراق وطن كل العراقيين على السواء ، ولأن البعثيين كانوا يشكلون جزءا مهما في المجتمع العراقي ويمثلون بمصداقية عالية الصورة المشرقة للشعب العراقي لأن حزب البعث كان يمثل ( العرب والأكراد والتركمان والكلدان والآشوريين والمسلمين والمسيحيين والصابئة وكل مكونات الشعب العراقي ) ... لقد كانت حصيلة تجربة البعث في العراق خلال 35 عاما نتائج مذهلة أحدثت ثورة في الواقع العراقي ودفعت بالعراق لأن يكون في مقدمة دول العالم والمنطقة .. ان التنمية والتقدم الذي أنجزته تجربة البعث في العراق كانت في مقدمة أسباب التآمر والعدوان عليه ثم احتلاله ، اضافة الى مواقف العراق المشهودة في دعم النضال العربي في فلسطين وغيرها من الدول العربية ، مما أصبح معروفا للقاصي والداني من أسباب استهداف البعث والعراق من قبل الأمريكان والصهاينة والفرس ... ان القضية التي باتت تطرح نفسها على العراقيين والعرب هي ادراك حقيقة الأهداف والنوايا الخبيثة التي دفعت بالولايات المتحدة وبريطانيا ومعهما كل الأشرار وبعض من عرب الجنسية أن يتجاسروا ويحتلوا قلعة العروبة العراق العظيم الذي قدم ولا يزال يقدم التضحيات دفاعا عن العروبة والاسلام والانسانية ... ان القرارات المشينة التي صدرت من سلطات الاحتلال وبالذات من المجرم "بول بريمر" تدل على أنها قرارات مبيتة ولها دلالات ومعاني خطيرة ، لا سيما تلك التي تتعلق باجتثاث البعث وحل الجيش العراقي والغاء وزارة الاعلام ، فهي تشكل جانبا محوريا من مخططات وأهداف احتلال العراق ، ورغم خطورة هذه القرارات سيئة الصيت الا أنها زادت من قوة واقتدار العمل الوطني المقاوم ... لقد كان البعثيون في مقدمة من ضحوا في بناء وطنهم الغالي ومعهم كل شرفاء العراق ، واليوم يتقدمون الصفوف في الجهاد لمقاومة الاحتلال ، فالبعثيين كانوا بناة الوطن مثلما هم اليوم مجاهدين مرابطين .. أما الشعب العراقي فهو يعيش اليوم أصعب وأخطر مخاض في تأريخه ، فلابد أن يستذكر ويقارن بين التجربة الوطنية التي قادها البعث وما أنجزته وحققته طيلة 35 عاما وما كان ينعم بـه من أمن وأمان واستقرار ، وبين الوضع المأساوي الذي يعيشه الآن في ظل الاحتلال وعملائه الذين جاءوا خلف دباباته الأمريكية ... وآخر ما نؤكده هو أن البعثيين ومعهم كل أحرار العراق لن يلقوا السلاح الا بعد تحرير أرض العراق بالكامل واعادة السيادة له .. فالعراقيين وفي مقدمتهم البعثيين قادرين على رفع الحيف عن شعبهم وبلدهم وتحريره وبناء نظامه الوطني ، ولن تنفع المحتلين أفعالهم الخسيسة تجاه شعب العراق الأبي .. فالأيام القادمة ستثبت للأعداء قوة واقتدار المقاومة العراقية الباسلة التي يقودها البعث ، والتي ستعيد للعراق هيبته ومكانته بين الدول ، وسيجد أقزام الاحتلال وعملائه أنفسهم أمام خيارين أحلاهما مر ، فأما الهرب أو الموت ، ولا خيار آخر أمام من دمروا العراق وقتلوا أبنائه وسرقوا ثرواته .