ان أهم المعطيات التي خرجت بها انتفاضة البصرة هي هزيمة المشروع الايراني التوسعي الديني والسياسي ، هذا المشروع الذي دعم العصابات المسلحة التي تقمع المتظاهرين وتقتلهم بدم بارد ، وتهدد وتتوعد بالرد الحازم في حالة استمرار الانتفاضة ، بعد أن شاهدوا اقتحام الجماهير الغاضبة مقرات الأحزاب العميلة وميليشياتها المجرمة وحرقها ، وحرق صورة الخميني الدجال في شوارع البصرة والتي انطلقت شرارة الثورة بسواعد أبنائها العروبيين أبطال أحفاد ثورة العشرين ، وشبابها الرافض للوجود الايراني على أرض العراق الطاهرة ... لقد خرجت الجماهير تحت شعار سوء الخدمات والبطالة وفساد الحكومة وتوغل الميليشيات وسيطرتها على دوائر الحكومة المحلية ، مطالبة بحقها في العيش الكريم وأبسط مستلزمات الحياة ... بالأمس خرج الشارع العراقي الغربي واليوم يخرج الشارع العراقي الجنوبي .. خرج ليقول كلمة التأريخ ، وينتفض بوجه الريح الصفراء ، ليدحضوا فكرة الخونة والعملاء التي تقول : ان أهلنا في الجنوب والفرات الأوسط مع ايران والولي السفيه ، ويثبتوا للعالم أنهم أصلاء القوم حافظوا على عروبة العراق وأصالته ممن يريدون به شرا ... لقد هزمت الانتفاضة المشروع الايراني التوسعي الى الأبد ، بوقفة أهلنا في الجنوب والفرات الأوسط الشجاعة المشرفة رغم سطوة وقوة أذرع ايران وعملائها وبطشها على الشباب المتظاهر .. ستتحول الانتفاضة الى ثورة كبيرة يسجلها التأريخ بأحرف من نور ، وستخرج جماهير غاضبة أخرى ستملأ مدن وشوارع العراق ، مطالبة باستحقاقات دستورية وشرعية وأخلاقية ، في مقدمتها اسقاط حكومة الاحتلال اللقيطة ، والغاء دستورها الطائفي ، والمحاصصة المقيتة ، واحالة حيتان الفساد ومن دمر العراق الى القضاء العادل .. فان شعب العراق الأبي لن يسكت بعد الآن ، على هكذا سلطة وحكومة فاسدة وطائفية ، الا بالثورة والقضاء على الفساد ، ومحاكمة المفسدين والعملاء ... هكذا يصر العراقيون ،على المضي قدما مهما بلغت التضحيات .. لقد كسرت الانتفاضة حاجز الخوف ، بحرقها أوكار الفساد والعمالة والخيانة ، وأظهرت تلاحما شعبيا منقطع النظير مع كل محافظات العراق الأخرى ، بصوت واحد وشعارات موحدة ... لقد أطلقت أحداث البصرة مرحلة جديدة في الصراع السياسي .. فالانتفاضة لم تكن الأولى ، بل شهدت مدن جنوب العراق طوال العام الماضي تظاهرات احتجاج على غياب وتردي الخدمات ، الى أن انفجر الوضع أخيرا في انتفاضة شعبية عفوية كشفت بأس الناس ووضعهم المأسوي ، ورفضهم التدخلات الخارجية خصوصا من جانب ايران .. وكان أهل المدينة التي تساهم بثروتها النفطية في تمويل الخزينة العامة ، رفعوا الصوت مرارا مطالبين برفع الحيف والاهمال عنهم ... ان ما تشهده مدينة المدن البصرة الفيحاء هذه الأيام ، هو في الحقيقة انتفاضة سياسية بالرغم من العناوين الاجتماعية والاقتصادية المهيمنة على الشعارات المرفوعة هناك .. فالعراق وخاصة محافظات الجنوب والفرات الأوسط الذي استشرى فيها الشحن الطائفي والمذهبي الذي مارسته ايران وعملائها منذ سنوات عديدة ، بدأ يستعيد وجهه القومي الحقيقي ، بعدما تبين له أن نظام ولاية السفية في طهران هو السبب الرئيسي في كل ما حل بالعراق من دمار وتدمير وفساد .. وان العراق الذي كان أول ضحايا المشروع الايراني ، وأكثر من دفع ثمنا لذلك المشروع ، قد يكون خشبة الخلاص التي تخرج المنطقة من حالة الفوضى التي عاشتها منذ وصول ملالي ايران للحكم ، حاملة معه شعارات تصدير الثورة وأشاعت جوا من عدم الاستقرار في عموم المنطقة ... لقد كشفت أكذوبة حكومات ما بعد الاحتلال المتعاقبة التي تدعي أنها تحكم باسم "الأغلبية الشيعية" .. فقد أظهر حراك المدن ذات "الأغلبية الشيعية" أن الطبقة السياسية الفاسدة المتنفذة المسيطرة على رقاب الخلق لا علاقة لها بطائفتها أو دينها أو قوميتها ، انما هي عصابات تجمعت للقتل والدمار والفساد ونهب المال العام ... لقد استشعرت حكومة العبادي بالخطر الكبير ، مما جعل العبادي يتوجه الى البصرة ويجتمع مع قيادة العمليات العسكرية هناك ، وقال في مؤتمره الصحفي : «هناك عناصر مندسة تريد الاساءة للتظاهر السلمي والقوات الأمنية» ، مؤكدا حرص حكومته اللقيطة على توفير الخدمات في البصرة بشكل سريع ، وأصدر عدة قرارات من بينها ، حل مجلس ادارة مطار النجف وتخصيص 3 مليارات دولار للبصرة ، ووجه باستخدام الميزانيات المتوفرة حاليا لتحلية المياه ، وحل أزمة الكهرباء ، وتوفير الخدمات الصحية اللازمة .. فان قراراته جاءت بنتائج عكسية ، وزادت من غليان الشارع ، فان المتظاهرين يرون ضرورة الاستمرار في التظاهر حتى تحقيق كل الأهداف والحقوق المشروعة .. ومع تصاعد الضغط وامتداد وتوسع المظاهرات الى مدن أخرى ، لجأت الحكومة العميلة الى قطع خدمة الانترنت لتحجب التواصل مع المتظاهرين وتمنع صوتهم من الوصول عبر وسائل التواصل الاجتماعي والمواقع الالكترونية ... ان مرارة ظلم الفاسدين وعنجهيتهم وتسلطهم على رقاب الشعب أوصل المواطن أن يتحول الى كرة نار غاضبة تحرق كل ما يواجهها بدون ان يحسب حساب لما سيأتي من رد في المقابل ... انتفاضة العراق مستمرة في كل مدن الجنوب ، والانتفاضة ستلد انتفاضة ، حتى تحرير أرض العراق بالكامل واعادة سيادته وهيبته ، واعادته لأهله واعادة أهله اليه .