على الرغم من أن هناك أحداثا وملاحم جرت في بقعة معينة من الوطن العربيولكن امتد اشعاؤها ليضيء لنا على امتداد الوطن الكبير ، إما لأنها كانت دفاعا عن وجود ومصالح ومستقبل الأمة وبجهد مشترك ، أو أدت في نتائجها وانعكاساتها إلى حماية المصلحة القومية وتعميق التلاحم العربي فصارت معالم وأياما مشرقة في تاريخنا العربي نستلهم منها القيم والدروس ونتزود من تفصيلات مجرياتها بشحنات من العزم وتجدد فينا روح الوفاء والإقدام والتضحيات في معاركنا الراهنة في مواجهتنا لأعداء الأمة من قوى الشر والعدوان حماية لمصالح الأمة وخياراتها ودورها الرساليالإنساني. برنامج أيام خالدة في التاريخ العربي المعاصر يسلط الضوء على هذه الأحداث ويتناول بعدها القومي وتأثيراتها ودورها في التلاحم النضالي بين أبناء العروبة. من هذه الأيام هو يوم ( عودة طابا إلى حضن مصر العروبة ). تقع طابا على رأس خليج العقبة في جمهوريةِ مصر العربية، ، بين سلسلةِ جبالِ وهضاب طابا الشّرقية ومياه خليج العقبة وتَتَبع إداريا لِمحافظة جنوب سينا. على مساحةً تُقدّر بـ3500 كيلو متر مربع ، ويقطنها 3000 نسمةً تقريباً . وطابا لها أهميةً تاريخيةً وإستراتيجية بسبب موقعها الرابط بين حدود كلٍ من مصر والسّعودية والأردن وفلسطين المحتلة . وهي آخر نقطة في شمال شبه جزيرة سيناء الهامة التي تربط قارة آسيا بإفريقيا على الحدود مع فلسطين المحتلة . كانت طابا مُحتلةً من قبل الكيان الصهيوني وبعد مشوار طويل من الحروب والمفاوضات حَصلتْ على حريتها وعادت ضمن الحدود المصرية في 19 مارس 1989م. إن مشوار عودة طابا إلى مصر استغرق زمنا طويلا وشهدت أرضها العديد من الأحداث التاريخيةِ ، بدأتْ بما عرف بقضية فرمان السلطان العثماني الصادر بهدف حرمان الاحتلال البريطاني في مصر من الإطلالة على خليج العقبة إلا إن الأمر انتهى إلى اعتبار طابا جزء من مصر بعد خروج الاحتلال البريطاني من مصر في 1922م . رفض الكيان الصهيوني الخروج من طابا بموجب الهدنة التي وقعتها مصر بعد انسحاب دول العدوان الثلاثي ( بريطانيا وفرنسا والكيان الصهيوني ) في العام 1956م رافضا شمول اتفاق الهدنة كلاً من طابا والأجزاء المطلة على البحر ثم احتلّ منطقة سيناء بكاملها بما فيها طابا في حرب عام 1967. ونتيجة لذلك صارت ارض سيناء مسرحاً للمعارك والحروب على مدى عشرات السنين لتروي قصة بطولات أبناء مصر وتلاحم أبناء العروبة معهم عبر مراحل الصراع العربي الصهيوني منذ العدوان الثلاثي في 1956م وحرب 1967م وحرب الاستنزاف 67-1973م ثم حرب أكتوبر 1973م. لقد كانت عودة طابا نهاية قصة حقيقية للتضحيات العظيمة لأبناء مصر والتلاحم العربي معها في وجه العدوان والاحتلال الصهيوني منذ أن صارت ارض العرب الإستراتيجية الموقع والوافرة الخيرات محط أنظار أطماع الاستعمار الأجنبي وساحة للصراع والتنافس العالمي . لاشك ان يوم عودة طابا إلى حضن مصر العربية يوم مشرق في تاريخنا العربي المعاصر لأنه يوم انتصار الجهاد وثمرة التضحيات لتحرير جزء عزيز من ارض مصر ، حيث يحتفي ويعتز به العرب لأنه يوم عودة جزء عزيز من ارض العرب إلى حضن الوطن الكبير كما وانه رمز لكفاحهم المشترك. انه مناسبة ينبغي على الأجيال العربية أن تتخذ منها مؤشرا على أهمية التلاحم في معارك المصير واكبر ضامن لقدرة الكفاح العربي المشترك على تحقيق أهداف الأمة العربية في استعادة أرضها وتأمين سيادتها والمحافظة على حريتها واستقلالها . ان عودة طابا حدث عظيم يشكل محطة هامة لاستلهام الدروس والعبر ، ومحفزا لأجيال العرب على التضامن والكفاح المشترك حتى تتحقق أهداف امتنا في انتزاع كامل التراب وتطهير كل شبر من ارض العرب يدنسه الاحتلال ، وصولا إلى تمكين الأمة من الولوج إلى آفاق الوحدة والتكامل لحماية خياراتها وأمانيها وطموحاتها المشروعة في حياة حرة وكريمة . ما أحوج أجيال الأمة اليوم إلى نهضة كفاحية موحدة ومترابطة تتخذ من المحطات المشرقة في التاريخ العربي المعاصر معينا على التضامن والنهوض في وجه الاحتلال الأجنبي والعبور إلى فجر تشرق فيه شمس الوحدة والحرية على ربوع الوطن العربي ، وينعم أبناؤه بالأمن والعدالة بسواعدهم القوية ونضالهم الموحد. فلنتخذ من مثل هذه المحطات المشرقة في التاريخ العربي جسر عبور إلى مزيد من العمل والكفاح المشترك نضيف به اشراقات جديدة إلى سجل تلاحم جهادنا وكفاحنا العربي . مكتب الثقافة والاعلام القومي