نسمع أصواتا كثيرة تنادي بالمقاومة المسلحة لتحرير العراق من العراقيين ومن العرب مثلما نسمع نقدا وتساؤلات كثيرة أيضا عن أسباب توقف أو قلة الفعاليات المسلحة ضد الاحتلال المركب في العراق غير أننا لا نسمع إلا نادرا عمن يقيمون الأوضاع التي آل إليها حال المقاومة بعد خمسة عشر عاما من انطلاقها يتيمة مقطوعة من شجرة لا مشجع ولا داعم ولا مساند إلا من رحم ربي من أبناء العراق وبعض الأشقاء العرب. كثيرون يرفعون أصواتهم بما هو حق وواجب لكنهم لا يكلفون أنفسهم فرصة البحث عن مشاركة فعلية بدونها لا يمكن أن تقوم مقاومة لأن للمقاومة متطلبات مادية يتقدمها السلاح والمال. لا أحد يتحدث أو يكتب عن بيع بعض المجاهدين لبيوتهم ولحاجياتهم ومقتنياتهم البيتية من أفرشة وكهربائيات وغيرها ليشتروا بنادق وعتاد وليساندوا ويعيلوا عوائل شهدائهم وأراملهم وأيتامهم، ويدفعون لإنقاذ سجنائهم وأسراهم. ولا أحد يتحدث عن المجاهدين الأسرى في سجون الاحتلال الذين يتعرضون للموت البطيئ والإعدامات بتهم الإرهاب الظالمة من قبل المليشيات وحكومة الاحتلال ولا يجدون من يدافع عنهم ولو بكلمة. البعض يريد مقاومة ويريد عمليات عسكرية مصورة ويريد تحريرا وهو لا فعل يقدم عليه ولا رد فعل. وإذا صرخ المقاومون طلبا للمدد والسند والعون ليتمكنوا من تأمين متطلبات عملياتهم فإنه سينبري ناقدا ومنتقدا ومتفلسفا ومنظرا ناكرا عليهم حاجتهم للاستمرار بالمقاومة. إن من لم يكن يعرف قد عرف الآن، ومن لم يكن يدرك قد أدرك، ومن كان بحاجة إلى براهين قد ملكتها عيونه ويداه وأذناه أن تحرير العراق هو معركة قومية وليست وطنية فقط إذ أن تحرير العراق هو مفتاح نجاة الأمة كلها من حال التردي الذي أصابها وحل بها واستوطن أرجاءها بعد غزو العراق واحتلاله. معركة تحرير العراق معركة قومية بامتياز لأن المقاومة العراقية الباسلة تواجه عدوانا قوميا عنصريا توسعيا هو العدوان الفارسي الذي يلبس نقاب الدين زورا، وكونها قومية فإنها لا تحمي الشعب العربي وأرضه ومقدراته وثرواته بل هي أيضا وضمنا تحمي الأنظمة العربية إذ لولا المقاومة العراقية لتهاوت عروش وعروش من بينها من شارك في غزو العراق بأمواله وبأجوائه وبأراضيه وبإعلامه وجواسيسه. يعتقد البعض خاطئا وبقياسات منغلقة أننا نمارس خطأ ونسيئ لحزبنا العظيم حزب البعث العربي الاشتراكي ولعقيدته ومبادئه حين نطالب العرب شعبا وأنظمة بتقديم الإسناد غير المشروط وغير المقيد للمقاومة البعثية وشركائها حيث هي المقاومة الوحيدة التي لم تتلق مالا ولا سلاحا إلا من حاضنتها العراقية التي تعرضت لتدمير ممنهج عبر السنوات الخمسة عشر السابقة في حين أن الفصائل التي دعمت بالمال والسلاح قد انسحبت وانقرضت رغم شعارات الجهاد وشعارات الإسلام والمذهبية التي حملتها وعملت تحت راياتها. نعم .. لم يبق غير المقاومة البعثية وشركائها تنتظر الدخول في فصل جديد مبارك من فصول فعلها الجسور بعد التخلص الكامل من آثار الإرهاب والحقبة الداعشية المجرمة وبعد أن تقرر قيادتها الخبيرة المجربة يتقدمها شيخ الفرسان وشيخ المجاهدين الرفيق البطل عزة إبراهيم حماه الله وكما وعد في خطاب نيسان الماضي. وصار لزاما على العرب حكاما ومحكومين أن ينصروا هذه المقاومة ليس فقط لأنها الوحيدة التي استمرت وتواصلت وليس فقط لأنها لم تحصل على عون إلا من الله وبعض شعب العراق، بل ولأنها هي الوحيدة المؤهلة لتحرير العراق من أقصى جنوبه إلى أقصى شماله لأنها مقاومة وطنية قومية إسلامية لا تعرف المناطقية ولا المذهبية ولا العرقية. إن مبادئ البعث القومية وامتداداته الشعبية وطهره وعفته ونزاهته ونقاءه يشترط على أي جهة شعبية كانت أم رسمية أن لا تضع شرطا ولا قيدا لأغراض الدعم والإسناد بالمال وبالسلاح وبالإعلام والعمل الديبلوماسي لأن قيادة المقاومة وقواعدها ترفض أن تكون تابعة ولا تملى عليها إرادات غير إرادتها الذاتية ولا أهداف غير أهدافها المباركة الغالية بالتحرير والاستقلال الذي حين يتحقق ناجزا للعراق الأبي فإنه سيكون مثابات عظيمة وفاعلة ونافذة ومؤثرة لتحرير فلسطين والأحواز وكل شبر عربي مغتصب.