شبكة ذي قار
عاجل










أقامت لجنة إحياء الذكرى السنوية الأولى لرحيل النائب الدكتور عبد المجيد الرافعي مهرجانا خطابيا في فندق "كواليتي- ان" في طرابلس، في حضور وزير العمل في حكومة تصريف الأعمال محمد كبارة ممثلا رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس حكومة تصريف الأعمال الرئيس المكلف سعد الحريري، الرئيس نجيب ميقاتي، الدكتور خالد زيادة ممثلا الرئيس فؤاد السنيورة، النواب سمير الجسر، جان عبيد، نقولا نحاس وعلي درويش، الوزراء والنواب السابقين أحمد فتفت، رشيد درباس، احمد الصفدي ممثلا الوزير السابق محمد الصفدي، الدكتور سعد الدين فاخوري ممثلا الوزير السابق أشرف ريفي، الدكتور مصطفى علوش وكاظم الخير. كما حضر الإحتفال مفتي طرابلس والشمال الدكتور الشيخ مالك الشعار، الاب بشارة عطاالله ممثلا متروبوليت إفرام كرياكوس مطران طرابلس والكورة وتوابعهما للروم الأرثوذكس، راعي أبرشية طرابلس للروم الملكيين المطران إدوار ضاهر، الشيخ محمد حيدر من الطائفة العلوية، الدكتور صفوح يكن ممثلا رئيس بلدية طرابلس المهندس أحمد قمر الدين، رئيس بلدية الميناء عبد القادر علم الدين، نائب رئيس المجلس الدستوري القاضي طارق زيادة، نقيب المهندسين المهندس بسام زيادة، نقيب الأطباء الدكتور عمر عياش، المحامي عبد السلام الخير ممثلا نقيب المحامين عبد الله الشامي، الإعلامي احمد درويش ممثلا نقيب المحررين الياس عون، توفيق سلطان وأعضاء لجنة إحياء الذكرى وحشد من ابناء طرابلس والشمال. ميقاتي النشيد الوطني افتتاحا، فكلمة تقديم من الدكتور بشير مواس، ثم ألقى الرئيس ميقاتي كلمة قال فيها: "بعض الناس يمتلكون في غيابهم حضورا آسرا وكأنهم لم يرحلوا، وتبقى شعلة عطاءاتهم ومآثرهم ماثلة عند كل محطة وإستحقاق. والدكتور عبد المجيد الرافعي الذي نحيي اليوم ذكراه الاولى، حفر إسمه في سجل الخالدين وله في كل محطة قومية ووطنية مأثرة، وفي كل وقفة إنسانية بصمة. ونحن نقف اليوم، بعد عام على غياب ابن مدينتنا إبن المهاترة والرفاعية، نستذكر سيرته الطيبة على المستوى الشخصي والإنساني والسياسي، عطرها كعطر زهر الليمون الطرابلسي، يترك أثرا في كل النفوس". أضاف: "لم يكن عبد المجيد الرافعي الا نموذجا يحتذى ومدرسة تعلم منها كثيرون وسيتعلم منها كثيرون ايضا. طبيب داوى الناس بالمحبة قبل الدواء، وسياسي آمن بمبادئ العروبة الخالصة حتى آخر نفس، وإنسان لم يتجرد من انسانيته حتى في اصعب الظروف وأدقها، فلك أيها الشامخ في عليائك الف تحية والف دعاء أن يتغمدك المولى بواسع رحمته وهو الرحيم المجيب. ولزوجتك الفاضلة ورفيقة دربك السيدة ليلى بقسماطي كل التحية والتقدير وهي الحريصة على ابقاء دارك ملتقى لكل اطياف المجتمع لمناقشة كل الهموم والشجون وابقاء الصوت عاليا صونا للحق ودفاعا عنه". وتابع: "يا حكيم المدينة، عندما كنا نخوض، رفاقي وأنا، الإنتخابات النيابية الأخيرة، كنت على الدوام، حولنا، نستذكر كيف كنت تخوض المعارك السياسية بكبر، نستذكر كيف كنت تخاصم بشرف وصلابة وتترفع عن كل الأمور الشخصية. لقد خضنا الإنتخابات لإستعادة الدور المرتجى لمدينة كانت على الدوام عاصمة ذات دور، واليوم، بعدما حصدنا ما حصدنا من مقاعد، بتنا اقرب الى تفعيل دورها و إطلاق العجلة الإنمائية فيها بالتعاون مع كل المخلصين الذين يتطلعون معنا الى الهدف الوطني ذاته. نحن لا نتطلع الى مدينتك ومدينتنا، كجزيرة معزولة، بل نتطلع الى دورها اللبناني وحضورها الوطني ورسالتها النموذجية ونحن الأحرص على التواصل مع كل المكونات السياسية اللبنانية لإستنهاضها وإستعادة دورها السياسي والإقتصادي و الثقافي، بل والحضاري. وعلى الجميع أن يتفهموا ضرورة تحصين المدينة من الفقر والتطرف والتسرب المدرسي والبطالة والعوز، لأن اية مشكلة في اي مدينة او قرية في لبنان تنعكس على واقع البلد كله ومستقبله. من هنا ، بدأنا مع كتلة الوسط المستقل بتعميم "الكتاب الأبيض" الذي أعده خيرة من خبراء المدينة على كل المراجع الوطنية والدولية، وباشرنا التواصل مع البنك الدولي ومنظمة الإسكوا والصناديق العربية لوضع خارطة بمشاريع للتنفيذ وعسى أن نتمكن من تحقيق ما نصبو اليه في وقت قريب". وأكد أن "طرابلس متحف بكل ما تحمل الكلمة من معنى، ومن خلال ترميم "جمعية العزم والسعادة الاجتماعية" للسوق العريض تمكنا من لفت النظر الى امكانية ترميم الكثير من الاحياء في المدينة وازاحة الغبار عن لؤلؤة البحر الأبيض المتوسط. ونحن، ومن خلال إمكانات الجمعية، سنركز في المستقبل القريب على هذا الجانب وعلى التعليم ايضا، كما تعهدنا خلال الحملة الإنتخابية، لأن نهضة الأمم لا تكون الا بالعلم والمعرفة والحفاظ على التراث وصيانته وبحفظ رسالة طرابلس لكل الأجيال القادمة، وانا لها لحافظون بإذن الله وبرؤيتك ونضالك ودعاء اجدادنا واهلنا الذين سبقونا وأوصونا بالمدينة وأهلها خيرا، وبذلك نفي فقيدنا الكبير ومن سبقونا بعض حقهم في حب هذه المدينة وهذا الوطن الغالي". وقال: "يتصاعد الحديث عن صدامات إقليمية واستهدافات للمنطقة على كل المستويات العسكرية والإقتصادية والسياسية، وكلكم سمعتم عن صفقة العصر التي ظهرت بوادرها في افتتاح الولايات المتحدة الأميركية لسفارتها في القدس، والقدس كانت وستظل بالنسبة إلينا، كما كانت بالنسبة الى الفقيد وكل العرب، عاصمة المؤمنين، مسرى الرسول صلى الله عليه وسلم ومهد السيد المسيح عليه السلام، بل نقطة تلاقي كل الرسالات السماوية وعاصمة فلسطين التي من أجلها ناضل العرب من المحيط الى الخليج وستظل، بل هي هوية حضارية وثقافية ننتمي اليها وكم نتمنى أن يصطلح حال العرب وتتوحد رؤيتهم من أجل حماية المنطقة وأهلها ومن أجل تعزيز اواصر الأخوة بينهم وحماية مصالحهم المشتركة". ورأى أن "لبنان يحتاج اليوم الى تحصين وضعه الأمني والإقتصادي والسياسي، ولذلك عمدنا بعد الإنتخابات الى تجاوز ما حصل فيها من شوائب وصراعات، ومددنا يد التعاون الى كل القوى السياسية لتجاوز المرحلة الشديدة الصعوبة التي نعبرها، معلنين في الوقت ذاته تمسكنا باتفاق الطائف الذي كان للراحل دور اساسي فيه وفي بلورة العديد من البنود التي تم اقرارها، وهو القائل "لقد أثبت لبنان عروبة هويته وكرس انتماءه في مؤتمر الطائف الذي شاركنا فيه بكل فعالية"، منتقدا في الوقت ذاته عدم تطبيق العديد من بنود الاتفاق، لا سيما لجهة إقرار اللامركزية الإدارية الموسعة، والهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية السياسية، وانتخاب مجلس النواب خارج القيد الطائفي، إضافة إلى إنشاء مجلس الشيوخ الذي تمثل فيه العائلات الروحية اللبنانية". وما اجتماعنا الأخير كرؤساء حكومات سابقين مع رئيس الحكومة المكلف الا لتكريس وتأكيد ما نص عليه اتفاق الطائف من صلاحيات ودور لرئيس الحكومة ومقام رئاسة مجلس الوزراء". أضاف: "لقد كان طموح اللبنانيين في وثيقة الوفاق الوطني وتكريسها في التعديلات الدستورية، أن تشكل نقلة نوعية متقدمة نحو دولة أقل إنعكاسا حادا للتوازنات الطائفية. لكن ما يجري على أرض الواقع هو عودة إلى الوراء، اذ ارتبطت المؤسسات العامة للمجتمع اللبناني أكثر فأكثر بالإطار الطائفي او المذهبي، ولم تمتلك الدولة حيزا أكبر من الإستقلالية عن القوى الطائفية والمذهبية، بل إرتهنت لها بشكل شبه كلي. وإننا نشهد فصلا جديدا من هذه القوقعة في عملية تشكيل الحكومة، فباتت كل وزارة حكرا على طائفة او جهة، وتوغلنا اكثر فاكثر في القوقعة المذهبية والطائفية". واعتبر أن "حال التأزم في تأليف الحكومة يستدعي من الجميع إيجاد المخارج، فلبنان لا يملك ترف الجدل في الوقت الذي تستعصي فيه المشاكل الإقتصادية والمالية وتشتد الرياح العاتية حولنا. فليتق الجميع الله بهذا البلد وليعملوا على معالجة المشاكل الكبرى وما أكثرها، ونحن من جهتنا سنبقي على يدنا مفتوحة عسى ان تلاقي أياد مفتوحة وقلوبا تحمل الحب لمصلحة لبنان وعقولا قادرة على إجتراح الحلول لمشاكلنا". وختم: "يا ابن العم، ايها الراحل، تمر الايام وذكراك في البال وهاجة متقدة كمحبتك واخلاقك وصيتك العطر. كنت وستبقى نموذجا للعطاء والتضحيات. تغمدك الله بوافر رحمته". الجسر وألقى النائب الجسر كلمة قال فيها: "يشرفني أن ألتقي معكم جميعا في هذه الأمسية وبمناسبة الذكرى الأولى لغياب الأخ المناضل والنسيب والقريب الدكتور عبد المجيد الرافعي، هذا الرجل الذي ملأ طرابلس ودنيا العرب حبا ونضالا ومصداقية وإندفاعا ومبدئية وإخلاصا مما قل نظيره. ولا غرو، فالدكتور عبد المجيد الرافعي هو إبن تلك الدوحة الكريمة التي يتصل نسبها بسيدنا عمر بن الخطاب الخليفة الراشد، وأحد العشرة المبشرين بالجنة، الذي الى جانب فتوحاته التي عمت كامل العراق ومصر وليبيا والشام وفارس وخراسان وشرق الأناضول وجنوب أرمينيا والقدس، كان قاضيا خبيرا إشتهر بعدله وإنصافه الناس من المظالم سواء كانوا مسلمين أو غير المسلمين حتى لقب بالفاروق. وإذ كان يكفي أي من آل الرافعي فخرا هذا النسب العظيم، الا إن هذه الدوحة الكريمة. الا أن آل الرافعي وعلى مدى تاريخهم أضافوا لمجدهم مجدا جديدا متمثلا بالعلم والتقى والصلابة والورع، ولأنهم كانوا يعلمون تماما أنه ما من شيء ولا حتى نسبهم العظيم يغني عنهم من الله شيئا. فقد طلبوا العلم ونشروه في كل الأمصار فكان منهم العلماء والقضاة والشعراء والأدباء والربانيون". أضاف: "ومن هذه الدوحة الكريمة، ومن صلب المجاهد الشيخ محمد الرافعي رحمه الله، والمعروف بتقواه وصلاحه وصلابته، خرج الدكتور عبد المجيد الرافعي الى هذه الدنيا، محافظا على إرث العائلة وشرفها، وورع البيت الذي تربى في كنفه، ليبدأ نضاله وفق لغة العصر بالمشاركة في تظاهرة وهو لم يتجاوز الثانية عشرة من عمره تأييدا لثورة الضباط الوطنيين في العراق وفي وجه الإنكليز وليشارك بعد سنتين في تظاهرة الإستقلال التي دفعت فيها طرابلس ثمنا كبيرا". وتابع: "كلما خطر ببالي الدكتور عبد المجيد الرافعي وكلما ذكر في مجلس تقفز الى خاطري صور عن محطات زمنية لا تغيب قط عن بالي. وأولى الصور صورة النسيب الذي كان يحظى بمحبة خاصة من والدي رحمه الله. كان والدي يتمسك بصلة الرحم مع كل أهله من أعمام أو خؤولة أو عمات أو إخوة وأبنائهم جميعا. وكان يحضنا على التمسك بصلة الرحم بمحاولات عملية لا مجال لذكرها الآن، وكان من ضمن حبه لأهله، حبه لعمته إم سليم ولأبناء وبنات عمته وأولادهم لدرجة أنه كان يحفظ تواريخ ميلادهم وتواريخ ميلاد أبنائهم، ومن ضمن ذلك كان بالطبع يحفظ في ما يحفظ تاريخ ميلاد الدكتور عبد المجيد. كنت أعجب لهذه الذاكرة، ولكني كنت أعجب أكثر لهذا الإهتمام النابع أصلا من تمسك والدي بصلة الرحم، ولكني كنت أعرف أيضا بأنه كان يميز الدكتور عبد المجيد بمحبة خاصة لأنه كان يرى فيه رجلا شجاعا ومقداما وأملا للمدينة وللبلاد وإضافة لكونه رجل علم وثبات وعمل". وقال: "من الصور التي طبعت في ذاكرتي، صور تعود الى مرحلة النضال القومي بكل رومانسيته السياسية وتحديدا زمن حركة التحرر العربي وزمن الوحدة (مصر وسوريا). كانت المظاهرات تخرج من كل أنحاء المدينة، ومن الأسواق والأحياء الشعبية، لتأخذ مسيرتها الى باحة الجامع المنصوري الكبير، المحطة الالزامية لكل تجمع شعبي، سواء كان الدافع مناهضة الظلم والإستبداد، أو تأييدا لحركة التحرر العربي من عدن الى الجزائر وما بينهما، أو لتأييد الوحدة العربية بين مصر وسوريا التي كنا نرى فيها واسطة العقد الذي سيجمع العرب ويعيد للأمة مجدها وتقدمها. وكانت هذه المظاهرات يصادف توقيتها ظهرا ووقت خروجنا من مدرسة الفرير، وكانت هذه التظاهرات تمر من تحت عيادة الدكتور عبد المجيد الرافعي في السراي العتيقة، ويخرج الحكيم اليها بكلمة من على شرفة العيادة ليعود وينخرط فيها الى آخر المسار. من دون أن أنسى مهرجانات ذكرى الوحدة التي كان يقيمها الحزب تارة في سينما روكسي وطورا في سينما كابيتول، وكان أشهر فرسانها ثلاثة: الشاعر سليمان العيسى، الذي كان بقصائده والقائه يلهب العقول والقلوب وجبران مجدلاني الذي كان بجرأته وسخريته يقِّرع الإستعمار والرجعية العربية ليختمها الدكتور بكلمة رصينة لا تخلو من الحماس والإندفاع، تعبر عن كل التوجه القومي وتبعث الأمل في النفوس بمستقبل الأمة". وأشار الى أن "التظاهرات تضم الكل، وأعني الكل، من كل المذاهب والطوائف، لم تكن قد تسللت الينا أوبئة الطائفية والمذهبية ولم نكن قد إبتلينا بالحركات الشعوبية، ولم نكن قد خونا بعضنا بعضا ولم يكن بعضنا قد كفر بعض، كنا ننعم بصفاء جذوره في تراثنا المعتدل المنفتح والمقاوم في آن، كنا نقدم مصالح الأمة على ما عداها. بعد خوضه إنتخابات العام 1957 قرن الدكتور عبد المجيد العمل السياسي بالعمل الإنساني وسخر علمه الطبي لخدمة الفقراء، فكان لا يخيب طلبا أبدا حتى سمي عن حق طبيب الفقراء، ولا شك أن المناخ القومي والجو الوحدوي والعمل النضالي والعمل الإنساني الذي طاول كل الفقراء ومعظم الطبقة الوسطى، قد فعل فعله وأسهم في خلق جو تغييري لصالح الدكتور الذي رأى الناس فيه الشاب الديناميكي العروبي الآدمي إبن الأوادم الذي يمثل أصالة المدينة في وجه الحاشية، المتجاوزة لطبائع أهل المدينة والتي تضر بكل ذي سلطان". وتابع: "خاض الدكتور إنتخابات 1960. ونام الناس على نجاح عبد المجيد ليستيقظوا على إعلان عدم نجاحه.وأنبل تعبير قرأته عن لسان الحكيم في إحدى المقابلات بهذا الخصوص أنه " حرم من النيابة في العام 1960 لمصلحة صديقه الرئيس أمين الحافظ. طبعا في ذلك الحين كانت الأحزاب القومية والأممية ممنوعة في لبنان، وكفى بذلك قيلا. لكن الدكتور تابع نضاله حتى فاز في إنتخابات العام 1972 متقدما على أول الفائزين من بعده بما يزيد عن 500 صوت. إن ظاهرة فوزه في ذلك الحين بحاجة الى دراسة متأنية لأنها تكشف عن ميزان سياسي عند أهل طرابلس ودقة في الإنتقاء بعيدا عن ردود الفعل والتشفي. ولم يؤثر فوزه في الإنتخابات على تواصله مع الجماهير بل على العكس، أشرك الدكتور عبد المجيد اللجان الشعبية في الأحياء بمتابعة حاجات الناس وشؤونهم في الإدارات العامة والبلدية بخاصة". ولفت الى أنه "شابت ولاية المجلس النيابي، الذي ضم الدكتور عبدالمجيد، أزمة سياسية أدخلت لبنان في حرب أهلية لم تخلو من بعد طائفي. لكن الدكتور عبد المجيد الذي كان من مؤسسي الحركة الوطنية التي خاضت الحرب في ما سمي في ذلك الحين بوجه الإنعزال السياسي، ومع دعمه الكامل لجبهة التحرير العربية لم ينغمس الحكيم في وحول القتال الطائفي، بل أن الكل يشهد له بأنه إستخدم أصدقاءه في الكفاح المسلح وفي جبهة التحرير العربية لرد الأذى عن كل الأوادم من كل الأديان والمذاهب ومن كل المناطق الذين تعرضوا لأطماع المتطفلين على العمل النضالي. ومع تطور أمور الحرب الأهلية بمدها وجزرها، إضطر الدكتور عبد المجيد لترك المدينة مرتين، مرة أثر حرب عرفات والأخرى في عام 1990. وفي المرتين سافر الدكتور عبد المجيد الى العراق تاركا قلبه في طرابلس، وكان الدكتور في العراق ملاذا لكل هارب من جحيم الحرب والصراعات السياسية وتهديداتها وأخطارها. كما كان عونا لكل صاحب حاجة أو طالب علم أو تاجر يسعى للرزق الحلال. لقد خدم الدكتور عبد المجيد الكثير من أهل لبنان ومن أهل طرابلس بالذات من دون أن يمنن أو يستكبر أو يدخل في شراكة. ولم يحرم الدكتور من تقدماته حتى بعض الذين غرر بهم من الذين شاركوا عن جهل في حرق دارته. وعاد الدكتور الى طرابلس في العام 2003 بعد إحتلال العراق الذي كان مقدمة لكل الأزمات التي تعصف اليوم بالمنطقة والتي تتهددها في جغرافيتها وكياناتها". وقال: "عاد عبد المجيد من دون أن يفقد الأمل ولو للحظة واحدة بالأمة وبالعروبة وبكل ما آمن به. وعاد ليحصل على ترخيص لحزب طليعة لبنان العربي الإشتراكي لأنه كان يؤمن بالعمل الجماعي والأطر التنظيمية، وكان يؤمن بأن هذا الذي تعيشه الأمة لا يخرج عن كونه مخاضا عسيرا لولادة فجر جديد". وختم: "عبد المجيد الرافعي تختلف معه؟ نعم. لكنك لا تستطيع الا أن تحترمه، تحترم فيه الرجل المقدام، تحترم فيه الواعي للمخاطر التي تهدد الأمة والبلاد، تحترم فيه الرجل الذي يعمل حتى الرمق الأخير لما يؤمن به. عبد المجيد الرافعي يصدق فيه قول الشاعر معروف الرصافي: وخير الناس ذو حسب قديم أقام لنفسه حسبا جديدا". عبيد وألقى النائب عبيد كلمة قال فيها: "ما كنت أحسبني يوما أني سأقف في ذكرى تأبين عبد المجيد الرافعي ووداعه، والواقع أننا اليوم في حفل إنصافه وتخليده على شرفة البقاء الدائم أكثر مما نحن في التأبين أو التوديع. الحكيم الطيب عبد المجيد محمد الطيب الرافعي، باغتنا ورحل مفاجئا على غير عادة وهو الذي ما فارق في حياته صديقا أو رفيقا أو حبيبا بلا وداع أو إستئذان. والحفل اليوم ليس لإستحضاره فهو ما فارق الحضور ولا لإستعادته فهو حي يضج بالحياة. لقد عرفت هذا الحكيم الآدمي وأرملته المناضلة الراقية الدكتورة ليلى وإخوانه وصهره ومحبيه ورفاقه منذ ما يفوق النصف القرن". أضاف: "كان فيه دائما القائد والقدوة والرمز للتجدد والتجرد والمواطنة والعروبة والحس الإنساني والسلوك العلماني والرفعة المشهودة والوداعة المتواضعة على كبر ونذر النفس للفقراء والمعوزين قبل سواهم من الأغنياء أو الأقوياء. كان بالنسبة إلي شخصيا ورجلا نبيلا وصديقا وصادقا وصبوحا في الخلق والخلق ولمدى طويل ومديد. وعندما أتحدث عن الدكتور الحكيم الحليم فإنما أتحدث عما يقارب ثلثي القرن وأتكلم عن كوكبة من إخوانه ورفاقه ما زالوا يضجون في الوجود والوجدان من أحمد الصوفي إلى نعيم فهمي، وحاتم شاهين وهشام زمرلي وخالد العلي وخاصة نقولا الفرزلي وجهاد كرم وسواهم. ومع أنني لم أنتسب في حياتي إلى أي حزب فإن الصلات مع عبد المجيد كانت من بعيد، أبقى وأحن مما تكون بين رفاق يترافقون ثم يفترقون فضلا عن أنهم قد يختلفون ويتغاضبون ويتقاتلون ويقتتلون كذلك. والأمر ما سرى أبدا على أخلاق عبد المجيد ومع رفاقه وإخوانه والناس". وتابع: "أذكر في هذا المقام لصديق آخر شبه أمي رغم عبقريته قوله عندما سئل إن كان يحب أكثر أخاه أم صاحبه فأجاب إني احب أخي أكثر إن كان صاحبي. ولن أنسى اللقاءات شبه الدورية التي كنا نجريها مع " ابو فواز" العزيز فايز السنكري وحتى الأيام الأخيرة فقد كان فيها إستعراض شامل لأحوال البلاد والعباد ولرحلة الحياة ومسيرتها في ما بيننا وفي هذه الأمة وبمحبة وشفافية طبعت وعطرت عشرات السنين وحتى الأيام الأخيرة ولن تزول. وكان لي الدوام كبيرا بالقامة والهمة والحكمة والنعمة والعزيمة وبالمباراة الشريفة وبخاصة في زمن الرئيس الحكيم الشهيد الراحل رشيد كرامي وآل كرامي الكرام. كان الزمن أيضا جميلا رغم النواقص والشواءب فإن العنوان العريض، أنه كان زمن النضال والسياسة والخدمة والكلمة والوطنية والقومية والمنافسة، وجل وقل زمن أو رجل لاعيوب فيه ولا نواقص أو شوائب. لقد ألهم الله الحكيم أن يجتهد لكي يغتني بالعلم في زمن الجهل ويتزين بالحلم بعيدا عن الغطرسة ويتكرم بالتقوى في وجه الدجل ويتجمل بالصبر إزاء الشدائد وبالحكمة في حمأة الحماقة ويتسلح بالشجاعة مقابل التخاذل والتهور". وقال: "أيها الراحل الكبير الطيب: لقد ذهبت إلى ربك مضمخا بالفضيلة وبالطيبة واللياقة والأدب في التنافس في تلك المرحلة كلها. وكما يذهب دائما الطيبون إلى الله ذهبت (يوم لا ينفع مال ولابنون إلى من أتى الله بقلب سليم)، كما يقول الذكر الكريم الحكيم . في جوار المولى مع الأبرار والصديقين والطيبين الذين يرتفعون إلى الرفيق الأعلى بعد أن يحاولوا طوال عمرهم أن يرفعوا من في الأرض نحو السماء، ومثلك لا يذكر أو يفتقد على قدر عمره بل على قدر قدره وعطره وخيره في حياته الدنيا وفي سبيله إلى الخلود، وأنت دائما مع مريديك ومحبيك". عياش وتحدث عياش فقال: "أن تقف أمام المنبر فتلك فيها رهبة وتوجس أما إذا كانت المناسبة الذكرى السنوية الأولى لكبيرنا عبد المجيد الرافعي فذلك مزيج من الرهبة والشعور بالمسؤولية والفخر والإعتزاز. لقد عاد الدكتور عبد المجيد الرافعي من سويسرا في أواخر الأربعينات يحمل ألمعية في شهادة الطب ووجهة نظر ثاقبة للحياة وكانت طرابلس قبلته وحبيبته التي ضحّى لأجلها بقسط كبير من حياته. ولما عصفت بالبلاد رياح الثورة الشعبية في عام 1958 كان طبيب الفقراء مرابطا على مدى الساعة ومتنقلا بين المناطق والحارات لبلسمة الجراح وإنقاذ الجرحى". أضاف: "أما عيادته الخاصة فكانت قبلة كل المساكين والمرضى وكان شريكا فاعلا في إنشاء معظم المستوصفات الخيرية وإبن نقابة الأطباء البارن وعلى مدى عشرات السنوات كانت طلة الحكيم تصنع الأمان والطمأنينة فعاش للفقراء ولكل أطياف المدينة التي نسج معها أطهر الصداقات حتى رفعته أصوات البلد إلى سدة مجلس النواب ولم يتخلّى ساعة واحدة عن واجبه الطبي، فتحية تقدير وإمتنان لصاحب الذكرى وشما في كل خواصر البلد وقناديل تضيىء من زيت مبارك من أمة مباركة". الأيوبي ثم ألقى العميد الدكتور هاشم الأيوبي قصيدة من وحي المناسبة تحدث فيها عن ملآثر الفقيد الراحل وخدماته الشعبية والإنسانية. يكن وألقى الدكتور صفوح يكن كلمة رئيس بلدية طرابلس المهندس أحمد قمر الدين فقال: "نجتمع اليوم لنحيي الذكرى الأولى لرحيل عزيز غال على قلوبنا الدكتور عبد المجيد الطيب الرافعين الحكيم والمناضل الفز العروبي المقدام الذي شهد له العدو قبل الصديق بإخلاصه وصدقه وإنسانيته وأخلاقه الرفيعة". أضاف: "لأن طرابلس مدينة الوفاء والأوفياء تأبى أن تنسى ذكرى أحبابها فقد بادرت لجنة تسمية الشوارع والساحات في بلدية طرابلس إلى إطلاق إسم حكيم الشعب الدكتور عبد المجيد الطيب الرافعي على أحد شوارع المدينة الرئيسية والذي أقر من رئيس وأعضاء مجلس بلدية طرابلس بالإجماع، وهو الشارع الممتد من ساحة القدس حتى تقاطعه مع جادة الملك سلمان بن عبد العزيز تخليدا لذكرى علم مميز وقد آن لمدينته أن ترد له جميله وأن تزين جزءا منها بإسمه فتحمله في قلبها كما حملها في قلبه سنين طويلة". الرافعي وألقت عقيلة الراحل السيدة ليلى بقسماطي الرافعي كلمة نوهت فيها بعمل الرافعي السياسي والانساني، داعية الى التأسيس للقاء دائم تنتقى لجنته التحضيرية بعناية، من نخب مدينة طرابلس للخروج من النفق المسدود، لتتابع بشكل إيجابي كل الأفكار والمشاريع في المدينة، مؤكدة ان مشاركتها في السلطة حق".




الجمعة٣٠ ÔÜÜæÇá ١٤٣٩ ۞۞۞ ١٣ / ÊãÜÜæÒ / ٢٠١٨


أفضل المقالات اليومية
المقال السابق طباعة المقال أحدث المقالات دليل المواقع تحميل المقال مراسلة الكاتب
أحدث المقالات المضافة
فؤاد الحاج - العالم يعيد هيكلة نفسه وتتغير توازناته فيما العرب تائهين بين الشرق والغرب
ميلاد عمر المزوغي - العراق والسير في ركب التطبيع
فؤاد الحاج - إلى متى سيبقى لبنان ومعه المنطقة في مهب الريح!
زامل عبد - سؤال مهم، هل المشتركات الايديولوجية بين جماعة الاخوان والصفويين الجدد انعكست في مظلومية غزة الصابرة المحتسبة لله؟- الحلقة الاخيرة
زامل عبد - سؤال مهم، هل المشتركات الايديولوجية بين جماعة الاخوان والصفويين الجدد انعكست في مظلومية غزة الصابرة المحتسبة لله؟ - الحلقة السادسة
مجلس عشائر العراق العربية في جنوب العراق - ãÌáÓ ÚÔÇÆÑ ÇáÚÑÇÞ ÇáÚÑÈíÉ Ýí ÌäæÈ ÇáÚÑÇÞ íåäÆ ÇáÔÚÈ ÇáÚÑÇÞí æÇáãÓáãíä ßÇÝÉ ÈãäÇÓÈÉ ÚíÏ ÇáÇÖÍì ÇáãÈÇÑß ÚÇã ١٤٤٥ åÌÑíÉ
مكتب الثقافة والإعلام القومي - برقية تهنئة إلى الرفيق المناضِل علي الرّيح السَنهوري الأمين العام المساعد و الرفاق أعضاء القيادة القومية
أ.د. مؤيد المحمودي - هل يعقل أن الطريق إلى فلسطين لا بد أن يمر من خلال مطاعم كنتاكي في بغداد؟!
زامل عبد - سؤال مهم، هل المشتركات الايديولوجية بين جماعة الاخوان والصفويين الجدد انعكست في مظلومية غزة الصابرة المحتسبة لله؟ الحلقة الخامسة
د. أبا الحكم - مرة أخرى وأخرى.. متى تنتهي كارثة الكهرباء في العراق؟!
زامل عبد - سؤال مهم، هل المشتركات الايديولوجية بين جماعة الإخوان والصفويين الجدد انعكست في مظلومية غزة الصابرة المحتسبة لله؟ ] - الحلقة الرابعة
القيادة العامة للقوات المسلحة - نعي الفريق الركن طالع خليل أرحيم الدوري
مكتب الثقافة والإعلام القومي - المنصة الشبابية / حرب المصطلحات التفتيتية للهوية العربية والقضية الفلسطينية ( الجزء السادس ) مصطلحات جغرافية وأخرى مشبوهة
الناطق الرسمي باسم حزب البعث العربي الاشتراكي - تصريح الناطق الرسمي باسم القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي حول مزاعم ومغالطات خضير المرشدي في مقابلاته على اليوتيوب ( الرد الكامل )
مكتب الثقافة والإعلام القومي - مكتب الثقافة والإعلام القومي ينعي الرفيق المناضل المهندس سعيد المهدي سعيد، عضو قيادة تنظيمات إقليم كردفان