تعريف المقاومة عند التيارات الإسلامية المقاومة : ينفي تيار المقاومة الإسلامية وجود صراع حقيقي مع العدو الصهيوني قبل ولادة «المقاومة الإسلامية»؛ كما يقول السيد حسن نصر الله في العام 1987، ويدعي انه كانت « هناك حرب إعلامية وسياسية ، ولم تكن هناك حركة صراع مادي- عسكري حقيقي» . بل إن السابقات على ( المقاومة الإسلامية ) كانت «تقاتل من داخل دائرة الاستعمار» ؛ و كان هدفها «استعادة الأرض مع غض النظر عن الوسيلة والأسلوب». ويستطرد قائلاً بدون اي سند تاريخي : "وإنما الأسلوب الصحيح، يتمثَّل بالنموذج الإيراني، الذي خلق الحالة البطولية ، في أن بعض المجاهدين في ( المقاومة الإسلامية ) يقتحم المواقع العسكرية للعدو «بروحية أن الإمام الحسين ( ع ) فيه ». ومن أجل ربط الاعتقاد الأيديولوجي بالمقاومة عند حزب الله، مع واقع إبعاد واقصاء كل المقاومين من أحزاب الحركة الوطنية اللبنانية عن ساحة المقاومة في لبنان، نستطيع أن نفسِّر حالة سعي حزب الله للاستفراد بالمقاومة ، وعليه فقد اصبح يجبُّ ما قبلها، بشكل صريح وواضح غير عابئ بالتناقض الصارخ مع المنطق ومع الحقائق التاريخية . من الواضح من هذا الربط أن مقاومة حزب الله ترفض غيرها، وهذا بالتالي يعرِّي المقاومة من أبعادها االوطنية. فتظهر وكأنها مقاومة تنحصر ضمن اطر مذهبية وطائفية بحتة، وفي هذا ما فيه من خطورة، وهي وإن أعطت نتائج إيجابية في نهاية المطاف، كما حصل في العام 2000، إلاَّ أنها أنموذج لا يجوز أن يتكرَّر، خاصة أن كل تجارب المقاومة قبل انطلاقة مقاومة حزب الله، دفع فيها المقاتلون الوطنيون من بعثيين وشيوعيين وناصريين وقوميين سوريين، وتنظيمات أخرى، بالإضافة إلى المتطوعين من أبناء القرى آلاف الشهداء والأسرى. وطبعاً في هذا ردٌّ واضح على السيد سامي كليب الذي اتهم ( التنظيمات اليسارية والقومية والإسلامية والعروبية ) بالقول أنها هي ( التي دمرتنا بشعاراتها ولم تدمر دبابة إسرائيلية واحدة ) . المقصيون عن واجب مقاومة العدو استمروا في مباركتهم استمرار المقاومة وإذا كان المؤيدون للمقاومة والمشاركون فيها، الذين يعملون على تحرير أوطانهم، رافعين شعار أن من واجب كل مواطن لبناني أن ينخرط في العمل المقاوم، باعتباره فرض عليه. مؤكدين بانه لا يجوز منع أحد من الإسهام في هذا الواجب المقدس ، مهما كان انتماؤه الديني أو السياسي. وهذا على العكس من منهج الحظر الذي مارسه حزب الله في المقاومة عندما حاول الاستئثار بها ومنع الآخرين من المشاركة بها مستهدفاً بشكل خاص اولئك الذين قاموا بتأسيس المقاومة الوطنية قبل سنين عديدة من تأسيس حزب الله نفسه ، على قاعدة الإيمان الوطني الشامل الذي هو الوحيد الذي يجمع اللبنانيين حول واجب مقاومة المحتل، وتحرير الأرض تحريراً كاملاً. وإن أكثر البراهين وضوحاً في الممارسة الخاطئة لحزب الله تمثلت في تقزيم واجب المقاومة الوطني ، واستخدام مصطلح ( المقاومة الإسلامية ) ، بل بلغ الامعان في تقزيمه أكثر باستخدام ( مقاومة حزب الله ) ، وإلغاء دور كل مقاوم ينتمي الى المذهب الشيعي لا ينتسب للحزب ذاته. وبالتالي فانه سعى الى إلغاء استخدام مصطلح ( المقاومة الوطنية اللبنانية ) ، وكأن المقاومة الإسلامية ليست جزءاً من الكل الوطني . والأكثر إثارة في كل ذلك ، هو أن حزب الله راح يستغلُّ بشكل فج ّ اسم المقاومة بالدعاية الانتخابية في أيار من العام 2018، متهماً من يصوِّت لغير لوائحه بأنه إما من ( شيعة السفارات ) ، أو أنه ( خيانة لدم الشهداء ) !! . وكأن مرشحي الأحزاب الوطنية ، الذين سقط لهم مئات الشهداء في مقاومة العدو الصهيوني، يخونون ( دم الشهداء ) . فكان التحريض المذهبي، حتى داخل اتباع المذهب نفسه ، هو العنوان الأبرز مما استثار ردود فعل سلبية من جميع الوطنيين الشيعة قبل غيرهم ممن يؤمنون بوطنيتهم اللبنانية وبعروبتهم وبانهم جزء لايتجزأ منها. ولعل اكبر دليل على ذلك هو أن كل الذين أسسوا المقاومة الوطنية في مواجهة العدو الصهيوني، والذين استبعدوا، أو استهدفوا وتم إقصاؤهم، أو تمَّ منعهم من متابعة واجباتهم الوطنية، قد ترفعوا عن اتباع ردود فعل سلبية، واضعين الوطن فوق الجميع ، فمنحوا حزب الله التأييد لمتابعة مهمة المقاومة، واحتفلوا معه بيوم التحرير في العام 2000. واضعين أنفسهم في خدمة كل من يقوم بواجب مواجهة العدو في عدوان تموز من العام 2006.