لا اعتقد ان هناك من هو اصلب واكثر قوة تحمل واعظم صبراً من العراقيين ،فهم يستوعبون الصدمات ويلعقون الدماء ويجمعون الأشلاء ويتعكزون على الجراح للنهوض مهما بلغت الصدمة من شدة والكبوة من خطورة ، ويقفون بصلابة بعد كل ملمّة ،فقد مرً علينا ، في تأريخنا الممتد في القدم ،ابشع واحقر عتاة الأرض واكثرهم دموية ووحشية وكان العراقي ينهض من بين الركام واقفاً على طول قامته ،وكان والى الان من اكثر الشعوب تفاؤلاً وحباً للحياة ،وها هو اليوم رغم غزارة الدماء التي مازالت جارية ورغم محنته بوجود المحتل الباغي واذنابه يستقبل الأعياد بتفاؤل وامل ، فهل هناك شعب يحتفل بالعيد ، وحسب آخر تقرير لمنظمة حقوق الانسان منذ الاحتلال اكثر من 3 ملايين شهيد وقتيل ،وما يقارب 6 مليون يتيم و2 مليون ارملة واكثر من 8 مليون بين مهجًر موزعين على 64 دولة ونازح يسكن المخيمات والبيوت المهدمة في الداخل ؟ وهل يحتفل ويتغنى ويتبادل التهاني بعيد الفطر او الأضحى وكل عيد ،من لديه 40% ممن يعيشون تحت مستوى خط الفقر و31% نسبة البطالة ،واكثر من 6 مليون امي ،واتساع رقعة التخلف وتصاعد نسب الامراض الخطيرة وعدد المتعاطين للحشيش والمواد المخدرة، وتفاقم نسب الجريمة في ظل سلطة المليشيات المجرمة وفي ظل موت العدالة ، وانتهاء الصناعة والزراعة و اقتراب جفاف الفراتين ، والفساد المستشري بكل المرافق ونهب المال العام ؟ وهل ابقى المتسلطون ما يمكن التفاخر به فها هو بلد النفط الغزير مدين بـ 124 مليار دولار الى 29 دولة و131 مليار دولار للبنك الدولي علماً ان مبيعات النفط خلال 2003 ـ 2016 بلغت ترليون دولار! ولم يتحقق أي منجز وحتى اليوم يعني شعبنا من الانقطاع الطويل لا بل غياب الكهرباء واضيف لها الماء وعموم الخدمات الضرورية والعامة والمشاكل تزداد ، والاعداء الحاقدون من دول الجوار يزحفون ويحتلون ابار النفط ويضمون الأرض بمرافقها وبساتينها ولم تبق للعراق الا اطلالة خجولة على البحر بعد ابتلاع خور عبدالله؟! ومازال المحتلون يتحكمون بالبلاد ويحركون الدمى الخزافية في السلطة بما يخدم اجنداتهم حتى بلغت الوقاحة والتحدي بنظام الملالي الفارسي ان يتفاخر بضم 4 بلدان عربية!؟ ومع كل بشاعة ووحشية ما تقدم ، الا ان إرادة شعبنا لم تضعف او ينهار او يستسلم ، وبقي العراقي مقبلاً على الحياة بابتسامة رغم حزنه وجراحه الغائرة عمقاً ومع كثرة محاولات لي ذراعه، فالانسان العراقي هو المستهدف لتعجيزه وقتل الفرح في صدره ،ولكنهم ،كما فشلوا في ترهيبه فشلوا بسياسة التخريب والفساد وظلاميتهم في دفعه الى اليأس والانتحار ،وظل ،كما هو ثابت وصلب لم ولن تهزه المعضلات ،وفي الوقت الذي تلف السوداوية قلوب ووجوه وممارسات المتسلطين ،فان احتفاء شعبنا بالأعياد دليل على انه شعب حي وقوي وعنوان لمستقبل متفائل عريض بآماله وواعد بنهاية قريبة لمحنته بطرد المحتلين واذنابهم وعودة اشراقة درة الأوطان بقوته ومكانته ودوره الفاعل في محيطه العربي والإقليمي والدولي.