مثلما قاد حب الرفيق المرحوم احمد ميشيل عفلق للإسلام وللرسول محمد صلوات الله عليه إلى خلق ( فكر أصيل ، وحركة جديدة ، وإيمان خلاق ، نمت كلها في جو الرسالة ) ، وقد انعكس ذلك الحب في حياته التي كان طابعها الزهد والتقشف والصبر، والحب، والتسامح والتواضع، وكل السمات التي ميزت تجربته الفكرية، والنضالية، التي حافظت على المعاني المستخلصة من استلهام جو الرسالة. فعلينا اليوم أن نسمح للحب البعثي لكي يقودنا إلى الاقتداء بمؤسس حزينا. يقول الرفيق المؤسس : ( القومية التي ننادي بها هي حب قبل كل شيء. هي نفس العاطفة التي تربط الفرد بأهل بيته، لان الوطن بيت كبير والأمة أسرة واسعة. والقومية ككل حب، تفعم القلب فرحاً وتشيع الأمل في جوانب النفس، ويود من يشعر بها لو إن الناس يشاركونه في الغبطة التي تسمو فوق أنانيته الضيقة وتقربه من أفق الخير والكمال، وهي لذلك غريبة عن إرادة الشر وأبعد ما تكون عن البغضاء. إذ إن الذي يشعر بقدسيتها ينقاد في الوقت نفسه إلى تقديسها عند سائر الشعوب فتكون هكذا خير طريق إلى الإنسانية الصحيحة... وكما إن الحب لا يوجد إلا مقرونا بالتضحية فكذلك القومية، والتضحية في سبيلها تقود إلى البطولة. إذ إن الذي يضحي من اجل أمته دفاعا عن مجدها الغابر وسعادة مستقبلها، لأرفع نفساً وأخصب حياة من الذي يحصر تضحيته في شخص واحد ) . واستنا إلى ما ذكره الرفيق المؤسس نضيف إلى الحب والعاطفة التي تربط ألبعثي بأهل بيته كدائرة أولى تليها دائرة حب الوطن ( القطر ) التي هي اكبر ومن ثم الدائرة القومية ( الأمة العربية المجيدة ) ، هناك دائرة مهمة وهي حب الحزب وحب الرفاق البعثين، وهذا الحب هو الذي سيقودنا إلى تحقيق مستقبل أفضل لشعبنا ووطننا وامتنا ، ويأتي ذلك من خلال التركيز على المفردات التي جاءت بكلام القائد المؤسس واستلهامها وهي السمو فوق الأنانية، الابتعاد عن البغضاء ، التضحية ، ونضيف إلى ذلك نكران الذات ونذكر بشعار ( ألبعثي أول من يضحي وأخر من يستفيد ) . ويستكمل الرفيق المؤسس حديثه عن الحب قبل كل شيء بالقول: ( إن الذي يحب لا يسأل عن أسباب حبه. وإذا سأل فليس بواجد له سبباً واضحا. والذي لا يستطيع الحب إلا لسبب واضح يدل على ان الحب في نفسه قد فتر أو مات. فكيف يجوز لبعض الشباب أن يتساءلوا عن الحجة الدامغة التي تقنعهم بان حبهم لامتهم العربية يجب أن يغلب حبهم لأي شعب أخر، ويرجح على كل ميل لهم نحو طائفة أو عشيرة أو إقليم؟ وكيف يجوز لهم أن يتساءلوا فيما أذا كان للعرب فضائل جديرة بالحب؟ إن الذي لا يحب أمته إلا إذا كانت خالية من العيوب لا يعرف الحب الحقيقي. وفي رأيي أن السؤال الوحيد الذي يجوز للشباب إن يطرحوه على أنفسهم وعلى أساتذتهم هو هذا: ما دمنا نحب امتنا بخيرها وشرها ففي أي طريق نستطيع أن نحول هذا الحب إلى خدمة نافعة وعلى إي أسلوب؟ الحب، أيها الشباب، قبل كل شيء. الحب أولا والتعريف يأتي بعده. أذا كان الحب هو التربة التي تتغذى قوميتكم منها، فلا يبقى مجال للاختلاف على تعريفها وتحديدها. فتكون روحية سمحة بمعنى أنها تفتح صدرها وتظلل بجناحيها كل الذين شاركوا العرب في تاريخهم وعاشوا في جو لغتهم وثقافتهم أجيالا فأصبحوا عربا في الفكرة والعاطفة. ولا خوف إن تصطدم القومية بالدين فهي مثله تنبع من معين القلب وتصدر عن إرادة الله، وهما يسيران متآزرين متعانقين، خاصة أذا كان الدين يمثل عبقرية القومية وينسجم مع طبيعتها . كل ما علينا فعله هو أن نتمتع بروح سمحة تفتح صدرها وتظلل بجناحيها كل الرفاق الذين يشاركوننا المسيرة النضالية ومن غير ذلك فالموت سيكون حتمي لحبنا لوطننا وشعبنا وامتنا.