في الأسبوع الأول من نيسان من عام سبعة وأربعين تسع مائة وألف، أشرقت شمس البعث فأضاءت دياجير الرجعية وكسرت قيود التبعية وأحيت كيان العرب؛ ورفدته بالطموح والإيمان وشحذ الهمم والإرادة الحرة، وبدأ فجر الثورة العربية ينبلج من بين خيوط ظلام الاستكانة والخنوع، مؤذنا بصبح إحياء عربي فريد ، عبر عنه القائد المؤسس أحمد ميشال عفلق أدق تعبير، واصفا بعث العرب بالظفر؛ ظفر الحياة على الموت..! مرت إحدى وسبعون سنة، بنا فيها البعث بفكره النير وإرادته القوية أجيالا من أطهر ما أنجبت هذه الأمة، رجالا تمثلوا الرجولة العربية في أجلى صورها التقدمية، احتلوا أعلى المراتب وتسنموا ذروة السنام في كل ميادين الحياة، علماء ومفكرين وفرسان ومناضلين وفيالق من الشهداء؛ مضوا بيسر الإيمان وقوة الحق لا يروعهم هول المنازلة، ولا تمنعهم موانع الذات، لأنهم بعثيون؛ مؤمنين بقضيتهم وعقيدتهم، شربوا حتى الثمالة حب أمتهم ودرسوا بنور فكرهم كل معاني البطولة والفداء.. في كل قطر عربي خلف البعثيون، على مرارة التجارب، وقسوة الواقع، حكايات بطولية وأنموذج ثورة وعنفوان لا يلين.. وكما يقول الرفيق فاضل أمين: لله فتيان الطليعة ويحهم .. ما كان أجدر ما أعز وأصبرا ساروا إلى جبل الكفاح وخلفوا .. في كل بيت دمعة وتحسرا أي والله، ما كان أعز نضال البعثيين المنقوش على جدار الزمن، وفي صفحات التاريخ، بكل غال ونفيس، وبالدم والآلام.. وبالصبر والأناة.. والتضحية والصمود! وحتى عندما وصل البعثيون إلى السلطة في بعض أقطار الأمة، أو شاركوا في صناعة قرار في بعضها، كانوا أنموذجا في التضحية ونكران الذات، ففي سورية، حل البعث العربي نفسه كالحزب، حبا في الوحدة بين مصر وسورية، وفي العراق المجاهد الصابر، بنى البعث أكبر تجربة عربية رائدة، قدمت للعرب وليس العراق وحده، كل ما هو ممكن من الدعم والعمل المخلص من أجل التحرر والوحدة، وهو أمر لا ينكره أحد، وحتى القضية المركزية للعرب، فلسطين لم يقدم لها أحد ولن يقدم لها، مثلما قدم البعثيون؛ وخصوصا النظام الوطني في العراق، نظام القائد العربي الخالد الشهيد صدام حسين، الذي أحب الأمة وأحب فلسطين وظل مؤمنا وفيا لقضايا أمته حتى اعتلى شامخا بزهو الشموخ منصة الخلود عشية عيد الأضحى المبارك، يحدو آلاف الشهداء الذين قدموا أرواحهم الزكية في سبيل بعث أمتهم ، نعموا وفازوا ، الشهداء أكرم منا جميعا .. واليوم ها هو البعث نفسه الذي أثقلته الجراحات وقدم الرقم القياسي في التضحيات في زمن قل فيه مثيله، حاضرا بصبر وجلد يتقدم ثوار الأمة في كل الملمات؛ ويقف العربي يغني مع الشهيد كمال ناصر: ويشهد الله هذا الدرب لا طمعـــا ولا إدعاء ولا زهوا مشينــــــاه وإنما من ضمير الشعب ثورتنـــا لم نعل يوما عليه بل رفعنــــــاه فالبعث للناس كل الناس موكبـــه جحافل الشعب ضمتها حنايـــــاه وما اصطفانا لنلهو في ملاعبـــه لكننا للجراحات اصطفينـــــــاه فالبعث وعي وإيمان وتضحيـــة والبعث همّ كبير قد حملنــــــاه نعم، البعث هو عقيدة الحرية والوحدة والاشتراكية، البعث هو النور الذي أفصح طوال إحدى وسبعين عاما عن آلام وآمال العرب، وجسد على الأرض أحلام الشعب.. في هذه الأيام يحتفل البعثيون؛ وحق لهم، بذكرى التأسيس، لأنهم بلا أدنى شك، لديهم من عظام التضحيات وجسام الأفعال وفريد البطولات، ما يجعلهم يحتفلون، رغم كل الآلام! فالبعث عقيدة رسمت طريقها منذ البداية بالتناسب مع طموح أمتها، أمة ما إن تحللت من قيود الاستعمار القديم حتى وقعت في حبائل الاستعمار الحديث الصهيوني والرجعية الشعوبية المقيتة، وبرزت لديها تحديات ومخاطر أكثر من ذي قبل.. وفي عمق هذا الموج المتلاطم من المخاطر، المحدقة بأمة العرب، أبى البعث العربي ومناضلوه الأوفياء إلا أن يستقبلوا قذائف الشر والبغي والاستعمار بصدورهم العارية، حتى ولو خذلهم القريب قبل البعيد..! اليوم، يقود البعث أعظم مقاومة في التاريخ، مقاومة عربية مجاهدة، خذلها العرب قبل الآخر، مقاومة شعب قدم كل ما لديه للعرب، وعمل العرب ممثلين في نظامهم الرسمي ونخبته السياسية والدينية المرتهنة، كل ما في وسعهم من نذالة لتدميره وتشريد أهله، إنه شعب الحضارات شعب العراق العظيم؛ الذي قدم آلاف الشهداء من البعثيين وغيرهم، ولا زال يقارع الحقد الصفوي الإيراني والاستعمار الصهيوني الغربي الأمريكي وحده، لا أحد يحس بالعروبة ولا بالإسلام ولا بالنخوة ولا بالكرامة أكثر من رجال البعث ورفاق الشهيد صدام حسين ورفاقهم في المقاومة العراقية البطلة..! ولا أدل على وفاء البعثيين؛ وحبهم الصوفي الطاهر لأمتهم، من رسالة القائد عزة إبراهيم للرئيس المصري التي تضمن " تذكيرا لعربي بواجبه تجاه أمته المستباحة من طرف إيران وأمريكا والصهيونية وعملائهم" وتذكير "لشعب مصر الكنانة بدوره الريادي في الأمة" وربما يكون ذلك حافزا لكل الشعب العربي في أي قطر عربي آخر وكل حاكم عربي يسمع ويرى ويعقل، على أن يحس بمرارة الواقع ويعمل شيء ايجابيا في سبيل عودة الأمة لتماسكها وحفاظا على أمنها القومي.. إن كانت نخبتنا العربية ( قومية وإسلامية ) موجودة ولديها القدرة على التفريق بين الحق والباطل، عليها أن يكون بمستوى الأحداث، وأن تعود للوعي ولا تسير بعيدا في متاهات التبرير والذوبان في سياسات الآخر، فطريق التحرر العربي واضحة لمن يريد..! هناك أعداء للهوية العربية معروفين، هم الاستعمار الغربي وربيبه الصهيوني، والعدو الفارسي الصفوي، وكل العناوين المرتبطة بشكل أو بآخر، من النخبة السياسية، بأحد الجهات العدوة لمشروع الأمة الحضاري في التحرر والوحدة والعدالة الاجتماعية، هي جزء من مشاريع مناهضة تحرر الأمة ! ولا أرى إلا أنه يجب على بعض النخبة السياسية العربية، وبعض القوى الثورية خصوصا، أن تبلور خطابا يتماشى مع ظروف الأمة حتى ترتقي إلى مستوى من التضحية والصدق والتجرد يجعل لها رصيد من القومية الثورية والجهادية والإخلاص والوضوح في الرؤى كما هو الحال عند حزب البعث العربي الاشتراكي ..! تحية للعبث العربي في ذكرى تأسيسه تحية فخر واعتزاز إلى حادي ركب المقاومة والتحرر الرفيق عزة إبراهيم الأمين العام لحزب البعث العربي الاشتراكي حفظه الله وسدد خطاه تحية لكل البعثيين مناضلين وماجدات المجد والخلود لشهداء البعث والأمة وعلى رأسهم سيد شهداء العصر القائد الخالد الشهيد صدام حسين رحمه الله ولرسالة أمتنا الخلود