سألت ابني .. ما رأيك بتغريدة " ترامب " الأخيرة ؟ وكان جوابه : عبالك ستتغير سياسة أمريكا بإقالة تيلرسون .. ثم أطلق ضحكة شفافة ومؤدبة نابعة من ثقة عالية بالإجابة !! . صبي عمره عشرون عامًا يدرك إن لعبة ( الحمائم والصقور ) هي لعبة سياسية كبرى تقوم على سياسة ( شد الحبال ) كلما تراخت ، وإرخائها كلما توترت وتصلبت .. وكما تحصل هذه اللعبة في إيران تحصل في أمريكا وتحصل في الكيان الصهيوني وباقي دول العالم !! . تصوغ بعض الدول سياساتها الخارجية في ضوء الإيهام بأن قوى الداخل هي جبهتان متصارعتان لحد الاقتتال أو لحد التنافس القوي أو التناحر الذي قد يفضي إلى كسر عظام المقابل .. ولكن ، يبقى الأمر مجرد لعبة سياسية - سيكولوجية مخادعة قد تنطلي على الكثيرين من السياسيين نجدهم يخوضون في نقاشات تخص قوى الداخل ويتوقعون متغيراته ويغدقون أموالهم وهواجسهم من أجل ( ضمان مستقبلي لسياسة دولة يرتجونها لبلدانهم ) . صحيح : لا يخلو أي داخل لدولة ما من صراعات قوى - ولكن يتوجب التمييز - وبعضها على خط التشدد كما يحصل في عدد قليل من الدول كمصر مع جماعة الاخوان المسلمين الذين يعلنون القتل والموت والإقصاء في مقدمة أجندتهم السياسية والتنظيمية ، وكذا الحال بشأن عناصر القاعدة وعناصر داعش وفروعهما التي تنتجها مطابخ الاستخبارات ( الأمريكية والإسرائيلية والإيرانية وغيرها ) .. بيد أن الدول الغربية وعلى مسارحها السياسية توجد قوى الصراع يسمونهها قوى ( الضغط ) ، كما يسمونها قوى اليمين المتطرف واليسار المتطرف ، وكذلك اليمين التقليدي المدجن واليسار التقليدي المدجن ، الذي يتمسح مع القوى السلطوية ذات الشأن .. نعم ، هذا يحصل ، ولكن الحديث هنا ينصب على لعبة ( قوى النظام ) وهي صناعة داخلية لها سيناريوات سياسية كما لها قواعد تحركها سياسة الدولة الأمريكية والإسرائيلية والإيرانية .. فهذا الأمر يختلف ، طالما يرتبط الأمر بمنهج أو نهج السياسة الخارجية لتلك الدول . وكما هو حال سياسات الدول العظمى ، كسياسة أمريكا لا ترتبط بوجود الأفراد مهما كانت تخصصاتهم ومعتقداتهم وانتماءاتهم ، فإنهم حين يتولون مناصبهم السيادية في أي إدارة أمريكية قادمة إلى البيت الأبيض ، لا يستطيعون تغيير السياسات - الاستراتيجية بمدياتها الثلاثة ، وخاصة العظمى منها ، إنما بمقدور الرئيس وطاقم إدارته أن يكيف ( أدوات ووسائل ) تنفيذ السياسة الخارجية الأمريكية على وفق واقع التحولات ، التي تجري على أرض الواقع .. كما أنه لا توجد استراتيجية أولية أو متوسطة المدى جاهزة عدى العظمى .. لأن الحركة السياسية والاستراتيجية الأمريكية تأتي في ضوء واقع ما يحصل من أحداث وتحركات ومواقف وردود أفعال .. وكل ما يقال عن إعداد أمريكا لخطة قريبة أو قصيرة المدى هو من باب التعثر في الفهم والإيهام . أما توقعات البعض بشأن خلفية هذا المسؤول أو ذاك ، سواء كان من باب التشدد أو التراخي حيال مسالة ما ، فهي توقعات غير دقيقة ، وكذا الأمر حول توقع تغيرات في السياسة الخارجية للإدارات الأمريكية المتعاقبة بتغير الرؤساء ومبادئهم - أي مبدأ الرئيس - والمسؤوليين ، فإنها توقعات لا تتطابق مع ما يحدث على أرض الواقع ، رغم أن التوصيف الذي يأتي في شكل نهج ( حمائم وصقور ) . " ماكس تيلرسون " وزير الخارجية الأمريكي لإدارة ترامب وصف بأنه متراخي ويميل إلى إيران فهو إذن على خلاف مع الرئيس " ترامب " .. وبومبيو رئيس الـ(CIA) وصف بأنه متشدد ولا يرتضي التعاطي مع السلوك الخارجي الإيراني المزعزع لأمن المنطقة واستقرارها وللأمن الدولي .. إذن ، فهو يتطابق مع الرئيس " ترامب " في رؤيته لسلوك إيران العدواني ، الأمر الذي يوحي بأن ترامب عازم على ( تقليم أظافر ) إيران .. وهذا الإيحاء هو في حقيقته ( مخدر ) يقتات على الزمن ليجعل من الحالة موتًا سريرًا لمن ينتظر فعلاً أمريكيًا يعيد الاستقرار إلى المنطقة ويكبح جماح إيران في تطاولها على القانون الدولي وعلى ميثاق الأمم المتحدة وعلى المجتمع العالمي الذي يتطلع إلى السلم الاجتماعي في أي منطقة في العالم . هذه الحالة الراهنة كيف يمكن تمييزها عن حالة العلاقة التي رسمتها إدارة أوباما حيال إيران والمنطقة ؟ ، لا اختلاف في المرمى سوى طريقة التعامل ، فبدلاً من أن تكون علاقة ( ليونة ظاهرية ) حيال إيران ، تكون علاقة ( ليونة باطنية ) حيالها ، والنتيجة واحدة تمامًا .. فلا إيران تم ردعها أو تقليم مخلب واحد من مخالبها سواء بصورة مباشرة أو بصورة غير مباشرة ، ولا مجلس الأمن قادر على إيقافها عند حدها لعجزه ، وحتى الجامعة العربية لم تفعل شيئًا إنما هي الأخرى قد دخلت منذ ما قبل عام 1991 في ردهة العناية المركزة ولا من استجابة قومية لما يجري في المنطقة العربية . والمعنى في ذلك ببساطة : Ãä ÃãÑíßÇ ÊÖÚ ÅíÑÇä Ýí ÏÇÆÑÉ ÇåÊãÇãÇÊåÇ ÇáÇÓÊÑÇÊíÌíÉ ÇáãÑÊÈØÉ áíÓ ÈÇáÃÞáíã ¡ ÅäãÇ ÈÑæÓíÇ ÇáÇÊÍÇÏíÉ æÇáÕíä æãÇ íÌÑí Ýí ÇáÔÑÞ ÇáÃæÓØ ¡ æáíÓ ÈÕæÑÉ ãäÝÑÏÉ .. ÝÃãÑíßÇ ÊÃÎÐ ÈäÙÑ ÇáÇÚÊÈÇÑ ÇáÚáÇÞÇÊ ( ÇáÅíÑÇäíÉ – ÇáÑæÓíÉ ) ¡ æÇáÚáÇÞÇÊ ( ÇáÅíÑÇäíÉ – ÇáÕíäíÉ ) ÝÖáÇð Úä ÇáÊÏÎá ÇáÚÓßÑí ÇáÑæÓí Ýí ÓæÑíÇ ¡ ÇáÐí íÍãá ãÓÇÑíä ¡ ÇáÃæá : ÏÝÇÚ ÇÓÊÈÇÞí ¡ æÇáËÇäí : ÊÚÒíÒ ÇáäÝæÐ ÇáÑæÓí ÈÇáãäÇÝÓÉ Úáì ÃÓÇÓ ÇáæáæÌ Åáì ÍÑÈ ÈÇÑÏÉ ÌÏíÏÉ ÊÚíÏ ááßÑãáíä ÅÑËå æãßÇäÊå Ýí ÞØÈíÉ ËäÇÆíÉ !! . Ýåá Ãä åÐå ÇáÑÄíÉ ÇáÃãÑíßíÉ ÇáÇÓÊÑÇÊíÌíÉ åí ÇáÊí ÊÑÓã ØÈíÚÉ ÇáÊÚÇãá ÇáÃãÑíßí ãÚ ÇáäÙÇã ÇáÅíÑÇäí ¿ ¡ æáÇ ääÓì åäÇ ÃÈÏðÇ ÇáãÕÇáÍ ÇáÃãÑíßíÉ ÇáßÇÆäÉ Ýí ãÌÑì ÇáÊæÇÝÞ ÇáÇÓÊÑÇÊíÌí ( ÇáÃãÑíßí – ÇáÅíÑÇäí ) ãäÐ ÇáÇäÓÍÇÈ ÇáÃãÑíßí ãä ÇáÚÑÇÞ æÊÑß ÇáÓÇÍÉ áÜ( æáí ÇáÝÞíå ) ¡ áßí íÚÈË ÈåÇ ßíÝãÇ íÔÇÁ !! ¡ æåá Ãä ÇáÓíÇÓÉ ÇáÃãÑíßíÉ Ýí ÇáÚÑÇÞ ÊÚíÔ ãÃÒÞðÇ ÃãäíðÇ æÇÓÊÑÇÊíÌíðÇ Ãã ÊæÇÝÞðÇ ßÇãáÇð ÚäÏ åÐå ÇáÍÇáÉ ¿ ¡ ÝßíÝ ÊÞáã ÃãÑíßÇ ÃÙÇÝÑ ÇáäÙÇã ÇáÅíÑÇäí Ýí ÇáÚÑÇÞ æÇáãäØÞÉ ãÇ ÏÇãÊ Úáì ÊæÇÝÞ ãÚ ÇáäÙÇã æÚÈËÉ ÇáãÓÊãÑ Ýí ÇáãäØÞÉ ¿ ¡ æáãÇÐÇ ÊÈäí ÞæÇÚÏåÇ ÇáÚÓßÑíÉ ÇáÖÎãÉ Ýí ÇáÚÑÇÞ æÝí ãÞÏãÊåÇ ÞÇÚÏÉ ( ÇáßíÇÑå ) ÇáÞÑíÈÉ ãä ÇáãæÕá ¿ ¡ æåá åí ÈÏíá áÞÇÚÏÉ ( ÅäÌÑáß ) ÇáÊÑßíÉ ¿ ¡ æåá áÇÑÊåÇä ÇáÎÒíä ÇáÇÓÊÑÇÊíÌí ÇáÚÑÇÞí ãä ÇáäÝØ æÇáÛÇÒ ááÃãÑíßÇä Úáì ãÏì ÚÞæÏ ÞÇÏãÉ æÈÊÔÑíÚ ÈÑáãÇä ÇáÍßæãÉ ÇáÚãíáÉ Ýí ÇáãäØÞÉ ÇáÎÖÑÇÁ ÊÍÊ ÞÇäæä ÔÑßÉ ÇáäÝØ ÇáÚÑÇÞíÉ ¿! . والأخطر من كل هذا .. كيف تتعامل أمريكا والغرب البراغماتي مع منهج ( الردع الصاروخي ) الذي تشهره إيران على أساس أنه لغة التفاوض الوحيدة لديها ؟! . إن سقوط جندي في لعبة الشطرنج يختلف عن سقوط قلعة أو حصان أو وزير .. لأن اللعبة بحد ذاتها محكومة بقواعد جيو - استراتيجية هي التي تقوم بتحريك البيادق وإسقاطها . وأخيرًا وليس آخرًا ، كيف ستنتهي لعبة القط والفأر بين أمريكا وإيران ؟ ، هل على قاعدة التوافق أم على قاعدة التناحر المستدام لحلب العراق والمنطقة من آخر ( بترودولار ) ممكن سحبه ؟ ، أم على وفق قاعدة التسوية الشاملة مع موسكو ؟ ، أم على قاعدة الحرب المستبعدة ؟! .