في ظل المخاطر الجسام التي تحيق بكافة اقطار الأمة دون إستثناء ، يأتي انعقاد المؤتمر الشعبي العربي الذي شهدته مدينة الحمامات في تونس للأيام 9 ، 10 ، 11 كانون الأول الجاري ، كضرورة مُلحة ومُلبيّة لحاجة الجماهير العربية المؤمنة الصادقة في التصدي لتلك المخاطر والمؤامرات التي تستهدف مُقوّمات وجودها ( أرضاً وشعباً وتراثاً ) . وبدى جليّاً ان الشعب العربي من المحيط الى الخليج يعيش في هذه الفترة بالذات حالة فريدة من اليقظة القومية والتنبه الوطني والإحساس بالأصالة التأريخيّة بشكلٍ يكاد يتميّز فيختلف عن الفترات السابقة من تاريخنا المعاصر . ونتيجة لهذا الوعي المتطلع بإخلاصٍ وحماسة الى التمسك بثوابت الأمة وتراثها وقيّمها ومآثرها ، جاءت إستجابة المؤتمرين من ممثلي الأحزاب والحركات والمنظمات والشخصيات العربية للحضور والمشاركة الفاعلة في المؤتمر الشعبي العربي ( الأول ) ، مُثمنين دور المناضلين الداعين لعقدهِ ورسم برامج عمله الآنيّة والمستقبليّة في حوار وتشاور علني حُر نقلتهُ العشرات من وسائل الإعلام المرئي المسموع والمقروء ، على عكس المؤتمرات التي كانت ُتعقد باسم العروبة والقومية الزائفة ممن ترفض الإدانة الصريحة للممارسات المجرمة التي يقوم بها النظام الإيراني الفارسي العنصري وأدواته واتباعه في المنطقة العربية . قطعاً حينما تعقد القوى القومية الأمينة مؤتمراً مُمولاً تمويلاً ذاتيّاً يتكفلُ فيه المشاركون مصاريف الذهاب والإياب والسكن وغيره ، تصبح الرؤى والقرارات حُرة مُجردة غير خاضعة لإملاءات خارجية وتدخلات تُمليها الجهات الداعمة ، كما هو حاصل مع من يتشدق ويتبجح بالفكر القومي " والعروبة منه براء " . بناءً على ماتقدم جاءت مُقررات البيان الختامي ملبيّة لطموحات الجماهير العربية ومعبرة أصدق التعبير عن آمالها واحلامها ، ومُشخصة للمخاطر والتحديات التي تواجه امة العرب بكافة أقطارها وعلى رأسها قضيتها الأولى ( القضية الفلسطينية ) وقدسها الشريف . وفي تلك الأجواء المخلصة الرائدة قرر المؤتمرون تشكيل ( جبهة وطنية عربية ) تحمل على عاتقها مواجهة النفوذ الإيراني الصفوي والإعتراف بالأحواز العربية المحتلة كدولة مستقلة والسعي لإنشاء ممثليّات دبلوماسية لها في الجامعة العربية ومؤسسات الأمم المتحدة ومحاولة تمثيلها في المنظمات الدولية الأخرى . ومما لاشك فيه فإن المؤتمر الشعبي العربي أثار اهتمام قاعدة عريضة وواسعة من حملة الفكر ورجال القلم وأهل الرأي ، ممن تميّزوا بشعورهم القومي وإحساسهم الوطني وارتباطهم المخلص والمتين بتراث الأمة وتاريخها ، وتحققَ للمجتمعين ما أرادوا من فعلٍ وتأثير . وفقّ الله جميع الداعين والمشاركين والمساهمين في إنجاحهِ وتهيئة مستلزماته ، خدمة ونصرة للقيّم والمباديء السامية التي تميزت بها امتنا العربية المجيدة .