لقد نقل لنا أهل التاريخ جملةً من القصص كما روى لنا أهل السير الأخلاق التي تحلى بها مجتمع الجاهلية, ومن أهم ما اجتمعوا عليه ثلاث:- الكرم والشجاعة والغيرة. وأما التي تحلى بها الكثير منهم فمنها العفة والترفع عن الدنايا، ومنها الصدق والوفاء، ومنها حفظ السر والترفع عن جليس السوء والحلم والرزانة وغير ذلك , ولهذا قال الرسول عليه الصلاة والسلام ( إنما بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق ) إننا نقارن اليوم بين من جاء مع المحتل ويسمون انفسهم اسلاميون وما يتحلون به من أخلاق وبين ما كانت العرب في الجاهلية تفتخر به . وسبب كتابتي ، هو أنني كلما طالعت تقارير منظمات حقوق الإنسان في العالم، وطالعت يوميا في موقع التواصل الاجتماعي، وقرأت الفظاعات التي ترتكبها الاجهزة الامنية الحكومية ، وما يتعرض له المواطن العراقي في كل مكان من مهانة وعدم احترام أدميته ، وما يمارس في المعتقلات من تعذيب بشع، سجلته منظمات دولية ,وما تتعرض له المرأة العراقية من حالات اغتصاب وتحرش وهذا ما أكدت عليه المستشارة د. وحدة الجميلي وهي نائبة سابقة ومستشارة ما يسمى رئيس برلمان الاحتلال وهي جزء من المنظومة الحكومية ... لقد باتت ظاهرة التحرش الجنسي بالفتيات والأطفال في مخيمات النازحين ظاهرة متفشية برغم من أن معظمهم من بيئة محافظة .. كل هذا يجعلنا نعود بالماضي ونستعرض اخلاق الجاهلية قبل الاسلام . 1- موقف للكافر الجاحد أبي جهل حين وقف في وجه شباب قريش الذين كان هو أحد الذين جمعهم ودفعهم لمحاصرة بيت النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم بعد أن طال الانتظار لخروجه اقترح أحد المشاركين باقتحام المنزل وتسوره إلا أن الفارس العربي والكرامة والمروءة تنتفض في أبي جهل الكافر ليرفض هذا المطلب المشين الذي يخدش الرجولة العربية ، فيعقب فرعون هذه الأمة كما لقبه النبي صلى الله عليه وسلم ناهرًا صاحب الرأي قائلاً : لا و ( اللات ) حتى لا تقول العرب : إننا فزّعنا بنات محمد .. إنه يريد قتل محمد ، وقد تآمر وجمع الشباب لقتله، ولكن أخلاق الفرسان تمنعه من أن يفزع النساء وقارن بين ما تقوم به الاجهزة الامنية من انتهاك لحرمة البيت والمرأة وتفزيع النساء والاطفال بحجة البحث عن مطلوبين و إن لم يجدوا المطلوب ، أخذوا أمه وأخته وأباه وإخوانه، ونكلوا بهم ؟!. 2- خرجت هند بنت أبي أمية وحيدة مع طفلها مهاجرة إلى المدينة لتلحق بزوجها عبدالله ووصلت خارج حدود الحرم عند ( التنعيم ) يصادفها ( رجل ٌ) من مشركي قريش هو عثمـان بن طلحة، الذي كان حاجب الكعبة في الجاهلية، فيراها على جملها وحيدة، خفيفة الزاد، غزيرة الدمعة، بادية اللهفة، فخافت على نفسها وولدها وظنت أنه الطلب جاء وراءها . سألها: إلى أين يا بنت زاد الراكب - وكان أبوها من أجواد العرب المعدودين - قالت له: أريد زوجي بالمدينة. فقال : أوَ ما معكِ أحد يا هند؟ قالت: لا والله، إلا الله ثم ابني هذا. فقال : والله مالكِ من مَتْرَك.. ولست عثمانَ بنَ طلحةَ إن لم أبلغك مأمنك عزيزةً حرة كريمة، فلا المروءة، ولا همة الرجال ترضى أن تُترك امرأةٌ مثلك وحيدة في هذه الصحراء العريضة. وأخذ عثمان بخطام البعير فانطلق به دون تردد، ولا تفكير، ولا موازنات.. قارن بين الانتهاكات التي وثقتها كل منظمات حقوق الانسان من ظاهرة التحرش بالنساء . 3- أبو سفيان عندما قابل قيصر ملك الروم، وسأله عن محمد وهو عدوه الأول، والمطلوب الأول لقريش، ومع ذلك كانت إجابته عنه كلها صادقة ومنصفة .. سأله عن أتباع محمد، وهل يزيدون أن ينقصون؟ وعن نسب محمد فيهم؟ وكل ذلك ويجيبه أبو سفيان بصدق لا يغير من الحقيقة شيئا، رغم بغضه لمحمد ، ورغم أنه على الشرك والكفر يجيب ويشهد بالحق أيام جهله وكفره ، ولم يُرد أن تؤثَرَ عنـه كذبة تعيره بها العرب . وقارن بين ما يتكلم به مرتزقة العملية السياسية ضد كل من يخالفهم الرأي وضد كل وطني .. ربما لو عاش كفار قريش ونحن نقارن بين أخلاقهم وأخلاق من جاء مع المحتل او دخل العملية السياسية بعد الاحتلال لرفعوا علينا دعوى سب وقذف، ولكان ذلك من حقهم، ولأوجب علينا الاعتذار .