لقد رافقت الكثير من الأسرى وهم بمواقع المسؤولية سواء بالحزب أو الدولة ، وتواصلت مع عددا منهم وهم في الأسر وتبادلت معهم الرسائل ، وتابعت جلسات المحكمة وأطلعت على الكثير من وثائقها فضلا عن تسجيل كل جلساتها ، وكتبت العديد من المقالات عن المحكمة ووضع الأسرى ومواقفهم ، وكل ما اطلعت عليه أعتبره أمانة لا يمكن التصرف بها لمواقف شخصية من هذا الشخص أو ذاك أو لكسب مالي . لقد عرفت أن الأسرار أمانة ، ومن ذلك أتمنى أن يعلمه الأخوة المحامين الذي رزقهم الله فرصة التوكل عن الشهيد صدام حسين رحمه الله ورفاقه ، رحم الله من استشهد منهم ، وفرج كربة من ما زال منهم بالأسر . انها نعمة لكم وفخر لأبنائكم وأحفادكم يجب المحافظة عليها ولا تضيعوها بنشر الاسرار التي هي أمانة ، لا بل الأكثر من ذلك أن تعتمدوا على أقاويل لا سند لها لاتهام هذا أو ذاك ، ولا ندري ما المصلحة من ذلك بهذه الظروف . لقد عرفت وأتمنى أن تعرفوا أن ( حفظ الأسرار شيء فطري ترشد إليه الطبيعة البشرية .. وهو خاصية إنسانية في العلاقات الاجتماعية من حيث تعامل الفرد مع الآخرين .. وهو من أعظم أسباب النجاح ، وأدوم لأحوال الصلاح .. وهو أمانة كبرى يجب رعايتها ، وعدم إفشاء ما يُدار فيها من أمور.. ولو سُمح للخيانة وفشو الأسرار بالانتشار ؛ لزالت المعاني الإنسانية ، كالأمانة وكتمان الأسرار ، من حياة الناس ، وتحولت الحياة الاجتماعية إلى جحيم لا يطاق ). وقد قيل ( قلوب العقلاء ، حصون الأسرار ) .. وما أروع ما قاله عمر بن عبد العزيز رحمه الله ( القلوب أوعية الأسرار ، والشفاه أقفالها ، والألسن مفاتيحها ، فليحفظ كلُّ امرئ مفتاح سرِّه ) . و عَن جابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ :عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : ( إِذَا حَدَّثَ الرَّجُلُ الْحَدِيثَ ثُمَّ الْتَفَتَ فَهِيَ أَمَانَةٌ ) وقال السلف ( إن من الخيانة أن تحدث بسر أخيك ) . لذلك فحفظ الأسـرار وكتمانها أمانة عظيمة ، يجب الوفاء بها، وقد حثَّنا الشرع عليها، وحذَّرنـا من إفشاء الأسـرار والتفريط فيها، قال الله عز وجل :- ( وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولاً ) سورة الإسراء : 34، وقال. ( وَالَّذِينَ هُمْ لأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ ) سورة المؤمنون: 8 .. ولذا؛ فإن المحافظة على الأسرار أمر عظيم لا يقوم به إلا الخلَّص من الناس . لقد أكد الكثيرون على هذا الأمر المهم ، ومنهم من قال ( صيانة السر واحترام أسرار الآخرين ميزة إنسانية مرتبطة بالإرادة والإدراك. فالذين يفتقرون إلى الإرادة لا يستطيعون حفظ السر، كما أن السذج والبسطاء الذين لا يدركون عواقب ما يعملون أو ما يقولون لا يمكن أن يكونوا كتومين .. لقد خلقت الصدور كي تكون صندوقاً للأسرار، والعقل قفلها، والإرادة مفتاحها. فإن لم يكن في القفل وفي المفتاح أي ضرر أو عطل لما كان بإمكان أحد الاطلاع على الجواهر الموجودة في هذا الصندوق ). احذر أخي الكريم أن تضيع أمانة استودعتها ، وتضييعها أن تحدث بها غير صاحبها فتكون ممن خالف قول الله :- ( إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا ) سورة النساء : 58 .. فتكون من الظالمين وتحشر في زمرة الخائنين. احذر أن تكون قتاتاً :- والقَتَّاتٌ هو النَمَّامٌ ( أن الرجل يجلس إلى القوم فيخوضون في حديث وربما كان فيه ما يكرهون فيأمنونه على سرهم فذلك الحديث كالأمانة عنده فمن أظهره فهو قتات ) . ما دفعني لأن أكتب هذا كنصيحة و ( الدين النصيحة ) عسى أن يطلع عليها الأخوة الذين اطلعوا على أسرار الأسرى والذي بعضهم أخذ يتحدث بالفضائيات ويذكر أمور خارج ما يخص المحكمة ويتهم البعض ويفشي بأسرار اؤتمن عليها من قبل موكله ، ويلتقط أمور بسيطة حدثت من جراء ارهاصات وظروف الاعتقال بها جوانب سلبية لكنه لم يتحدث عن مواقف البطولة والوفاء وصيانة العهد والايثار بين الأسرى ، لم يتحدث عن موقف الشهيد برزان وهو يهتف للحزب والعراق ، ولم يتحدث عن موقف الشهيد عواد حمد البندر وهو الذي لا يساوم ويحافظ على العهد عندما عرضوا عليه المساومة مقابل عدم إعدامه ، ولم يتحدث عن موقف الرفيق محمود ذياب الأحمد وهو يصدح بصوته دفاعا عن القائد والعراق ( عاش العراق .. عاش شعب العراق .. عاش القائد صدام حسين ) ، ولا عن الموقف البطولي والشجاع للرفيق سيف المشهداني فرج الله كربته وهو يهتف للعراق والحزب والقائد ، وعشرات المواقف البطولية لأغلب الأسرى . وآخر ينشر مقالات يتهم بها آخرين ويستخدم تعابير لا تليق به ولا بأي محامي ، ومثل هذه الاتهامات لا تمس الشخص المعني نفسه بل تنسحب على عائلته وعشيرته وربما تكون ورائها عواقب ، فهل لا يدرك من يقدم على مثل هذا الفعل تلك العواقب ؟. وأين الأمانة والمحامي مؤتمن على أسرار موكله مثلما الطبيب مؤتمن على أسرار مريضه ، فهل لم يستفد الأخوة من سلوك الطبيب علاء بشير الذي خان الأمانة واستحق ما نشر عنه من كونه خان الأمانة وناكر للجميل، ولعنه أقرب المقربين منه . أخيرا أقول للأخوة عليهم بالحكمة التي تقول ( قل خيرا أو اصمت ). اللهم إني بلغت اللهم اشهد.