وها هي فلسطين العزيزة قد صارت أو كادت تصير نسياً منسياً، وفرغت الساحة كلها للملوم ولقطاء بني اسرائيل كي يجربوا برؤوسنا المجنونة كل أساليب تزوير التأريخ وحفريات زمان الغفلة والرداءة والهزيمة المنورة، حتى بقي شعبها الجبار الخلاق العنيد العظيم وحيداً فريداً مكشوف الظهر، وهو ينظر بعين العتب والزعل النبيل صوب أشقائه الذين منهم من نام على ضيم ولذة، وآخرون يتذابحون في حروب بينية وفتن وحرائق داخلية فتكاد نار العرب الأمجاد تأتي على ما تبقى من حطبهم. ماذا جرى لكم أيها العرب التعساء، كي تصير أجسادكم وأحجاركم مضافات مجانية لإطلاقاتكم وصواريخكم وبواريدكم التي كلفتكم خزنات مكنوزة من نفط ودولار وكرامة؟ ما هذا المنظر العجيب الذي يحتفل ويرقص ويغني فيه جند الغزاة الإسرائيليين الأشرار فوق هضبة الجولان المغتصبة منذ خمسين سنة، وهم يرون الى أسفل الأرض فتتكحل عيونهم الجشعة بأهل الشام يأكل بعضهم بعضاً؟ ماذا جرى لك أمتي الحبيبة العجيبة الغريبة، وقد نسيت حتى القسم السهل من أضعف الإيمان الذي هو مظاهرة مليونية هنا وفيض أدعية هناك وتحت أيمانكم وأيساركم الكثير من الممكنات التي لو استعملتم عشرها لانفتحت قدامكم بوابات فلسطين من دون تصويب طلقة واحدة؟ أنتم تدرون جيداً ومتيقنون من أن أمريكا الوغدة هي راعية وساقية وحامية اسرائيل، وهي التي تعشق المال والنفط وذهبكم الظاهر والباطن، وهي مستعدة لقتل نصف سكنة أرض الله، كي تبقى شركاتها العملاقة تحلب ضروعكم الدسمة، فامسكوها من اليد التي توجعها وقولوا لها بصوت هادر موحد، إن قواعدك العسكرية وقواعدك الاقتصادية النفطية والتجارية لن تبقى بعد الآن راكبة فوق ظهورنا ما لم تتحرر فلسطين كلها أو على أقل تقدير أن تقوم دولة فلسطين العربية المستقلة تماماً وكمالاً فوق الأرض التي كنا عليها قبل الرابع من حزيران من سنة الرمادة الف وتسعمائة وسبعة وستون، مع عودة كل الملايين الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق وما زالوا يخبئون مفاتيح الديار في جيوبهم وقلوبهم؟ قاطعوا اسرائيل اللقيطة الزانية ولا تتاجروا معها فوق الطاولة من دون خجل، وتحت العباءة بما تبقى من ذرة غيرة وضمير. نعم إنّ جروحنا عملاقة ونازفة تكاد من فرط وجعها تصيح، لكن ثمة أطفال وفتيان ونساء وشيوخ جبابرة يحمل واحدهم حجراً مقدساً ويزرع جسده الفدائي الطاهر بحلق مدفع الغزاة وبعيون المجرمين القتلة، فاطفئوا حرائق الدار الكبرى وتوكلوا عليه وعليكم واشلعوها من أفواه الغزاة ومن والاهم أجمعين.