العراق هو المهد الأول للحضارات القديمة ومهبط للتنبؤات والشرارة الأولى للإضاءات في الفكر البشري، وهو المنطلق الأول لتطور الحياة البشرية في شرق الأرض ومغاربها، وأول من عرف الكتابه ونور طريق العالم بأسره هي حضارة العراق .. ومن أهم الحضارات التي عرفها العالم التي ولدت في العراق هي ( الحضارة الأشورية، والحضارة الأكدية، والحضارة السومرية، والحضارة البابلية .. وأكثر من ذلك من انجازات رسخت وطبعت للحضارة الأولى فكيف لنا أن نهمل هذه الثروة التي من علينا بها الله سبحانه وتعالى دون خلقه؟ .. لماذا لا نستطيع أن نحمي الحضارة، أن نحمي العراق ؟ .. سؤال يجب أن يفكر به العراقيين جميعا .. هل عددنا لا يكفي، هل نحن بلد فقير، هل عدتنا لا تسعفنا .. أمريكا واسرائيل وايران تخطط أن تقود العراق الى قاع الظلام ، و ( حكومة الضرورة ) الحالية صورية لا أكثر، والا لماذا لا تستطيع أن تحمي البلد من الارهاب والبطش وبراكين الدم ؟ .. و لماذا حكومة العراق الآن غير قادرة على حماية نفسها وحماية مواطنيها وحماية اقتصاد العراق فتنهبه هي وغيرها وكأن الجميع في حالة هجوم مركز على خيرات العراق تاركين المواطن العادي والفقير يموت تحت عجلات ديكتاتورية فاشلة حتى في حيثيات الديكتاتورية، أين الديموقراطية المزعومة التي جاء بها الاحتلال وتداعياته ؟ .. ان كلمة ديموقراطية تبدو لي ازاء ما أرى فارغة من مضامينها، لأن المواطن في العراق يحتاج الى أمان ولقمة خبز، لأن المواطن العراقي لا يهمه الآن سوى الأمان ولقمة الخبز، لا يهمه الديموقراطية بقدر ما يهمه أن ينام دون أن يضع ألف متراس خلف الباب ويتصور أن بيته سينفجر وهو في نومه العميق !! ، ولا أظن أنه نام نوما عميقا منذ أن هب هواء الديموقراطية الكاذبة التي بشر بها طغاة هذا الزمان، كجورج بوش ومن هم على سدة الحكم في العراق منذ احتلال العراق حتى الآن!! .. لهذا الجميع يتسائل أين حضارة العراق العريقة ؟ .. الى متى سيبقى شعب العراق غارقا في نزاعاته وصراعاته وحروبه وجنونه؟ .. الا يفهم الشعب العراقي بكل طوائفه ومذاهبه وقومياته أنه لو لم يتضامن مع بعضه بعضا سيرزح تحت أنياب الغول الغربي وتحت قادة غير مفصلة على مقاسات العراق؟ .. ان العراق أكبر من قياسات الضرورة لأنه الضرورة بعينها، ضرورة أن ينهض من تلقاء نفسه وليس من خلال ضرورات الغرب أو ضرورات رؤى ظالمة و ظلامية أخرى .. العراق كان مهد الحضارات والآن هو بؤرة خصبة للفساد والهلاك، هلاك المواطن بكل تلاوينه، ألا يفهم ويعي العراق بكل مواطنيه كيف يحلل الأديان والمذاهب والأقوام والسياسات والتأريخ والحضارة والواقع المدمر الآن ؟ .. ويعطي لكل ذي حق حقه ؟! .. يتحتم على كل عراقي أن يتخلَى عن رؤاه التي لا تخدم العراق، فكل رؤية تقود الى صراع دموي مهما كان مستندها ومحتواها وجوهرها هي فكرة عتيقة خرافية شريرة عفا عنها الزمن .. على الجميع أن يتجاوزوا برامجهم التي تصب في منحى الظلامية القمعية المتشددة، وعليهم أن يتمسكوا بكل ما هو عادل وقانوني وانساني، وأن يسنوا قوانين جديدة قوامها المواطن الانسان، بعيدا عن لغة المذاهب والمحاصصة، وعلى الجميع أن يحترم خصوصيات كل هذا الخليط الديني الموجود في العراق ويدعم كل طرف بقية الأطراف من منظور المواطنة، لأن لكل مواطن كيفما كان دينه وجنسه وقوميته ومذهبه حق مثل أي مواطن آخر، وقيادة الدولة يجب أن تقوم على بناء مؤسسات يقودها مواطن جدير بقيادتها وليس بحسب الرؤى الدينية والقومية والمذهبية والعشائرية، يجب أن تكون المسؤولية ملقاة على عاتق قادة يفهمون لعبة انقاذ العراق من دمار محتم طالما ينظرون من منظور ديني طائفي متعصب كل واحد لطرف ضد آخر، لأن بناء العراق أو أي بلد في دنيا الشرق والغرب والشمال والجنوب من بقاع الدنيا يقوم على أكتاف مواطن يفهم ويحلل متطلبات بلده ضمن اطار العدالة والمساواة والحرية والحق بعيدا عن التعصب، وبهذا المنحى سيتم منح كل مواطن حقه في العيش والوئام المشترك مع الحفاظ واحترام معتقدات كل مواطن، دينيا ومذهبيا وقوميا، وأن لا يتعدى أي طرف على طرف آخر، على أن يتم قيادة الوطن ضمن اطار العدالة والمساواة والحرية كمنظور دستوري وقانوني وأخلاقي، وبه نحفظ تراثنا وأرضنا وثرواتنا من كل الأيدي الخفية التي تتستر بالدين لكي تنهب وتخرب حضارتنا العريقة.