يعرف الواقع في علم الفلسفة بحالة الأشياء كما هي موجودة، وكما وجدت حولنا، وما وجد فعلا عكس الخيال والوهم و يقال الواقعي على ما يكون راهناً أو معطى كحقيقة أو فكرة بوصفها غرضاً فكرياً ويفيد الأشياء كما هي لا كما يمكنها أن تكون . أما الخيال فهو كل شيء لا يقر به عـقل الإنسان في الرؤيا والحقيقة والتي لا يمكن للعقل تصورها من عمق معرفته للشيء الذي لا معالم له , فهو الهاجس والمخيلة والأمنية والحلم . على هذا الأساس أمكن تقسيم أو تصنيف ما يمكن أن يمر به أي إنسان أو بلد من وقائع مستقبلية وإمكانية حدوث أي تغيرات فيها على منطق الواقعية أو الخيال . ,ومن هذا المنطلق , يمكننا الحديث عن كيفية دفع دفة النجاة بوطننا وأمتنا نحو بر الوحدة لتحصد ثمار حريتها مكملة مسيرتها على طريق التقدم والإزدهار , لتكون محصلة النضال الطويل عودة أمجاد أرض يعرب بعلمها وثقافتها وقوتها كحقيقة ملموسة لا خيال زائل . الواقع الاجنبي لا ينكر عارف أن واقعنا العربي بأمس الحاجة للإصلاح إجتماعياً وسياسياً وإقتصادياً , فرغم أن الأرض العربية قد ولدت أولى الحضارات وأنهلت على العالم بعلمها وسمت بثقافتها وخرجت أساطين في كافة الإختصاصات من الذين لا تزال جامعات الغرب تدرس مناهجهم وتستخرج أسرار أفكارهم , إلا إننا لا نرى لها أثراً في مجتمعنا بل وبالعكس تغزوا الأفكار الغريبة وموضات الملابس الغربية وتستوحي أفعالها من التقليد الأعمى لعادات شعوب أجنبية متناسية مناهل المعرفة العربية الأصيلة . أما سياسياً فلا تزال سطوة الأجنبي مسيطرة على كل خطوات الأنظمة الحاكمة تأمر بأمرها وتنهى بنهيها علنياً أم من تحت مقاعد عرشهم . إقتصادياً ترزخ تحت ضغوط الإستيراد والتمويل الغربي رغم أنها تمتلك أغنى الخامات الصناعية والزراعية , تُمنح إمتيازات التنقيب والزراعة لشركات العالم بدلاً من إستثمار أموالها وطاقات شبابها . كل ذلك يحصل على المراء من غير تحريك ساكناً لتغيير هذا الواقع بل نشكوا حالنا لمن أذانا ونخذل حقنا بخنوع صوتنا , مفجعين بالصمت راضين بـ ( واقع الحال ) . الخيال العربي كحال أي خيال يجنح أحياناً متجاوزاً سيطرة الإقطاع الأجنبي , يحلم الشارع العربي بالحرية متغنياً بتلك الأمجاد القديمة , يلون لوحات الحاضر بألوان الماضي , رغم توفر كل أدوات رسم المستقبل بين يديه , إلا أنه يتناسها ويتجاهلُ كل محفزات التقدم . تبرز من بين طيات تشائمه أحزاب العمالة والفساد , راقصة على ضحايا الصمت , والحلم بالحرية يرتع على بعد مرمى الحجر أسير للخيال . تحقيقه سهل , لا يحتاج إلا لسماع صوت الحقيقة المدافعة عن حقها في قلوب معشر الجموع العربية , بدلاً من تجاهله , حينها يتحول الخيال العربي الى واقع وحدوي . على هذا الأسس لم يقدم أي جديد ولكنها نداء سبقه ملايين النداءات , تصرخ بالثورة ضد الطغيان والتفرقة , لتعيد ثوب الحرية الوحدوية الى أحضان أمتها العربية . خيال ينتظر واقعهُ , وما أقرب الواقع لتحقيقه .