تابعتُ كسِوايّ من العراقيين والعرب وقائع القمة الأمريكية والعربية والإسلامية ، التي أنهَت اعمالها ليل امس الأحد 21 آيار الجاري ، في العاصمة السعودية الرياض . ولا أُخفي السادة القراء ، اني قضيتُ عطلة نهاية الإسبوع التي لا استغني عنها ، كتعويضٍ طبيعي للأيام الخمسة من العمل المُرهق ، يفترض ان تكون مُتنفساً للراحة والإسترخاء ، قضيتها بتوترٍ نفسي وقلقٍ مشروع لِمْا سيتمخض عن هذه القمة من قرارات وإجراءات ، أحسَبُها مصيرية في الوقت الراهن للعراق والأمتين العربية والإسلامية في صراعٍ مع اعتى نظام إرهابي دمويّ يسعى ومنذ ثمانية وثلاثين سنة الى بذر الفتنة الطائفية وتمزيق نسيج وأوصال المجتمعات العربية ، مُستغلاً الورقة المذهبية أسوأ استغلال في التلاعب بمشاعر وعواطف الجماهير ، وتبنيه الدفاع زوراً وبُهتاناً عن آلِ بيت النبوة الأطهار ، مُتسربلاً بسربال الدين المُحَرف لتغطيةِ أسمالهِ المُتهرئة . وصدقاً لم أجد تفسيراً لتَعَرُضِ عدد من الأساتذة في مقالاتهم المنشورة منذ توافد ممثلي الدول الـ (( 55 )) المشاركة فيها ، سلباً وطعناً وتهكماً على المملكة العربية السعودية وقيادتها السياسية ، في تطابقٍ وتوافق مع الهجوم الذي شنهُ العميل " حسن نصر الله " يوم الأول من أمس في خطابٍ مُتلفزٍ مُجترٍ لخطابات سابقة بالمفردات والسياقيات اللفظية ، لاجديد فيه سوى بعض كلمات التهكم والشتائم المُستحدثة . وفي الوقت الذي أُدينُ فيه خطابه القميء ، أُعربُ عن رفضي واستنكاري لتداولهِ وتوزيعه من قبل البعض من اصدقائي الوطنيين عبر برنامج الـ (واتس آب) ، وكأَني بهم مُعجَبين ومؤيّدين لمحتواه سواءً عن غباء او سذاجة ، وربما كليّهما . أعي جيداً ان النقد حالة مشروعة وحقٌ طبيعي لأهل الفكر والرأي ، شرط ان يتناول الناقدون للحدث او القمة موضوعة البحث هنا ، لجوانبها كافة ، بمعنى ، لايحق لنا ان ننتقد السعودية وغيرها من الأقطار العربية دون إنتقاد النظام الفارسي والتعريج على الأسباب والمسوّغات التي دفعت العرب الى الإستفادة من الإدارة الأمريكية الجديدة والمتمثلة برأسها " دونالد ترامب " . ولكي نُشخص من يكيل بمكيّاليّن مُتنافريّن ، نتساءل هنا : لماذا يحق لإيران وحلفائها الإستقواء بروسيا والصين وغيرها ، ولايحق للعرب ان يُجيِّروا المصالح الأمريكية لخدمة اقطارنا وامتنا ؟! أليسَت تلك بمفارقة ؟! يقتضي الإنصاف الإشارة والتذكير ، الى ان السعودية واليمن والإمارات والبحرين وغيرها من الأقطار حاولت وسعت بكلِ جُهدها الدبلوماسي المباشر وغيره ، للحدِ من تدخُل ايران في شؤونها المحلية والعربية ، دون جدوى ، بل ووصل الأمر بعدد من دول الخليج حد التوسل اليها في الكفِ عن محاولاتها لزعزعة امن واستقرار المنطقة والتراجع عن شعارها القبيح القاضي بتصدير ثورتها البائسة اليهم ، إلا انها لم ترعوِ ولم تستجب ، بل على العكس ، تمادت في افعالها الشائنة ومشروعها التوسعي العدواني ، إذ لايمضي شهر دون ان تعلن احدى الدول عن القائها القبض على مجموعة من المخربين او تفكيكها لشبكة تجسس وإرهاب لصالح الدولة الصفوية . وليس اصدقُ تصريحاً مما جاء في خطاب الملك سلمان بن عبدالعزيز ، وهو يفتتح القمة ، حين استعرض تاريخ العلاقات العربية الإيرانية ، إذ قال فيما قال : إن "إيران تشكل رأس حربة الإرهاب العالمي"، وأضاف ان بلاده " فاض بها الكيل من ممارساتها العدوانية وتدخلاتها " . وشدد العاهل السعودي على أن إيران "رفضت مبادرات حسن الجوار التي قدمتها دولنا بحسن نية ، واستبدلت ذلك بالأطماع التوسعية والممارسات الإجرامية، والتدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، ضاربة بالقانون الدولي عرض الحائط، ومخالفةً مبادئ حسن الجوار والعيش المشترك والاحترام المتبادل" . مضيفاً : " لم نعرف إرهاباً وتطرفاً حتى أطلت ثورة الخميني برأسها " (( انتهى )) . امام الجزء اليسير لما تقدم من إيضاح للتهديد القائم والجرائم التي أزكمت رائحتها الأنوف ، تأتي هذه القمة مُلبية لحاجة العرب المُلِحة في عقدها ، وإنْ كانت تحالفاً مع الشيطان الأكبر البعيد ، ضد الشيطان الأصغر القريب والأكثر إيلاماً وإيذاءً . أكادُ أ ُجزِمُ ، كانت عيون الجماهير العراقية والعربية ، من المحيط الى الخليج ، تتطلع لهذا اليوم وهيَّ تُعلِقُ آمالها على خادمِ الحرميّن الشريفيّن وحكومتهِ ، فيما قاموا به من جُهدٍ عظيم سيأُتي أ ُكُلهُ قريباً ، ليضع ايران وعملائها بالمنطقة في زاويةٍ حرجةٍ تحِدُ من تدخلاتها وتُقَلّمُ اظافرها حدَ القلعِ وتُخيّبُ آمالها واحلامها التوسعية التي فاقت عشرات المرات اضعاف حجمها . أما عن الـ (( 110 )) مليار دولار صفقة الأسلحة الحديثة التي أبرمتها المملكة مع الولايات الأمريكية ، والذي صدّعَ البعضُ فيها رؤوسنا ، على انها تبديد للمال العربي (( ماشاء الله )) . ايها السادة : ماذا عن الترليونات التي بددها حكام المنطقة الخضراء خلال (( 14 )) سنة ؟ هل لكم ان تُحدِثونا عنها ؟! . ان اموال العراق سُرقت في وضح النهار وأُرسِلَ ثلاثُ ارباعها الى إيران على رؤوس الأشهاد كسراً للحصار الذي فرضهُ عليها المجتمع الدولي ، بينما شعبكم يأنُ ويتضوّرُ جوعاً وعوزاً . ثُمَ اين المثلبة في قيام دولة عربية بإستثمار اموالها في الحفاظِ على سيادتها وأمنها العربي واستقرارِ شعبها ؟! اليوم اصبح البعض ينظُرُ الى امريكا على انها دولة استعمارية غاشمة لايجوز التعامل معها ، واقولُ مؤيداً نعم والفُ نعم ، بيّد السؤال المركزي : اين كان هذا البعضُ حينما غزت امريكا ذاتها العراق واحتلتهُ وقتلت وشردت الملايين من شعبهِ ؟! . إرحمونا يرحمكم الله .