العملية السياسية المخابراتية في العراق مصابة منذ 2003 ولحد الان بمرض هشاشة العظام المزمن . الأمريكيون لم تكن لديهم رؤية واضحة حول العراق ، والكثير من التطورات التي حصلت لم يحسبون لها حسابا. اعتمدوا على معلومات غير دقيقة من عملاء قالوا لهم العراقيين يستقبلونكم بالورود , لكن أتت الرياح في العراق بما لم يشته بوش كما يقول البروفيسور باكيفتش الذي خدم في حرب فيتنام برتبة عقيد في الجيش الأمريكي. وكانت تلك الحرب قد أثبتت أنه رغم أنه لا توجد قوة عسكرية في العالم تفوق قوة الولايات المتحدة فإن تلك القوة لا يمكن الاعتماد عليها وحدها في تحقيق النصر . الامريكان لم تكن لديهم خطة واضحة للتعامل مع الأحداث. كان هدفهم اخراج انفسهم من المستنقع المرعب الذي اهلك الجيش الامريكي , بعد تعرض المشروع الأميركي في العراق وفي المنطقة الى الانهيار والهزيمة ما فعله الامريكان في العراق انهم سلموا زمام الامور بيد المرتزقة والحمقى وسماسرة السياسة والحروب الذين جلبتهم على ظهر الدبابة الأميركية الملالي وغيرهم من الفئات الأخرى التي تسعى إلى تفكيك بنية العراق ، اشخاص ليس لديهم دخل بالسياسة وأغلب هؤلاء ما يسمون بالسياسيين الموجودين في العملية السياسية ليس لديهم ثوابت وطنية يقفون عندها، بل قادهم الطموح السياسي والشخصي والفئوي إلى أن يتجاوزوا كل الحدود من أجل تحقيق الأهداف مهما كانت وقتية وبسيطة , فمنذ مجيئهم وحتى الآن همهم هو ملأ جيوبهم وتوسيع أملاكهم وزيادة رواتبهم والاستمتاع بعُطلِهم والحفاظ على مناصبهم التي لا يستحقها أغلبهم واستغلوا الطائفية لتعزيز بقائهم في سدة الحكم، مستغلين مشاعر البسطاء من الشعب العراقي .. العراق اليوم لا يمكن إن نسميه دولة حاليا لأن الدولة تستدعي قرارات , وسلطة مركزية لا وجود لها في الواقع الآن هناك عصابات مافية ايرانية تدير العراق , الدستور الذي تعتمده هذه العصابة مفروض من سلطة احتلال وليس مكتوبا بيد عراقية، وإنما بيد المحامي الأميركي نوح فيلدمان، ويهدف أساسا إلى تقسيم العراق وتجزئة المجتمع إلى مكونات إثنية وطائفية ومناطقية .. صحيفة الفايننشال تايمز البريطانية الرصينة، تقول عبر مراسلتها التي زارت بغداد اخيرا ، ان العراقيين يحنون الى زمن الحكم الوطني حكم حزب البعث العربي الاشتراكي سواء كانوا شيعة او سنة او اكراد، في ظل تدهور اوضاعهم المعيشية، وغياب الامن، والوضع المأساوي , الحنين الى الحكم الوطني يؤكد فشل حثالات السياسة من سياسي الصدفة ، واستشراء الفساد في صفوفهم، بعد (14) عاما من تغيير النظام الوطني بنظام عملاء بغزو واحتلال امريكي، ولكن المشكلة ان هذه العملاء ، وبعض المحيطين بهم، والمستفيدين من فسادهم ، لا يريدون ان يعترفوا بهذا الفشل خوفاُ على مصالحهم .. عندما يخرج المواطن البسيط ليقول للمسؤول الحكومي البعثيين أشرف منكم فهذا يعني ضياع ارواح اكثر من ( 2 ) مليون عراقي من جراء الغزو الامريكي الفاشل الباطل بني على باطل وانتهى بحكم باطل ومابني على باطل فهو باطل . أن ما بني على الرمال سينهار أن عاجلاً أم آجلاً والحكومة التي خلفها الاحتلال اليوم تمتلك كل مقومات الدولة الفاشلة التي ستنهار . المشروع الوطني الذي قدمة البعث كفيل بإعادة مسار العراق الى الطريق الصحيح أن عملية انقاذ الدولة تأتي من خلال اتباع اجراءات حقيقة وصريحة ابتداءً من ألغاء الدستور ورفع الاجتثاث عن حزب البعث ورفع الحضر والعفو العام واعادة حقوق العراقيين المغتصبة ومحاسبة الفاسدين والمقصرين الذين اهدروا المال العام والمتسببين بوصول العراق الى ما هو عليه اليوم، والعمل على بناء نظام اجتماعي يساهم في رفع المعاناة عن كاهل المجتمع العراقي وترسيخ مبدأ العدالة الاجتماعية والحريات الاساسية، والقضاء على نظام المحاصصة والابتعاد عن الطائفية والقومية والمناطقية لتحل الكفاءة والمهنية وتعد هي الأساس، والعمل وفق مبدأ المساواة في الحقوق والواجبات في كافة المجالات .