مع اليوم الاول من شهر ايار في كل عام يحتفل العالم بيوم العمال في عيدهم ، ورغم ما يمثله العامل في حياتنا وبناء نهضتنا وتحقيق ما نصبو اليه من تنمية ، فإننا لم نتطلع إلى الوراء فيما قدمنا لهم على امتداد عام مضى ، فماهي الخدمات التي قدمناها للعامل وتحديداً للعامل في وطننا ؟ ، ونحن على ابواب عام قادم وعام إنتهى ، فأين هم من التأمين الصحي ، والضمان الاجتماعي ؟ ، فمن لا يهمه صحة العامل لا يمكن له أن يحتفل بيوم العامل ، ومن لا يتطلع لضمان معيشته عند شيخوخته ، فلا يهمه دور العامل في بناء المجتمع ، وإنجاز التنمية التي ننشدها . العامل محروم في الكثير من حقوقه المدنية ، فلا يستطيع تحقيق حياة كريمة لأبنائه ، ولا يتمكن من ارسال ولده أو ابنته لا لطبيب أو مستشفى ، ولا يستطيع تعليم أبنائه في الجامعات ، واحياناً كثيرة في المدارس لضيق ذات اليد . العامل لا يحتاج لبيانات ولا لشعارات ولا لخطب رنانة ، ولا لمسيرات يقوم بها نفر من الناس ، وهو حتى لا يحتاج ليوم ليعطل فيه عن عمل يوم ينتظر أن يأتي بأجر يومه ما يسد حاجات أطفاله ، فالاحتفال يعني أن نلتفت إلى الوراء لعام مضى ما الذي قدمناه للعامل ؟ ، وهل نحن أعطيناه أو حققنا له بعضاً من حقوقه ، لنجعل منه آلة فعل وإنجاز قادرة على الاستمرار في البذل والعطاء ؟ ، فالمجتمع هو العامل ، والبناء هو التنمية ، فالعامل كل شيء في حياتنا، ونحن نكتفي بيوم عطلة دون أن نعي ما الذي يعنيه هذا اليوم . من منا لا يحتاج العامل ، واي دولة أو مجتمع لا يحتاج العامل ، وأي بناء أو تنمية يتم دون العامل ، فأين نحن من بناء مجتمعنا ؟ ، لا بل بناء أنفسنا ، فبدون العامل لا نملك أن نتحرك من اماكننا ، ولا نستطيع خطوة واحدة إلى الامام . جمل إنشائية رنانة نشبع فيها العامل ، ونخدع فيها أنفسنا أننا مع العامل في يوم عيده ، لمجرد أننا نحتفي بعطلة رسمية في الاول من ايار من كل عام ، والكثيرون منا لا يستوعب دور العامل وحجم مشاركته في حياتنا ، فهل نستطيع أن نستعيض عن هذا اليوم ولو بإنجاز جزء يسير من حقوقه ؟، حتى نتمكن من مطالبته بواجباته اتجاه الوطن والمجتمع ، فالحياة حقوق وواجبات ، ومن لا يستطيع الحصول على حقوقه لا يجوز أن نطالبه بواجبات ، ورغم أن إنتاجية العامل في وطننا ، وعموم بلادنا العربية متدنية جداً ، وأننا بتنا افواه مستهلكة وإنتاجية مغيبة عن سلوكنا ، فلا نملك المستقبل ، فالمجتمع الذي يستهلك أكثر مما ينتج هو مجتمع متخلف ، ونحن في طور التخلف ، ولا يمكن لمن هم في طور التخلف أن يتقدموا خطوة واحدة نحو المستقبل . أريحوا العامل من خطبكم الرنانة والشعارات البراقة والاحتفالات الكاذبة التي تقيمونها في الفنادق الفارهة ، لينقلها الاعلام الكاذب المنافق ، فها نحن قد أدينا واجبنا اتجاه العامل في الوقت الذي يئن فيه أطفاله من المرض والجوع ، ومن مستقبل غير معلوم في غياب الضمان الاجتماعي والتأمين الصحي والأجر المتدني الذي لا يسد رمق افواه صغاره ، ولا يقدم لهم الحدود الدنيا من متطلبات الحياة الكريمة . لسنا من دعاة يا عمال العالم اتحدوا ، فعلى ماذا يتحدون ؟ ، نحن من أنصار تحديد الاجور التي تحفظ للعامل كرامته ، ولضرورة أن يتمتع العامل بالتأمين الصحي والضمان الاجتماعي ، فالعامل جزء مهم في حياتنا ، واطفاله هم ابناء المجتمع ، وهم عدة المستقبل الذي نتطلع لبنائه ، لعموم ابناء المجتمع الذي نتطلع إليه . فيا ابناء الوطن اتحدوا لضمان حقوق المواطن اولاً والعامل ثانياً ، فكلاهما المواطن والعامل في خندق واحد ، نحتاج فيه للتكاتف والتعاون لبناء وطننا والنهوض بمجتمعنا ، لنتمكن من تحقيق التنمية المنشودة ، التنمية التي تسعد الإنسان مواطناً وعاملاً ، فالجميع في خندق الوطن وبناء المجتمع ، فهل نحن على أعتاب مرحلة بناء يتقدمها كل مواطن وعامل في هذا الوطن ؟ ، فكل واحد منا عامل ، وكل منا مواطن ، فنحن عمال لخدمة الوطن . حيا الله العامل في معمله ومصنعه ، ومشغله ، واماكن تواجده في البذل والعطاء ، تحت حرارة الشمس اللاهبة ، وزمهرير الشتاء القارس ، فكلنا عمال الوطن ، وكلنا ابناء الوطن، وعلينا جميعاً أن نتكاتف لبناء هذا الوطن . dr_fraijat45@yahoo.com