إذا أردت أن تتثبت من أن العملية السياسية، التي فرضها المحتلون على العراق وفرض معها شخوصاً جلبهم من الزوايا العفنة من جميع أنحاء العالم، هي عملية لا تمثل الشعب وليس فيها ذرة من الديمقراطية المدعاة، فما عليك إلا أن تطلع على دعوة نائب في البرلمان المزيف اسمه محمد لكاش إلى شقيقه في العملية السياسية لإعدام كل الذين قاتلوا إيران في حرب الثمانينيات. فإذا كان لكاش وسواه قد أصبحوا حكاماً ونواباً بإرادة الشعب، فعلاً، فكيف لمن يمثل الشعب أن يدعو إلى إعدام الشعب الذي انتخبه، خصوصاً وأن من دافع عن العراق ضد الأطماع الإيرانية كان العراقيون جميعاً من دون استثناء. إن دعوة لكاش ليست جديدة وهي موجودة في رأس كل من رفع يده الشلاء في وجه العراق، ولعلكم تذكرون جيداً التعهد، الذي قدمه المقبور عبد العزيز الحكيم إلى مرشد الثورة الإيرانية الولي الفقيه خامنئي بتصفية كل من شارك في الحرب ضد إيران حتى ولو بالمشاعر. وهذا ما يفسر لماذا استمرت عجلة الموت منذ 14 سنة إلى الآن تسحق العراقيين عبر التفجيرات المستمرة وعمليات الخطف والجثث مجهولة الهوية وشن الحرب على الشعب في المحافظات الغربية والشمالية والتغيير الديمغرافي والتعجير والنزوح القسري والاعتقالات والتعذيب في المعتقلات حتى الموت وإرسال عناصر الحشد من دون تدريب إلى القتال وإرسال عراقيين للقتال إلى خارج العراق في حروب لا ناقة لهم فيها ولا جمل بذريعة الدفاع عن المذهب وغيرها من الأساليب، كما تكشف الجهة المستفيدة من هذه العمليات وتفضح أهدافها. إن النائب عما يسمى التحالف الوطني "الشيعي"، وهو لا صلة له بالتشيع ولا بالوطنية، محمد لكاش، يشدد على ضرورة تنفيذ أحكام الإعدام بحق كل من حارب الجمهورية الإسلامية في حرب الثمانينات، فيما عدّ عدم إعدامهم خيانة عظمى لدماء شهداء التحالف عندما كانوا يحاربون مع الجيش الإيراني ضد الجيش العراقي، مطالباً باحترام شهداء مشروع روح الله الإمام خميني. وأزمة هؤلاء أنهم وجدوا العراقيين صامتين فسدروا في غيهم وتمادوا في طغيانهم فأخذوا يدعون العراقيين إلى ما يمس كرامتهم ويشوه تاريخهم ويلغي عراقيتهم وعروبتهم، ولما بدأ صوت العراق يعلو أخذوا يشعرون بأنهم منبذون معزولون منكفئون على أنفسهم لايؤيد طروحاتهم الغريبة عن روح هذا الشعب ومزاجه مؤيد، وكان شعار ( إيران بره بره بغداد تبقى حرة ) هو الشعار المعبر عن إرادة الشعب والمجسد لروحه ومزاجه الوطنيين، وشعر الغرباء أن الشعب توحد بهذا الشعار ضد إرادتهم الشاذة عنه والغريبة عن مشاعره. إن مؤتمراً في أسبانيا ضم شخصيات وعقولاً وطنية عراقية مغتربة جعل أنظار العراقيين جميعاً تشخص نحوه ونحو مقرراته، فيما ذهبت وسائل الإعلام المرتبطة بالاحتلال الأمريكي الإيراني إلى اتهام المؤتمر بأنه ممول من جهات أجنبية ودول إقليمية، في حين أنه جرى في التمويل مجرى الأعوام السابقة، إذ تحمل كل مشارك تكاليف مشاركته من نقل وإقامة في الفنادق وطعام، وزادت هذا العام أن كل مشارك تبرع بمبلغ من المال لتغطية مشاركة من لا يملك المال. ثم قالوا إن هذا المؤتمر هو لـ( حزب البعث المنحل )، بينما كان مؤتمراً عراقياً شارك فيه المستقلون والقوى الوطنية كلها وكانت مشاركة البعثيين فيه تحصيل حاصل لأنهم وطنيون وعراقيون لا يمكن لأحد أن ينكر وطنيتهم وعراقيتهم أو يجتثها. إن مثل تلك الدعوة وهذا الكلام لا يصدر إلا عن أناس مأزومين لا يمثلون العراقيين، يقولون لك بصريح القول والمشاعر إنهم لا يمتون إلى العراق بصلة ولا تربطهم بالعراقيين رابطة، وتبين لك أن العراقيين لم ينتخبوا مثل هؤلاء ليمثلوهم فليس من عاقل ينتخب من يطالب بفنائه وهلاكه وإبادته وقتله، وهو، كذلك، لا يصدر إلا عن أناس خائفين مرعوبين فزعين وموقنين أن الشعب ينتظر فرصة القصاص منهم جزاء وفاقاً لما اقترفته أيديهم الملطخة بدماء العراقيين. إن المطلوب من العراقيين، الآن، تصعيد نضالهم ضد العملية السياسية المصممة لإبادتهم، والعمل بكل ما هو متاح لكي يثبتوا للعالم أجمع عدم شرعية هذه العملية الاحتلالية لأن بقاءها يعني مضيها في تحقيق أهدافها في إبادة جميع أبناء الشعب، وشعبنا قادر أمس واليوم وغداً على كنس هؤلاء العملاء الصغار وتنظيف أرضنا منهم وليس مهماً قتلهم وسحلهم، فلا نريد لأرضنا أن تدنس بهم أحياء وأمواتاً ويكفيهم العار الكبير والخزي الأبدي الذي اكتسبوه من عمالتهم والذي سيظل يلاحق أحفاد أحفاد أحفادهم، كما يكفيهم هذا السقوط المدوي الذي جللهم بالعار والشنار، والذي لم يجلل عميلاً قبلهم، ولا أظن أنه سيجلل عميلاً بعدهم.