أطلق قائد البعث والمقاومة خطابه الذي يحي به الذكرى السبعون لولادة حزب الامة وطليعة أحرارها حزب البعث العربي الأشتراكي في توقيت مفصلي محوري حاسم في تاريخ العراق وأمة العرب مما منح الخطاب وما تضمنه من مواقف وطنية وقومية وانسانية صفته التاريخية بامتياز ومنحه أيضا صفة الخطاب العبقري لكثير من الأسباب التي أحتوتها محاور الخطاب وطبيعة اللغة التي أستخدمها والوضوح غير العادي للرؤية رغم ما يحيط بالامين من ظروف عاصفة وما امتاز به الخطاب أيضا من تجديد مبدع مكنه من الأمساك بجدارة في عديد المواقف والتقييمات التي تخص حياة البعث الداخلية أو القضايا المرتبطة بالسشؤون العراقية المحلية أو الاقليمية والدولية على حد سواء و التي سنأتي على بعضها في هذا المقال. الخطاب يمكن النظر اليه واعتباره صورة شاملة اجمالية ضمت أجزاءها ونقاطها وخطوطها والوانها وظاهرها وايحاءاتها فهما منهجيا علميا منطقيا نابعا من تفاصيل واقع العراق الناتج عن غزوه واحتلاله وعن تداعيات هذا الاحتلال على الامة العربية بأسرها . وقدم الخطاب في ذات الوقت الحلول التي بدونها لا يمكن حقن الدماء العراقية والعربية وتحقيق حماية جدية للسيادة والاستقلال والثروات . أول ملامح التفرد التي تفرض حالها منطقا وعلما والتصاقا بالمعطيات الميدانية هو تناول الخطاب موضوع تغيير طبيعة الصراع في المنطقة الذي أنتجه غزو العراق وأحتلاله . وفضلا عن خطورة هذا الموقف البعثي على صعيد هز وتبديل المنهجة التقليدية لفهم الصراع فانه يكشف الفجوة الخطيرة التي مازال البعض يعمل عند حافاتها ليس حبا بفلسطين ولا تمسكا بأي سبيل فعلي لتحريرها ولا في الاصرار على شرذمة مفهوم الثورية والتقدمية عربيا بل وأيضا لاجل التشويش على ادراك الانسان العربي لحقيقة مواقف بعض الأطراف من الاحتلال الايراني للعراق من منطلقات عقدية محملة بالبغضاء والاحقاد ذات الدوافع المختلفة والتي تحتمي بعضها بالمذهبية الكاذبة مرة وبالممانعة والصمود والمقاومة المزيفة مرة أخرى بل وللاستمرار بتغشية الأبصار عن الاعتراف المشين بالعملية السياسية الاحتلالية للعراق والتي تعني طبعا اعترافا بالاحتلال المركب ومحاولة تشتيت انظار وفكر وعقل الانسان العربي عن الانهيار الفعلي عند هؤلاء لمنظومات القيم العربية بشقيها القومي والديني الايماني . ان من ينكرون اولوية تحرير العراق هم من رضوا على احتلاله بدءا وأخيرا وهم الراضون والساكتون عن الاجتثاث المجرم وعليه فانهم وكنتيجة طبيعية منطقية لا يحررون أرضا عربية محتلة ولا يتمسكون صدقا بقضية مركزية وكل مماحكاتهم لا تعدوا المناورات التي تحاول شرعنة احتلال العراق والاجتثاث وتهميشهما بنظر الجماهير العربية كجرائم في جوهرها موجهة لفلسين وللامة كلها . فاصرار البعض على تنحية قضية العراق المحتل والتصرف الساذج بما يوحي ان الاوضاع في العراق طبيعية والبلد ذو سيادة وما يحصل فيه من كوارث هي ناتج ( صراع سياسي ) بين اطراف ( عراقية ) وليس بفعل تداعيات الغزو والاحتلال وتهميش اثارها المدمرة على الصراع العربي الصهيوني وعدم الاعتراف بتغيير تلك المنهجية النمطية للصراع توصيفا وفعلا بعد احتلال العراق ليتحول الهم والعمل العربي الى منح تحرير العراق الأرجحية الأولى ليس تجاهلا ولا تهميشا ولا تجاوزا لمركزية القضية الفلسطينية بل لان تحرير فلسطين قد تحول الى سراب بعد غزو العراق وغادرته الكثير من الالسن والاقلام وعافه الكثير من الفلاسفة والمفكرين وحتى أدعياء المقاومة ذلك لان أحد أهم أسباب ودوافع ألامبريالية الامريكية وشريكتها بريطانيا ونظام الملالي بطهران من غزو العراق واحتلاله هو تنحية القضية الفلسطينية وجعل امر التحرير وعودة الشعب المشرد الى ما وراء الاهوال والكوارث التي عصفت وحلت بالعراق بل ان الغزو كان بمثابة الضربة القاضية التي وجهتها الصهيونية وايران لمشروع تحرير فلسطين واستهدفت قلعه من جذوره عن طريق تمزيق العراق واجتثاث أكبر طاقة قومية حكمته وانتقلت به الى مشارف العالم المتطور . اذن .. الخطاب يكرس اعادة منهجة العمل العربي وأطر أنشطة القوى الحية بالأمة وعموم شعبنا الى صالح تحرير العراق واعادته الى بيئته العربية وقوته المؤثرة جدلا وتجربة مجربة في صالح مركزية تحرير فلسطين بعوامل ومعطيات ووقائع مادية وحية ملموسة وليس محض هراء اعلامي يهذي للتغطية على شراكة البعض وفي مقدمتهم نظام الاسد ومن يدور في فلكه في احتلال العراق من قبل ايران ومنح ايران وأدواتها المزيد من الوقت لتنفيذ برنامجها الاحتلالي لعموم أرض العرب الواقعة شرق البحر الأحمر. عبقرية الخطاب هنا تتضح من خلال الربط العضوي بين أجتثاث حزب البعث العربي الاشتراكي في العراق كعمل عدائي للاحتلال بدءا وبين التمسك الذي يظهره نظام الاسد وأعوانه في شرعنة احتلال العراق من جهة وتبشيع البعث في العراق عند نفس خطوط فعل ذات الجهة وبين الرغبات الجامحة لفرض هيمنة نظام وسياسة ومناهج الردة التشرينية السوداء من جهة أخرى. فاجتثاث البعث في العراق يفضي تلقائيا الى تصورات فكرية مغلوطة وتغذية اعلامية مغرضة مفادها ان خط الممانعة والصمود الافتراضي الوهمي هو الأصلح للبقاء دون الالتفات الى حقيقة الحقائق الا وهي ان اجتثاث البعث في العراق قد نفذته الامبريالية الامريكية والصهيونية التي يدعي الأدعياء انهم يناؤونها ويقاتلونها . الخطاب يكشف هنا حقيقة التناقضات التي يتخبط بها من باعوا العراق وشعبه ومسكوا التضليل تحت رايات ممزقة وشعارات متهالكة . الحلقة القادمة سنعالج فكرة ربط الاجتثاث وادامة نتائجها الكارثية على شعب العراق بالاصرار على تهميش وتجاهل الاحتلال وجرائمه في العراق عبر التمسك الفارغ من أي مضمون فعلي بما يسمى بالممانعة والتمسك بمركزية القضية العربية في النضال العربي من قبل من غادروا النضال العربي نهائيا وانخرطوا منذ عقود في مشروع ايران التوسعي الاحتلالي الذي يتقاسم أرض العرب مع الصهيونية . يتبــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــع ....