قبل أربعة عشر عاماً استهدف مغول العصر وبرابرة العالم العراق وأجهزوا عليه، ورغم حجم الدمار الذي طال كل شيء في العراق ، وما أصاب العراق من قتل وتدمير وتشريد حتى يومنا هذا، وما رافق ذلك من تمزيق لنسيجه الاجتماعي واعدام قيادته السياسية ، وحل جيش العراق البطل ، واجتثاث البعث حزب المجتمع والأمة ، إلا أن أبناء العراق لم يستسلموا ، ولم يقبلوا أن يلقوا سلاح المقاومة ، فقد أطلق العراقيون أسرع مقاومة في التاريخ ، وتمكنت من دفع الامريكان لتعجل الهروب خوفاً من الهزيمة المحققة . استهداف العراق في الغزو والاحتلال جاء نتيجة صمود نظامه الوطني في وجه كل المؤامرات الداخلية والخارجية ، إلى جانب فشل سياسة الحصار المدمرة والقاتلة لحياة المواطن العراقي التي أرادت أن تركع النظام الوطني ، وتدفع به أن يكون نظاماً غير استثنائي كما كانت مسيرته الوطنية ، وبشكل خاص رفضه المطلق التنازل عن ثوابت الأمة في الصراع العربي الصهيوني ، الذي أصر على أنه صراع وجود لا صراع حدود ، كما إنحرف به البعض فحوله لصراع حدود ، نختلف واياه على هذه الارض أو تلك ، أو على هذه الجزئية من الحقوق أو تلك ، دون الاخذ بعين الاعتبار أن مجرد وجود هذا الكيان على الارض العربية في فلسطين المحتلة هو عدوان لا خيار أمام الأمة إلا العمل على اجتثاثه . بعد الهروب الامريكي تكشف بشكل فاضح حجم التعاون الامريكي مع ملالي طهران، حيث لم تكتف امريكا بتسليم عملاء النظام الفارسي مقاليد السلطة في بغداد ، لا بل أعطت الضوء لاجتياح ايران للعراق ، والتحكم في كل صغيرة وكبيرة فيه ، فالملالي باتوا المندوب السامي الامريكي في العراق ، فتحول الاحتلال من امريكي مباشر إلى ايراني مباشر ، ليس بعيداً عن النفوذ الامريكي من خلال ما يملكون من قوة سياسية في اكبر سفارة امريكية لهم في بغداد . الحقد الفارسي الدفين لكل ما هو عربي بشكل خاص واسلامي رغم تكاذبهم في الادعاءات الدينية تكشف في حجم الممارسات اللااخلاقية على الارض العراقية ، والتي تجاوزها إلى التدخل في الشأن الداخلي للعديد من الدول العربية ، كسوريا ولبنان واليمن ، فبات العرب يواجهون اكثر من حملة صهيونية ، صهيونية يهودية ، وصهيونية فارسية ، وبات عليهم أن يجهدوا في الخلاص من هاتين الصهيونيتين، ورغم أن الجميع يقر بأن القضية الفلسطينية هي القضية المركزية للأمة، فلا أحد يمكن أن يتصور أن تحرير فلسطين ممكناً وبغداد محتلة ، خاصة ودور العراق في كل الحروب العربية الصهيونية هو دور محوري ، مما يعني وجوبية تحرير بغداد حتى تؤدي دورها القومي في كنس الاحتلال الصهيوني . العراق الذي يرزح تحت الاحتلال الفارسي لن تهدأ له قناة دون التحرير الكامل ، وقواه الوطنية والقومية والاسلامية المقاومة كفيلة بكنس ملالي الفرس من على أرضه ، خاصة وأن للعراقيين تاريخ حافل بالإنتصارات على الفرس بالقادسيتين وما بينهما، فإن تمكن جيش العراق الباسل بهزيمة الملالي في عدوان الثماني سنوات وأسقى كبيرهم كأس سم الهزيمة ، فلينتظر هؤلاء الجبناء كؤوس الهزيمة على أيدي أبطال العراق من رجالات المقاومة العراقية الباسلة . يوم التاسع من نيسان قبل اربعة عشر عاماً تاريخ محفور في الذاكرة العراقية والعربية ، وهو يوم أجهزت زعيمة الشر والعدوان على بلد مستقل عضو في هيئة الأمم ، كان كل جريمته أنه يريد أن يعيش حراً على وطنه ، يملك استقلالية قراره ، ويصنع الحياة الحرة الكريمة لشعبه ، فكانت ذرائع الغزو والاحتلال ذرائع واهية في اسطوانة مشروخة لامتلاك العراق لاسلحة الدمار الشامل ، والتي لعق الامريكيون كذبتهم عندما أعلنوا بعد الغزو والاحتلال خلو العراق من هذه الاسلحة ، فجاءت اسطوانة امريكا لتعليم العراقيين الديمقراطية ، فكانت ديمقراطيتهم قد اتسمت بالقتل والدمار والتشريد ، وبظهور داعش والحشد الشعبي لينكلوا بالعراقيين ، ويحرمونهم من أبسط مقومات الحياة ، في ظل هذه الممارسات الارهابية التي بات واضحاً أنها من صنع امريكا وايران . في ذكرى الرابع عشر من الغزو والاحتلال رغم حجم ما اصاب العراق إلا أن الامل مازال موجود في أن الاحتلال إلى زوال ، وأن كل العملاء والخونة سيلاقون جزاءهم على ايدي ابناء الشعب الذي ستنتصر قواه المقاومة بإذن الله . حيا الله العراق ومقاومته الباسلة بقيادة المناضل عزة الدوري ، ورحم الله الشهداء وفي مقدمتهم سيد شهداء هذا العصر صدام حسين ، وفك أسرى المعتقلين والسجناء في سجون العملاء ، ونصر الأمة في كل مواقع المواجهة في فلسطين وسوريا واليمن ، وكل الارض العربية في وجه أعداء الأمة . dr_fraijat45@yahoo.com