باسل الكبيسي اسمٌ على مسمى عاش مناضلا صلدا وأستشهد باسلا شجاعا ومناضلا أنتصر للحق كارها للمظالم , نفيس المقاصد جريء الخطوات أبيْ أنوف واثقا بالله مقتدرا على مواجهة الصعاب التي تعترض طريق جهاده بأيمان وصبر . عاش فقيرا رغم غناه وبسيطا رغم علو شأنه ومتميزا في نبوغه وعنفوانه ونضاله بين العظام من اصحاب الشأن والمروءة والأقتدارمن رجالات الأمة مؤمنا بأنصاف بسطاء الناس وفقرائهم . رسخ باسل الكبيسي في رؤاه وأفكاره مبدأ وحدة الأمة العربية وأستقلال قرارها السياسي وبناء مجتمعها الآمن القائم على المساواة والعدالة الأجتماعية حتى نالت افكاره القومية اعجاب ملايين العرب فأستقطبت شخصيته الأهتمام والتبجيل والاحترام والشهرة حتى لا يكاد شخص مهتم بالسياسة في الوطن العربي لا يعرف من هو باسل الكبيسي وفي قول لأحد الكتّاب العرب ( ان من لا يعرف باسل الكبيسي لا يعرف العراق والعروبة ). ناضل من اجل فلسطين ثائرا صلباوأستشهد من اجلها شامخا متقدا جسورا.يعتبر باسل الكبيسي في نظر كثيرمن المفكرين العرب خير من كتب عن القومية العربية ومنطلقاتها النظرية وبحوثها الفكرية وخاض نضالاتهاعلى ارض الواقع في العراق والوطن العربي وفي عموم اوربا والعالم حتى لحظة استشهاده يمثل باسل الكبيسي في النضال الوطني والقومي ما يمثله مناضلين كبار في تاريخ الأنسانية وربما يأتي هو في مقدمتهم فالثوار على عدة انواع منهم من اوصلته ثورته الى السلطة مثل نهرو ومانديلا وعبدالناصر وصدام حسين وجيفارا ومنهم من كان ثائرا وعندما تسنم مقاليد السلطة تحول الى دكتاتور امثال النميري وكاستروا ولينين ويمثل باسل الكبيسي النوع الثالث من الثوار الذين لم تستهويهم المناصب ولم يبحثوا عنها رغم قربها منهم ( عرض عليه منصب رئيس وزراء في زمن المرحوم عبد السلام عارف فرفض وعرض عليه منصب وزير الخارجية وعرض على شقيقه المحامي صبيح الكبيسي منصب محافظ بغداد بعد ثورة تموز عام 1968 فرفضا الأخوان العرض المذكور ) وأنما نذروا أنفسهم للمعاني السامية والخلود الأبدي وقدموا العام على الخاص في النظرة الى القيم والمباديء. كان باسل الكبيسي ثائرا من اجل الارض والأنسان والوجود فهنيئا لكل قومي عربي يكون باسل الكبيسي مثله الأعلى ولتفخر العروبة بهكذا رجال حرصوا على الموت من اجل حياة العرب وحقوقهم المشروعة فهذه رموزنا فليأتي الأخرون برموزهم لنريهم كيف يكون الأيمان بالقيم ومتى تكون الهامات مرفوعة مؤمنة بقدرها ومتى تكون راضية لخالقها . لم يكن باسل الكبيسي يناضل من اجل مكتسبات الحياة بل للأصلاح والتغيير الأجتماعي وأحقاق الحق ومناصرة المظلوم لينال سعادته ويعيش بكرامة وعزة نفس. كانت المثالية السياسية واضحة في حياته ونضاله وفكره فرغم ولادته في عائلة برجوازية معروفه بأمكاناتها المالية والأجتماعية اتجه باسل اتجاها اشتراكيا وحدويا باحثا عن العدالة الأجتماعية التي غالبا ما تستهوي الفقراء والمعدمين والمظلومين من الشعوب وبالرغم من انه مفكرا وقائدا ومؤسسا لحركة جماهيرة واسعه كان يتابع أدق التفاصيل بنفسه ولا يتركها الا وهو مطمئن انها قد اكتملت كما انه اول من انتقد بعض التوجهات الفكرية والتنظيمية والعملية لحركة القوميين العرب رغم انه واحدا من روادها ومؤسسيها .كافح من اجل قضيته وفكره وأيمانه بصلابه وبتواضع وبجدية لا مثيل لها حتى أمسى نموذجا للتطبيق الواقعي للنظرية بشغف وتركيز ومثابرة وأهتمام فصاغ مدرسته الفكرية وفق مراحل ابداعية جمعت بين الأصالة والمعاصرة مجسدا الموقف الحضاري الذي يجمع بين التراث العربي القديم والفكر الأنساني الحديث ومحاولة التوفيق بين النموذجين دون المساس بما هو ضروري وجوهري فيهما فهناك مباديء تتصل بالفكر والعقيدة تبقى وتدوم بينما هنالك مباديء قابلة للتطور والتغيير فقدم للعروبة برنامج سياسي ومشروع قومي يعتنقه ملايين العرب اليوم يهدف الى تحقيق الاستقلال السياسي والأقتصادي والنهوض بالواقع الأجتماعي ويحفظ للأمة كرامتها وعزتها ومستقبل اجيالها وأستقطب بذلك توجهات كثير من المهتمين والباحثين والدارسين في القومية العربية بعدد من البحوث والأطروحات الأكاديمية كان عمادها اطروحته ( حركة القوميين العرب ) . مارس دوره القومي كقائد ومفكر ومقاتل في اكثر من موقع وعلى امتداد الأرض العربية حيث كانت القضية العربية والقضية الفلسطينية بحاجة لرجل جسور ومفكرصلب فكان باسل الكبيسي هو الحاجة والنموذج المُلهم كواقع لا خيال وأعمال لا اقوال ورغم كل ما يتصف به ذهب جنديا مقاتلا من اجل فلسطين وأستشهد من اجلها تاركا خلفه كل مغريات الحياة لا يمكن لأي موضوع ينشر ان يحيط بتاريخ هذا المناضل الكبير ولكنني اكتفي بمحطات في مسيرته الخالدة .1 ولد باسل الكبيسي في بغداد عام 1934 من عائلة عراقية معروفة بمواقفها الوطنية والقومية فوالده المرحوم رؤوف بيك الكبيسي أحد الرجال البارزين في الثورة العربية الكبرى في الحجاز( ثورة الشريف حسين عام 1916 ) وتقلد عدة مناصب مهمة في الدولة العراقية منذ توليه قيادة الشرطة في حلب في عام 1921ومحافظا للبصرة والمنتفك ومدير دائرة الأوقاف االعامة ووزيرا لها ومحافظا لبغداد ووزيرا للمالية في العهد الملكي وأخوانه الثمانية عبدالرزاق وعبداللطيف وعبدالله وعبدالقهار ومحمدعلي ومحمد نجيب وعبدالكريم وعبدالرحيم كونوا القاعدة الأقتصادية والأجتماعية والسياسية لمدينة كبيسة وخارجها .2 شارك وهو في الصف الثاني الأبتدائي في المدرسة المأمونية في بغداد في مظاهرة عام 1941 تأييدا لحركة رشيد عالي الكيلاني وفي عام 1945-1946 ارسل الى مصر لأكمال دراسته في مدينة الأسكندرية المصرية .3 شارك باسل في أنتفاضة العراقيين ضد معاهدة بورتسموث في كانون الثاني عام 1948التي تَضْمُنْ لبريطانيا الحق في استغلال ثروات العرق حيث طافت شوارع بغداد مظاهرات صاخبة ضد هذه المعاهدة أصيب على أثرها شقيقه ياسين الكبيسي أصابة بالغة برصاصات السطة آنذاك مزقت كبده فترك شقيقه الدراسة نتيجة هذه الأصابة . .4 التحق باسل الكبيسي بالجامعة الأمريكية في بيروت عام 1951-1952 وألتقى فيها بالدكتور جورج حبش واصبح من أوائل المنتظمين معه في حركة القوميين العرب ثم عاد الى بغداد لتأسيس فرع سري لحركة القوميين العرب مستفيدا من المد الناصري في اعقاب ثورة يوليو عام1952 لمع باسل الكبيسي كناشط سياسي متميز وموجه بارع ومنظم للحركة الطلابية وأحد قادتها الناشطين في الجامعة الأمريكية في لبنان وأحتجاجا على مشاركة العراق في حلف بغداد عام 1955 دعى طلاب جامعته للتظاهرفحاصرت قوات الشرطة التي ملأت شوارع بيروت الجامعة حيث اصيب باسل الكبيسي بجروح بليغة وأعتقلته قوات الشرطة وأودعته في سجن (الرمل)وأنذرته بالطرد من الجامعة في حال مشاركته او تنظيمه لتظاهرات مستقبلية ولما كانت هذه الأنذارات لا تُثني باسل عن نشاطاته طردته السلطات اللبنانية من الجامعه قبل حصوله على شهادة التخرج . ونجح باسل في القبول بجامعة ( آدامز ستين كولدج أوف كولورادو )وحصل على شهادته الجامعية منها وقاد باسل الكبيسي نشاط الأتحاد الوطني للطلبة العرب خلال دراسته بالجامعة الأمريكية وأشرف على النشاط السياسي للطلبة العرب في عموم اوربا ايضا .5 عاد باسل الكبيسي الى العراق عام 1956 وعين موظفا في وزارة الخارجية العراقية وخلال هذا العام حدث العدوان الثلاثي على مصر فقاد باسل هذه المظاهرات والتي شاركت فيها جميع الأحزاب السياسية العراقية لمناصرة مصر ضد دول العدوان وعندما فتحت الحكومة العرقية الحوار مع المتظاهرين طلبت منهم من يمثلهم للحوار مع المرحوم وزير الداخلية العراقية ( سعيد قزاز ) فوقع الأختيار على باسل الكبيسي مع ان الساحة العراقية كانت آنذاك حافلة بعشرات الشخصيات السياسية المهمة .6 في عام 1959 وخلال الصدام المحتدم بين المرحوم عبدالكريم قاسم والقوميين العرب .صدر الحكم بسجنه لمدة عام في سجن (رقم 1) وفصل من وظيفته في وزارة الخارجية وبعد ثورة شباط عام 1963 وأنتهاء الحكم القاسمي عاود باسل نشاطه السياسي وأعلن عن تأسيس جريدة الوحدة الناطقة بأسم حركة القوميين العرب برئاسته بعد ان كانت تصدر بشكل سري قبل وبعد ثورة تموز عام 1958 . 7 حصل باسل على شهادة الماجستير من جامعة ( هوارد واشنطن ) عام 1966 ونجح في قيادة التنظيم الطلابي العربي في عموم أوربا وكانت آرائه منفتحة على الجميع بغض النظر عن الأنتماءات الحزبية لأنه يرى ان الحزبي الجيد هو من يعمل اكثر ويقدم أفضل فيكون له الأستحقاق المتميز سواء كان اسلاميا او قوميا او شيوعيا لذلك تأثر به الجميع وأحبّوه بعد انتكاسة العرب في حزيران من عام 1967 كان باسل الكبيسي اول من وضع يده على الجرح العربي مشيرا الى اسباب نكسة العرب باحثا عن حلول لمسح آثار الهزيمة وضرورة حشد الأمكانات العربية على طريق العمل الثوري العربي تاركا دراسته الجامعية عائدا الى وطنه العراق ساعيا الى العمل السياسي الذي يحقق للأمة النهوض من جديدوفق منظور سياسي قومي يشارك فيه الشباب الطليعي العربي المثقف والواعي ليعيد للأمة هيبتها وكرامتها بين الأمم وبعد ان أطمئن باسل على التنظيم السياسي القومي في العراق عاد عام 1969 الى الولايات المتحدة الأمريكية لنيل شهادة الدكتوراه وكانت اطروحته عن القومية العربية قد اثارت حفيظة الأستاذ المشرف على الأطروحةوالذي ابدى عدم قناعته على طروحات باسل القومية وطلب من باسل اعادة النظرفي افكاره القومية والأ فأن الأستاذ المشرف سوف يهاجم آراء باسل خلال مناقشة رسالته ولنتصور آنذاك موقف الطالب عندما يعارض آرائه الأستاذ المشرف على رسالته ولكن باسل المناضل الجسور والمؤمن بقوميته العربية وصلابة فكره لم يغيّر طروحاته وبقي امينا على رسالته ورؤاه حتى نال التقدير اللازم على شهادته وأُرْسِلَت رسالة من جامعته الى العراق (أهنئكم يا اهل العراق بنجاح باسل الكبيسي ) أ وفي احدى مهمات الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في فرنسا وتحديدا في 6 نيسان من عام 1973 أطلق عملاء الصهاينه عليه النارمن مسدس كاتم الصوت وسط العاصمة الفرنسية باريس وأمام باب الفندق الذي يقيم فيه ولو انه اسرع قليلا في خطواته بعد ان استشعر بوجودهم خلفه ودخل الفندق فقد يشاء الله ان ينجو لكن باسل لا يخاف ولايهادن وفضل الموت على الهروب من قاتليه رغم عدم امتلاكه لوسيلة الدفاع عن نفسه وهو أعزل ففقدت الأمة العربية واحدا من مناضليها العظام وبعد أستشهاده بادرت زوجته نادره الخضيري استاذة الأدب الأنكليزي في جامعة بغداد على ترجمة اطروحته الى العربية ولا تخلى مكتبة عربية او دولية من نسخة من أطروحته . وفي حادث طائرة ارجنتينية فوق سوريا عام 1975 أستشهدت زوجته وأولاده الثلاث احمد وياسر ويعرب ليلتم شمل العائلة في جنات الخلود هَلينا سماحة وّطيب عالْوادِمْ هَلينا بّضيق وُيُسُرْ للخاطِرْ هلّينا حرام الموت ياخُذْكُمْ هَلينا لأن حَرام عالطيبين نومات التُراب رحم الله الشرفاء من ابناء هذه الأمه وأسكن باسل الكبيسي الجنة مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن اولئك رفيقا