المثقفون العرب يتحملون مسؤولية كبيرة تجاه أمتهم ، وبشكل خاص في وضعها الراهن الذي تعاني منه ، من الفتن الطائفية والفساد والتجزأة والتبعية والتخلف ، خاصة بعد أن فشل النظام العربي الرسمي في أداء دوره في تحقيق التنمية التي تقف في مواجهة الفقر والجوع والبطالة ، وفي توفير الامن الوطني الذي يواجه التبعية التي باتت غير مسبوقة للوطن العربي في تعامله مع القوى الاجنبية الاقليمية والدولية ، فلم يقتصر على ما كنا نسمع عنه الطابور الخامس الذي كان يحابي العدو الامبريالي ، وتحديداً الامريكي على حساب المصالح الوطنية والقومية ، ولا دعاة التطبيع مع العدو الصهيوني تحت يافطة القبول بالكيان الصهيوني من باب أن وجوده بات امراً واقعاً ، بل بات عندنا طابور قومجي يساري ينادي في الدفاع عن ملالي الفرس المجوس رغم اعلان هؤلاء أنهم باتوا يحتلون أربع عواصم عربية . أمام هذا المشهد المتردي لابد وأن يقوم المثقف العربي بدوره في الدفاع عن الهوية الوطنية والقومية تجاه هذه الهجمة الشرسة التي تنخر جسد الأمة ، وتدفع بتمزيقها إلى شيع وأحزاب عميلة ومتواطأة مع عدوالامة ، المتمثل بالامبريالية والصهيونية والفارسية المجوسية ، يضاف إلى هذا الثالوث السيء الذكر الرجعية العربية من جهة ، وأية أطماع تركية عثمانية من جهة أخرى . الأمة بحاجة ماسة لمن يتخندق في خندقها ، وليس هناك من هو جدير بهذا الموقف افضل من المثقف العربي ، إن كان وطنياً أو قومياً ، فلا يجوز أن يكتفي بالتفرج ولا بالتنظير ، بل عليه أن يساهم بكل تحرك فيه خدمة لمصلحة الأمة على طريق مواجهة أعدائها ، والعمل على تحقيق اهداف الأمة في الوحدة والحرية وتحقيق العدالة الاجتماعية . العمل الفكري والتنظيم في أي عمل جماعي من أحزاب وطنية أو قومية ، أو في الإنخراط في العمل المهني النقابي ، وفي المؤسسات الثقافية وغيرها عمل مشروع لكل مواطن عربي تهمه مصلحة الأمة ، فمؤسسات المجتمع المدني تملك القدرة في التأثير على وعي المواطن ، وتنويره باتجاه ما يخدم الوطن والمجتمع ، فلابد من أن يكون للمثقف دور في تفعيلها والسير بها نحو تحقيق أهدافها التي تخدم المجتمع . لايجوز للمثقف أن يكون سلبياً ويقف على قارعة الطريق ، وكأن كل ما يجري من تدمير للأمة لا يعنيه ، فهو بوعي أو بدون وعي يساهم في تحقيق أهداف أعداء الأمة، فهؤلاء حريصون على أن لا تتم المواجهة بينهم وبين أبناء الوطن ، وهم يسعون بكل السبل والطرق إما لشرائهم وتطويعهم للدفاع عنهم ، أو العمل على اقصائهم وبث الاحباط في نفوسهم . المثقفون هم طليعة الأمة ، ولكن ليس كل مثقف هو بهذه السمة ، فهناك مثقفون جندوا أنفسهم في خدمة المشاريع العدوانية لخدمة مصالحهم على حساب مصالح الأمة ، وما نعنيه بالمثقفين هؤلاء الملتزمين الذين إنخرطوا في مشروع الأمة التحرري ، ويواجهوا باستمرار أعداء الأمة ، والعمل على فضح مشاريعهم العدوانية. هناك معركة كبيرة بين الأمة وأعدائها ، ونحن على يقين أن النصر في صالح الأمة، رغم تكالب الاعداء ، ونتمنى على المثقف العربي أن يأخذ دوره في معركة المواجهة والتحرير ، فالممانعة والمقاومة وجهان لحالة واحدة ، فمن لا يملك المقاومة عليه أن يكون عصياً على أن يكون في كتيبة أعداء الأمة ، وهو أسهل ما يمكن فعله . المثقفون العرب لهم دور كبير كطليعة الأمة وقادة التنوير فيها ، ويجب أن يكون دورهم اكبر ، ويزداد مع زيادة حجم المؤامرات على الأمة ، فمتى نحتاج لهذا المثقف إن لم يبادر في الإنخراط في خندق مواجهة ما تتعرض له أمته من استهداف في وجودها ، ونهب ثرواتها ، والسيطرة والهيمنة عليها ، وجعلها مجموعات من الخدم والعبيد لمن يتخيل أن يكون سيدها ؟ . فلسطين تطالبنا منذ أكثر من ستين عاماً للخلاص من الهيمنة الصهيونية ، وهاهو العراق يرزح تحت نير الاستهداف الفارسي المجوسي ، وسوريا العمل على تمزيقها ونهش جسدها والخلاص من عروبتها ، واليمن يتم تمزيقه ، وغيره ممن يتم استهداف ارضه ونهب ثروته على أيدي أعداء الأمة ، ولا ننسى الاحواز هذا القطر العربي الذي تم اغتياله على ايدي الاستعمار الانجليزي لصالح الدولة الفارسية . الأمة تستصرخ مثقفيها في ليلها المدلج بالظلام ، فليس هناك من مرحلة أسوأ من هذه المرحلة التي يتم فيها استهداف الإنسان والحضارة والتاريخ ، وتشويه القيم والاخلاق في عموم وطننا العربي ، على أيدي كل اشرار العالم من محليين واقليميين وعالميين . dr_fraijat45@yahoo.com