تداولت بعض وسائل الاعلام ونشرت بعض المواقع .. نص المشروع الوطني العراقي الذي طرحه حزب البعث العربي الاشتراكي والذي يتضمن رؤيته وخطته العملية لحل الوضع العراقي المعقد والمتردي وايجاد الحلول الشاملة للمشاكل الناشئة بفعل الاحتلال والسلطة التي اقامها،وتداعيات ذلك بعد الدمار والخراب والفساد الذي عمّ جميع المرافق وانهار الدماء المراقة والتي لم تتوقف حتى يومنا هذا، أذ زاد عدد ضحايا المحتل وعمليته السياسية على الـ 3 ملايين، فضلاً عن مئات الالاف من المفقودين والمعوقين والارامل والايتام واكثر من7 ملايين مشرد ومهجًر ونازح في الداخل والخارج،كما اضحى التردي والفساد شاملاً فبلغت نسب التأخر والتخلف والامية وهدر المال العام والسرقات ونهب ولصوصية المسؤولين نسباً مخيفة ،وصار عراق الحضارات ذو التاريخ المجيد ،في مقدمة الدول المتأخرة؟! ومشروع البعث هذا الذي لايمكن مقارنته بما يتداول في مؤتمرات وندوات ولقاءات ( العناوين الكبيرة والشعارات البراقة للمصالحة )! التي عقدت في اوقات مختلفة اقربها اواخر العام الماضي ،في كبريات فنادق عواصم مختلفة منها باريس وواشنطن وعمان والدوحة ،لان مشروع البعث يحمل حلاً متكاملاً وخطة شاملة لانهاء الوضع المأساوي للعراق، بخلاف الطروحات العامة للمؤتمرات المذكورة التي تقف وراءها قوى ودول غير بريئة مما حصل للعراق من دمار واحتلال، وتشارك فيها العملية السياسية الفاشلة والتي هي محور هذا التردي والتي تتحمل هي والمحتل مسؤولية ما حل بالعراق! وهذا المشروع الذي لايتعارض مع ثوابت ومباديء البعث المعروفة ،مختلف عما طرح ويطرح على الساحة من مشاريع للتسوية والمصالحة! وهذا مايدركه،ومن اول وهله، المراقب والمحلل السياسي والمنصف وكل المعنيين بالشأن العراقي والعربي ومن يهمه استقرار وامن وسلام المنطقة التي تحولت بفعل ما حصل للعراق وسياسة المحتلين وتبعية السلطة وفسادها،مرتعاً للارهاب وانتشاره ليصل اكثر من عاصمة،وصارت نيرانه تتهدد الجميع. وفي استعراض سريع لما تضمنه المشروع من فقرات ، نستطيع تثبيت امرين هما :ـ اولاً: "الصدقية والجدية والحرص على العراق ووحدته وسيادته واستقلاله ،وبما يحافظ على هويته العربية والاسلامية، ويعمل على التخلص من حالة الانقسام والطائفية والمحاصصة والاقصاء للاخر واجتثاثه،وفي مقدمة اهدافه..انهاء الاحتلال الايراني وكل بقايا المحتلين ومخلفاتهم "وهذا مايهدف اليه المشروع الوطني للبعث الذي يدعو الى مصالحة شاملة وعادلة لبناء العراق الواحد المستقل وتحديد طبيعة نظام الحكم والممارسة الديمقراطية والتعددية الحزبية وضمان الحريات العامة واحترام حقوق الانسان ، وبما يعيد له دوره الانساني ومكانته وفعاليته عربياً واقليمياً ودولياً .فالصدقية متوفرة والنية صادقة لحل شامل ونهائي للوضع العراقي وبما ينعكس ايجابياً على وضع المنطقة عموماً ويصب في مصلحة امن وسلام الجميع وذلك من خلال:ـ 1ـ شمولية المشروع وتكامله في وضع الحلول الشاملة والجذرية للوضع العراقي برمته . 2ـ اشراك الجميع في عملية الحل وبدون استثناء او اقصاء، بما في ذلك قوى واحزاب العملية السياسية ومن خلال تعبئة الشعب بقواه الوطنية ومقاومته وتأييد المشاركة العربية والدولية. 3ـ البعث في مشروعه الوطني..تناسى الخلافات وتغاضى عما لحق به من اذى واجتثاث وملاحقة وقتل واعتقالات واعدامات طالت قياداته وكوادره واسر وتشريد وتهجير وغمط حتى لابسط الحقوق الانسانية من اجل هدف اعلى وهو سلامة الوطن ومصلحة الشعب وبما يوقف حالة التردي . 4ـ الدعوة لمصالحة حقيقية بين كل ابناء الشعب وقواه واحزابه الوطنية ،مصالحة تعيد للعراق مكانته ودوره الفاعل على الساحتين العربية والدولية،دعوة تشمل الجميع دون اي اقصاء تجسيداً لمفهوم المصالحة الوطنية الحقيقية،وليس الشكلية كما دأبت سلطة بغداد اطلاقها كلما ازداد غضب الشعب بهدف الامتصاص وتجنب نقمته. 5ـ التشخيص الدقيق لحالة العراق والتأكيد على الاولويات التي تعيق اية مصالحة او اعادة بناء وفي مقدمة هذه الاولويات : أـ التخلص من الوجود الايراني وكل مخلفات وبقايا الاحتلال البغيض وبمشاركة الجميع وبضمانات عربية ودولية ملزمة ،وألغاء جميع القوانين والتشريعات التي اصدرها المحتل او السلطة التي خلفها ،واصدار قرار العفو العام وتعويض كافة المتضررين وضمان حقوقهم. ب ـ الدعوة لمؤتمر وطني يشارك فيه الجميع ويهدف الى تغيير العملية السياسية والبدء بمرحلة انتقالية محددة يتم خلالها تشكيل مجلس وطني واقامة حكومة تكنوقراط من الكفاءات المستقلة وتمكينها من اعادة هيكلة الدولة ومؤسساتها وبناء نظام سياسي حديث وعصري ينسجم مع التطورات والمفاهيم الجديدة وبما يوفر الامن والاستقرار بعد حل وتجريد المليشيات من السلاح وحصره بيد الجيش والاجهزة الامنية التي يجب بناؤها وفق القوانين والانظمة الوطنية . ج ـ العمل على اعداد دستور وتشريع قوانين جديدة للاحزاب وتنظيم عملية الانتخابات،وقبل انتهاء الفترة الانتقالية تتم اجراءات الانتخاب الحر والمباشر لرئيس الجمهورية واجراء الانتخابات المحلية والبرلمانية وبمشاركة الجميع دون استثناء ووفقاً للدستور والقوانين الجديدة. د ـ الحرص على اعادة بناء العراق وبالاعتماد الامثل على ثرواته وخاصة النفطية ووفق مبدأ "النفط مقابل البناء والاعمار" وباشراك واسع للطاقات والكفاءات الوطنية النظيفة وبما يضع حداً للسرقات والاهدار!. هـ ـ الحرص على وحدة الشعب والعمل على اعادة التلاحم والتآخي بين اطيافه المختلفة وذلك بـاعتماد مبدأ "الفصل بين الدين والسياسة" مع التأكيد على حرية الفرد وعلى احترام الاديان والمذاهب والطوائف والعقائد وتشكيل (مجلس اعلى للاديان) وبما يؤكد ان العراق لجميع اهله وبمختلف ألوانهمم واعراقهم واديانهم وطوائفهم. و ـ مبادرة البعث تثبت ..ان تخليص الشعب وايقاف مسلسل الانحدار نحو المجهول هو ما يقف في مقدمة اهدافه عاضاً على جراحه ومتناسياً بربرية ووحشية ما تعرض له على ايدي المحتلين وسلطتهم وعموم العملية السياسية ،انه نكران ذات وتضحية كبيرة في الوقت الذي مازالت قوى واحزاب العملية السياسية والمليشيات المرتبطة بها تصر على اجتثاثه والايغال في تشديد ذلك اذ ما زالت قياداته مطلوبة وفي الاسر والمعتقلات مع احكام بالاعدام ومازالت المطاردات بالتصفية والانتقام والتشريد مستمرة. زـ البعث ،وبعد 14 عاماً على اسقاط حكمه الوطني باحتلال غاشم،يؤكد في مشروعه الوطني، ويتحدى ويثبت ،وبشجاعة، انه موجود بقوة وثقل على الساحة العراقية وانه الطرف الفاعل والمؤثر في انجاح اية مصالحة وطنية حقيقية ،وبدونه سيكون الفشل مصير اي حل للاوضاع ،وفي استبعاده لن يكتب لاي تحرك النجاح،فالحل والمصالحة التي لايشارك فيها الجميع وبنوايا صادقة وبالتخلي عن الاحقاد والضغائن والغدر لن يدوم!فالبعث موجود وتجاهله وتعمد اقصائه لن يزيد الاوضاع الا تدهوراً! . ثانياً: ان المشروع الوطني صرخة بوجه اعداء البعث والشعب ،ولطمة قوية لمن مازال واهماً من ان البعث قد انتهى وان وجوده على الساحة العراقية قد تلاشى، بل ان الظهور وسط ارتفاع حدة المزايدات وهذيان العملاء الطارئين من الحرص الزائف على حل الاوضاع بمؤتمرات دعائية ،وفي الانحدار الواضح للاوضاع والفشل الذريع للعملية السياسية بكافة احزابها وشخوصها وقواها والتي هدفها ايقاف فشل السلطة ! يثبت العكس فالحزب رغم المؤامرة الكونية ضده وبعد معاداة وحصار ومؤامرات وحملات اعلامية متواصلة لشيطنته وقيادته والتي أثرت عليه واضعفته،الا أنه مازال موجوداً ومؤثراً وفاعلاً وموجوداً على الارض وعلى رأس المقاومة العراقية الباسلة التي هزمت المحتل الامريكي واجبرته على الانسحاب اواخر عام 2011 ،وبعكس الصورة المشوهة والمخالفة للحقيقة والواقع التي تحاول سلطة بغداد ومن يدعمها لصقها به ،فمازال الحزب يحظى بجماهيرية وشعبية كبيرة تزداد يوما بعد آخر رغم كل اجراءات القمع الوحشي ،وانه لاحل بدونه ،ومعه افضل القادة والضباط وخيرة الخبرات والنخب والكفاءات العلمية والتكنوقراط ، وانه صاحب التجربة الانجح والاطول. ان التجاوب مع مشروع البعث واي مشروع وطني صادق لحل الاوضاع في العراق قبل الانفجار ،هو مسؤولية كل الوطنيين والحريصين على البلاد والذين يهمهم امن وسلام المنطقة والعالم اجمع،كما ان على قوى الاحتلال وعلى رأسهم الولايات المتحدة وبريطانيا التحرك،فهم من خلق وتسبب في الكارثة التي يعيشها شعب العراق وشعوب المنطقة والعالم ،ولابد من حلها بدلاً من الاعتذار بعد الأقرار بارتكابها ، وألا فان السرطان الايراني سيصل كل بقعة في الجسد العراقي عبوراً للجسد العربي ،وان شرورالارهاب ستصل اية عاصمة تعتقد انها في مأمن.