ما بعد مرحلة داعش يجري الفرز متسارعا في العراق على اكثر من ساحة ومستوى وفصيل وتكتل وتحالف سياسي، ومهام المرحلة الجديدة ستفرز قوى اجتماعية وسياسية واضحة الاهداف والمقاصد، كما ان اعادة انتشار القوات الامريكية في العراق واندفاعها لاجل الاستعداد لمرحلة ما بعد داعش سيدفع الايرانيون والصفويون واتباعهم في العراق والمنطقة الى اعادة النظر في كل مخططاتهم للبقاء في العراق، وخاصة بعد فشل نظامهم السياسي الطائفي الحاكم الذي وصل الى السلطة بفضل التعاون مع الاحتلال الامريكي في العراق بعد 2003. واذا كانت القوات الامريكية سبق ان اجبرت على الرحيل من العراق بفضل ضربات المقاومة الوطنية الباسلة، ورغم ان ايران وحلفائها قد ناصبوا بالعداء المقاومة العراقية وحاربوها وتآمروا عليها بكل الوسائل السياسية والمسلحة ، وخاصة من خلال الدعوة الى دعم العملية السياسية وسلطتها، ومنع جماهير عراقية واسعة من محافظات الوسط والجنوب من التواصل مع المقاومة واسنادها، وبسبب الفتاوى السيستانية المشبوهة التي دعت الى مهادنة المحتل والقبول في التعايش والتنسيق مع ادارة الاحتلال، ورغم ان هناك الكثير من العمل المقاوم البطولي السري كان في جنوب الوطن منذ مقاومة ام قصر وسوق الشيوخ وميسان والنجف وغيرها ، الا ان ذلك العمل المقاوم ، كان محجما ومغيبا عن الاعلام، ومعزولا عن جماهيره في جنوب العراق، في حين اشتعلت ضربات ثوار المقاومة في بقية المناطق في وسط العراق وحزام بغداد والمحافظات الغربية والشمالية فاطلقوا عليها امريكيا "التمرد السني" تارة و "المثلث السني" تارة أخرى، والصقت بسمعة العمل المقاوم كل النعوت بما كان يجري من جرائم وتفجيرات دموية مشبوهة كانت تنفذ من قبل ادوات النظام الايراني وحلفائه، محاولة منهم اضفاء صبغة طائفية وجهوية على العمل المقاوم، في الوقت الذي كان يجري التنسيق والعمل سرا بين النظام الايراني مع القاعدة وبعدها داعش لاجهاض اية مقاومة وطنية عراقية شاملة. ومع الانقسام الواضح لما يسمى " البيت او الائتلاف الشيعي" اليوم يعود البعض الى الحديث بنغمة مشبوهة عن مئآثر تنسب الى ما يسمى " المقاومة الاسلامية" والتبجح بعملياتها ضد المحتل ،والتلويح باحتمال العودة للمقاومة ضد الامريكيين اذا ما تحرش ترامب وحكومة العبادي بالحشد الشعبي والمليشيات او الحرب مع ايران، كما يتقول كبيرهم نوري المالكي بتصريحاته الاخيرة، وكما يستعرض مقتده الصدر مناوراته ما بين الدعوة للمقاومة تارة وحل جيش المهدي وفرق السلام تارة اخرى ، تجري هذه المناورات بسبب اضطرار حيدر العبادي تحت ضغط الادارة الامريكية الى محاولة حل الحشد الشعبي والحاقه بالجيش وقوات الداخلية، وهكذا فان اركان ما يسمى " التحالف الوطني" وفلوله المنهارة تعيش حالة هستيرية ما بين موافق ورافض لهذا القرار، حتى كدنا نسمع من ادوات ايران الاخرى كالعصائب وبدر وفلول مليشيات ايران الاخرى بانهم سيلجئون الى " المقاومة" ، ولم يفصحوا عن كنه هذه المقاومة المزعومة ؟ ضد من ؟ ولاجل من ؟؟. نقولها صريحة لكل هؤلاء : ان من طعن ظهر المقاومة الوطنية ، وتآمر عليها مع الايرانيين والامريكيين، ومهما ادعى لا يمكن ان يكون مقاوما وطنيا شريفا. وهو الذي سلم سلاحه بل باعه الى القوات الامريكية الغازية طواعية . واذا ما طلبت منكم ايران العمل معها لمنع ضربة امريكية للنظام الايراني فان اصطفافكم مع ايران لا يمكن ان ينسب الى شرف المقاومة العراقية وامجادها وسيرتها الوطنية المشرفة. كفوا عن اللعب بالنار، واتركوا المقاومة وعنوانها لاهلها ولرجالها وابطالها. ان المقاومة ليست موائد عبث وتسلية ومواكب وفتاوى تجتمع معبئة بالماكولات والمشروبات وبما لذ وطاب وتوضع في طريق ركضة طويريج ، في الوقت الذي يموت ابناء شعبنا العراقي جوعا وتشريدا وقتلا وتطهيرا طائفيا على ايدي من يدعون اليوم انهم ذاهبون الى المقاومة ، ويدعون لفظيا واعلاميا انهم مشاريع جديدة للمقاومة ؟ لا لشيئ الا لان وقت الحساب قد قرب ما بعد مجازر الموصل ودمار العراق وانتهاء فرصة اللعب على اوتار الحرب الاهلية والطائفية ، هذا يحدث متسارعا نظرا لقرب هزيمتهم السياسية وخسارة سلطتهم العميلة وقرب انتهاء امتيازاتهم ومحاصصاتهم والى الابد. وان غدا لناظره قريب.