يعز علي أن تمر ذكرى إستشهادك دون أن أقول فيها كلمة ، فمن الاعز علي ومن الاقرب إلي حتى لا تندفع الكلمات التي تلامس شغاف القلب ، تعبير عن حياة رجل عاش بطلاً ومات بطلاَ ، وترك في تاريخ الأمة نموذجاً لم يطرقه لا من سبقه ، ولا من سيكون عليه في المستقبل ، رغم أنني على قناعة أن الأمة ولود ، فالأمة التي أنجبت صدام ستنجم أبطالاً ليكملوا مسيرة صدام ، فقد كان الشهيد على طريق الآباء والأجداد الذين بنوا مجداً ، وصنعوا حضارة على طريق أمة حملت رسالة ، فحق عليها أن تكون أمة الرسالة . ما من رجل امتطى صهوة حصان الموت ، يقف شامخاً أمام ملك الموت ، غير صدام حسين ، ليؤكد أن هذه الأمة هي أمة العروبة ، أمة الرسالة ، هي من تعهدت بميلاد رجال لن ينحنوا للموت ، فقد تعلموا أن يكونوا رجالاً في مواجهة الحياة ومواجهة الموت، فالحياة والموت عندهما في خدمة الأمة والمبادئ ، حتى عندما تتكالب عليهم قوى البغي والعدوان ، فهم يواجهون لا يركعون لطاغبية ، ولا يسجدون لباغ ولا لظالم، هم أسود الأرض الذين يحمونها بأرواحهم ، وقد كان الشهيد صدام نموذج هؤلاء الأسود . سيدي لقد بنيت وطناً على طريق بناء أمة ، فكانت الأمة في ناظريك ، فالعراق كان لخدمة الأمة ، والمبادئ التي حملتها لخدمة أمة تتطلع لبناء مجدها ، واستعادة تاريخها المجيد ، تاريخ الشهادة والشهداء والرجال الأبطال ، الذين تسلحوا بالايمان، فكانت الشهادة هدفهم أو أن يكون النصر حليفهم . كل الحاقدين والعملاء والإنتهازيين على شاكلة من جاءوا على الدبابة الامريكية ، أو ساقتهم أكاذيب ملالي الفرس المجوس قد خابت أمانيهم في أن ينهوا دورك ، فسارعوا لقتلك ، لأنهم فشلوا في مواجهتك ، وما علموا أن شجاعتك قد إنتصرت عليهم حتى وأنت تواجه ملك الموت ، فاسودت وجوههم ، وتقزمت قاماتهم ، ولعنوا في الدنيا والآخرة . وهاهي الذكرى العاشرة لاستشهادك ، ومع كل ذكرى تبسط جناحيك الوارفة على امتداد الوطن ومساحة الأمة ، لا بل تجاوزتها لكل بقعة فيها نفس عروبي مازالت العروبة كعبتها ، فازددت محبة ومجداً بين صفوفهم ، وكلهم يدعون لك بالرحمة ، ويفخرون بمواقفك التي باتت نهج حياة كل الخيرين في الأمة ، في ذات الوقت يزداد هؤلاء الخونة والعملاء خزياً وعاراً بما صنعت أياديهم القذرة ، وما سولت لهم أنفسهم المريضة ، وهم يؤكدون في كل يوم على أرض العراق أنهم أسوأ من الشر نفسه ، وأحقر من الشيطان عدو الله والإنسانية ، فقد رضعوا من ثدييه الامبريالي والصهيوني عن طريق أسيادهم الفرس المجوس . يا سيدي أنت من قاد مسيرة الخير والعطاء في زمن السلم في العراق ، وما بخل القدر العراقي في زمنك من أن يفيض على أبناء العروبة ، وأنت من قاد المقاومة عندما تعرض العراق للهجمة الامبريالية الصهيونية الصفوية ، فما كانت السلطة في نظرك إلا خدمة للمبادئ ، وعندما تعرضت المبادئ للعدوان عفت السلطة ونزلت لساحة الوغى للدفاع عن المبادئ ، فمن سبقك في أن يكون في الخندق الأمامي للدفاع عن الأرض والعرض والمبادئ . سيدي أنت مدرسة في الفهم والوعي لمعنى المبادئ والعمل على تطبيقها ، حتى لو كان ذلك على حساب أغلى ما يحمل الإنسان ، فهل هناك أغلى من الروح لدى المخلوقات البشرية ؟ ، إلا أنك قد أعلنت أن المبادئ والأوطان ترخص الروح أمامها، فهذا هو ديدن المناضلين الذين يحملون أرواحهم على أكفهم ، فقد مثلت النضال في كل ميادينه ، ومارسته بكل وسائله ، مارسته في زمن السلم زمن السلطة ، ومارسته في زمن المقاومة عندما تعرض الوطن والمبادئ للعدوان . سيدي نم قرير العين ، فهذه الأمة التي آمنت بحقيقة وجودها ، ونضالها في سبيل تحقيق مبادئها ما زالت على العهد ، ففي كل بقعة من بقاع الوطن العربي هناك من يؤمن بالمبادئ ذاتها التي استشهدت في سبيلها ، وهناك وعي بطريقة أن زمناً عشت فيه في السلم والمقاومة مازالت الأنفس تتوق إليه ، فليس هناك بأفضل من أيام النضال يقضيها الإنسان من أجل نصرة المبادئ ، وهذه أمتك التي عشت واستشهدت من أجلها ما زالت على العهد باقية ، وإنها على يقين أن النصر حليفها ، فهي أمة الخير والعطاء ، أمة التضحية والرسالة ، فمن تكون هذه سماتها من أمم الأرض لن تموت. dr_fraijat45@yahoo.com