المتابع للشأن العراقي بعد 2003 يدرك ان الادارة الامريكية قد سلمت العراق لايران على طبق من ذهب , وبهذا العمل خدمت الكيان الصهيوني الذي سعى في العقود الماضية الى اجهاض القوة العربية ممثلة في العراق وسوريه ومصر , ولكنه لم يتمكن من انجاز تلك المهمة , ونفذها ملالي ايران بالشكل الذي يؤمن للكيان الصهيوني امنه وسلامة وجوده في المنطقه . بدأ النفوذ الايراني في العراق بالتدريج بفرض الاحزاب الموالية لولي الفقيه على السلطة في المنطقة الخضراء , ومن ثم التغلغل في المؤسسات الامنية والادارية , التي سهلت تجنيسس الايرانيين بالجنسية العراقية , ويقدر عددهم حوالي مليونيين شخص . كما سعت من خلال قاسم سليماني الى العمل في القوات المسلحة والامنية الاخرى , بحيث تقتصر على مكون طائفي واحد , ومن اجل التسلل بشكل كبير سلم المالكي الموصل الى داعش وبعدها سيطرت داعش على ثلث العراق وخاصة على المناطق الغربية والشمالية ذات الغالبية السنية . مما سمح للمرجعية الطائفية ممثلة بالسيستاني باصدار تلك الفتوى المعروفة بالحشد الطائفي لمواجهة داعش . الحشد في حقيقته مجموعة من مليشيات الاحزاب التابعة لايران وعددها اربعين تنظيما , تدين بالولاء العقائدي للولي الفقيه , كما يلتزم قادة هذه المليشيات بما يمليه الولي الفقيه , وفي مقدمتهم نوري المالكي وهادي العامري الذي قاتل مع الحرس الثوري ضد القوات العراقية اثناء الحرب مع ايران 1980-1988 . والتي تدربت في ايران وممولة ومسلحة من ملالي ايران . وقد شاركت هذه المليشيات في المعارك السابقة ضد داعش وشاهد العالم تلك الفضاعات التي ارتكبتها عناصر الحشد ضد المواطنين في المناطق المحررة وخاصة في ديالى وصلاح الدين والانبار واليوم في الموصل ومحافظة نينوى بعامه . وما رافق تلك الاعمال من قتل وتهجير السكان من ارضهم وديارهم واسكان المجنسين الايرانيين محلهم , في مسعى لتغيير الواقع السكاني في هذه المناطق ذات الكثافة السنية . اكتمل المخطط الايراني الذي قاده سليماني بشرعنة وجود الحشد , وتشكيل الحرس الثوري العراقي , ليكون القوة التي تحمي سلطة الاحزاب الطائفية الحاكمة , كما هي مهمة الحرس في ايران لحماية طغمة الملالي . فقد اقر البرلمان العراقي قانون الحشد في جلسة سادها الفوضى وخروج عدد من النواب السنه , والقانون اقردمج المليشيات في المؤسسة العسكرية , اي انه اصبح لايران الملالي ذراع عسكرية رسمية داخل جيش دولة عربية كانت في يوم من الايام تشكل البوابة الشرقية للوطن العربي . اما النواب المحسوبون على السنة فلهم ارتباطات مصلحية مع الملالي ويريدون المحافظة عليها . والاخرون هم في الامتحان اما ان يرضخوا للامر الواقع ويحافظوا على امتيازاتهم المادية , او انهم يتداركوا الامر قبل فوات الاوان , لان الايام المقبلة سوف تفرز مجلس نواب ياتمر بأوامر الحشد , ومن ثم سيكون رئيس الوزراء من قادته , ومن غير المستبعد ان يعود المالكي لرئاسة الوزراء مجددا , وبعودته سينهي كل وجود للوجوه التي تمثل السنه , وعليه ان كان لديهم اي وعي بما سيجري عليهم ان يتخذوا الموقف الذي كان يجب ان يتخذوه من الاساس لان العملية السياسية ذات صبغة طائفية ايرانية خالصة . اما اعتراضات مقتدى الصدر فليست الا لكسب بعض المكاسب لمكونه الطائفي , وخوفا من عودة المالكي الذي لديه ثأر معه على خلفية تقاسم السلطة . لقد حقق الملالي مكسبا كبيرا بهذا التشريع للحشد , وهذا الواقع الجديد سيكون من القضايا الهامة امام الرئيس الامريكي الجديد ترامب , الذي سبق ان اعلن نيته مقاومة الارهاب ومنع ايران من بث الفوضى في المنطقه , فهل تسعى الانظمة العربية المعنية وفي مقدمتها السعودية ودول الخليج العربي الى اعداد خطة للواقع العربي ومنه الوضع في العراق تعرضها للتفاهم مع ترامب ؟ hassan_tawalbh@yahoo.com