تتمتع العلاقـة بين تركيـا والاتحـاد الاوربي بجدليتها وتشابكها وفقدانها الاسس الواضحة واهم ما تفتقر له السقف الزمني ومسار تطورها بخلاف علاقة كل الدول الاخرى التي انضوت تحت ظلال الاتحاد الاوروبي حيث كان كل الاطراف تحتفل بالتاريخ المحدد لها لدخول نادي الاتحاد الاوروبي وقد نفذت الشروط المتفق عليها اثناء مرحلة التفاوض . ذلك باستثناء تركيـا . تـركيـا التي شـاركت الغرب وتحديدا الاتحاد الاوروبي كـل نشاطاته الاقتصادية والسياسية والعسكرية من خلال دورها في حلف النـاتـو وقـدم الطرفـان الخدمـات المتقابلة . لقد سعت كل الكيانات السياسية في تركيا للعمل حثيثا للولوج الى عالم الاتحاد الاوروبي ولم يتلمس الاوروبين من اي طرف سياسي تركي امتعاضا او تلكأ او تململا في الرغبة لعضوية تركيا للنادي الغربي . وينظر الغرب لتركيا الشريك الغير مناسب الذي لا غنى عنه ، فاهمية تركيا الجيواستراتيجية والسياسية لاوروبا لا تسمح للغرب التخلي عنها كونها البلد الاسلامي الوحيد في الناتو وعمق علاقاتها بالشرق . فعندما قدمت تركيا طلبا رسميا للانضمام الى الاتحاد الاوروبي عام 1987 كانت اوروبا مجبرة على قبول هذا الطلب لان الحرب الباردة لا زالت في اوجها والاستقطابات الدولية قائمة . وبعد انتهاء الحرب الباردة تباطئت الردود الاوروبية وتميعت الخطوات واعتبرت اتفاقية الاتحاد الكمركي بينهم عام 1995 بمثابة هدية اوروبية لتركيا لامتصاص الاصرار التركي لمناقشة الطلب وفق سقف زمني . لكن تركيا لم تهـدأ حتى مؤتمر هلسنكي للاتحاد الاوروبي عام 1999 الذي اقر بترشح تركيا الى عضوية النادي الغربي وبعد ست سنوات من هذا الاقرار بداء التفاوض الماروثوني الرسمي بين الطرفين الى يومنا هذا وظل مسار التفاوض يراوح مكانه ولا يقترب على الاطلاق من وضع اسس عملية لقبول تركيا في الاتحاد الاوروبي . خلال فترة التفاوض نفذت تركيا جميع الامـلات الاوروبية و شروطها للانضمام مثل ايقاف العمل بتنفيذ عقوبة الاعدام والسماح لاحزاب القوميات الاخرى ممارسة النشاط السياسي ودخول البرلمان التركي ووقف القتال مع الجماعات الكردية المسلحة . وطالبت اوروبا تركيا بالالتزام بمعايير الديمقراطية وفق مفهومها الغربي وغيرها من الامور مثل الاقتصاد وبحث قضية قبرص وارمينيا ... الخ . إن بلدان الغرب تتميز بتعاقب سلمي للسلطة التنفيذية ولكل حكومة اجندتها تبعا لميلها السياسي من اليمن الى الوسط حتى اليسار الوسط فيتغيير الخطاب السياسي تجاه تركيا وعضويتها في الاتحاد الاوروبي وفق المزاج والتوجهات السياسية للنخب الحاكمة واحزابها ، هذا التغيير في الحكومات سبب تخبطا واثر سلبا على مسار التفاوض . واذا ما رصدنا حجج القوى الرافضة بدخول تركيا النادي الاوروبي فهي تتمحور بعامل الجغرافية لان لتركيا فقط 3% من مساحتها داخل اوروبا او الاختلاف الحضاري ( لان الشعب التركي مسلم بغالبيته والاتحاد الاوروبي نادي مسيحي ) رغم علمانية الحكومات التركية، ومشكلة النمو السكاني في تركيا وكثير من الدوافع التي لا تستند الى واقع جدي لان تركيا افضل من بعض دول الاتحاد في مجالات عدة . لقد افضت سياسة المراوغة هذه نزعات يأس عند الشعب التركي من عضوية الاتحاد نهايـك عن شعور الحكومة التركية بالاحباط والاحراج امام شعبها في ملف الاتحاد الاوروبي وتلمست ان هناك من يرغب بدفع تركيا واجبارها على سحب طلب عضويتها وهذا ما دفـع بالقيادة التركية بتـوجيه رسـالة حادة لمسؤلي الاتحاد الاوروبي باللجوء الى استفتاء شعبي تركي لسحب طلب العضوية مما يشكل احراجا للاتحاد الاوروبي بالوقت الحاضر لا سيما وان النزف البريطاني لم يندمل اثر استفتاء شعبي فرض خروج بريطانيا من الاتحاد . يبقـى السـؤال المهـم مـا هو الشـرط والمـارد السـحري الذي يحمـل تركيـا الى الاتحـاد الاوروبي ؟ هـل هـو سـر من أسرار الكهنـوت ؟ أو شـرط مخجل لا يمكن البـوح بـه لانه يجـرح كبرياء الامة التركيـة ؟ لقد تعاملت تركيا بنفس طويل في المفاوضات الا ان الجانب الاوروبي يعمـل على تسـويفها باعذار سمجة ومكررة والمراهنـة على عـامل الزمـن للوصـول الى الهدف الذهبي بالنسبة لهم ألا وهـــــــو وجـود قيـادة سياسية تركيـة تقـبل بتقسـيم تـركيا وتفتيتها الى دول او دويلات . ويكون يوم قبـول عضوية تركيـا في الاتحاد الاوروبي هو يوم الانطلاق نحو جـدول العـد التنـازلـي لتقسيم تركيـا وعند وصول هذه السياسة مبتغاها ستكون تركيا ضعيفة لايمكنها الحفاظ على مقومات الامة التركية وبنائها الحضاري ودون هذا المارد السحري والشرط المخجل لا تتحق عضوية تركيا في الاتحاد الاوروبي .