صدر الوعد في الثاني من تشرين الثاني في عام 1917 ،قبل تسعة وتسعين عاماً، باعلان جيمس بلفور وزير خارجية بريطانيا أن فلسطين وطن قومي لليهود ، وقد صدر الوعد قبل احتلال الانجليز لفلسطين، وسعت الحكومة البريطانية بشتى الطرق والوسائل لاقامة كيان صهيوني على أرض فلسطين ، باعتبارها دولة الإنتداب على ، رغم أن اليهود لا يشكلون في فلسطين أكثر من 5% من تعداد السكان في ذلك الوقت، وقد عانى الفلسطينيون معاناة شديدة في مواجهة العصابات الصهيونية بدعم ومساندة الجيش الانجليزي ، وسياسة الحكومة البريطانية المنحازة لجانب العصابات الصهيونية على أرض فلسطين ، حيث تمكنت هذه العصابات في العام 1948 من اقامة الكيان الصهيوني على أرض فلسطين ، وعلى حساب حقوق أبناء فلسطين المشروعة ، الذين تم تشريدهم من بلادهم في أسوأ كارثة إنسانية عرفها التاريخ ، وعد من لا يملك لمن لا يستحق ، وقد تشتت اللاجئون الفلسطينيون في شتى باقاع العالم ، ومنذ أكثر من ستين عاماً واللاجئون الفلسطينيون يناضلون لاستعادة حقوقهم المغتصبة دون جدوى ، بسبب الدعم الذي يتلقاه الكيان الصهيوني من الدول الامبريالية . في الوقت الذي صدر فيه الوعد المشؤوم كانت البلاد العربية ممزقة ، تهيمن عليها القوى الامبريالية من إنجليز وفرنسيين وغيرهم ، إذ بات الوطن العربي من المحيط إلى الخليج تحت هيمنة دول الغرب الاستعماري ، بسبب اتفاقية سايكس بيكو ، ولم يعد بين العرب من يستطيع أن يحمي أرضه ووطنه ، حتى قامت الثورات في بعض الاقطار العربية ، وإنتزعت استقلالها الوطني من يدي المستعمرين المحتلين ، وتكون لدى الدول العربية الحكومات الوطنية التي تم التآمرعليها ، ووضعت العراقيل في طريق تقدمها حتى فشلت في أداء دورها ، وإنجاز مهماتها ، فبات النظام العربي الرسمي فاشلاً بسبب عدم تمكنه من حماية امنه الوطني ، وتحقيق التنمية الاقتصادية، وخاصة بعد احتلال الكيان الصهيوني لاراضي ثلاث دول عربية في مصر وسوريا والأردن عام 1967 . كان الحلم الصهيوني منذ إنطلاقة الوعد باقامة دولة الكيان الصهيوني من النيل إلى الفرات ، وهو بعد ستين عاماً أو يزيد ، قد حقق على أرض الواقع هذا الطموح الامبريالي ، خاصة بعد اتفاقيات العار التي وقعتها بعض الاطراف العربية معه ، وقد تم التعامل معه من خلال التطبيع ، كواقع طبيعي ، جهدت " اسرائيل" في التأكيد عليه في كل اتفاقية ، وكأنه واحد من مكونات المنطقة العربية ، وهو الغريب عن المنطقة ، والمحتل لاراضي الغير ، في الوقت الذي مجرد وجوده يعد عدواناً من جهة، وأن الصراع معه ليس صراع حدود ، بل صراع وجود من جهة ثانية . وعد بلفور وعد مشؤوم ، استطاعت القوى المعادية وفي مقدمتها بريطانيا أن تحقق كل ما جاء به على أرض الواقع ، حيث في مدة ثلاثين عاماً تم قيام كيان الدولة ، وبعد اقل من عشرين عاماً تمكن من احتلال كامل ارض فلسطين ، وبعد اتفاقية اوسلو تم الاقرار بشرعية وجوده من منظمة التحرير الفلسطيني ، الممثل الشرعي لابناء فلسطين ، وبدأت سلطة اوسلو ، سلطة فاقدة الوزن والقيمة . لقد أنهت اوسلو تاريخاً نضالياً عمره ثمانين عاماً لابناء فلسطين في مواجهة الكيان الصهيوني ، وأخذت سلطة اوسلو تلهث وراء الحكومات الصهيونية فيما تسميه اقامة الدولتين، دون اهتمام من القيادات الصهيونية ، لا بل وبمزيد من اغتصاب الارض وزرع المستوطنات التي نهبت الارض وخيراتها ، وحرمت المواطنين من حقوق الحياة في وطنهم ، وما زالت مستمرة في غرس المستوطنات في كل مكان من أرض الضفة ، وبشكل خاص في القدس وضواحيها ، واعلنت أن القدس عاصمتها . تظن " اسرائيل " واهمة أن في مقدورها تغييب الشعب الفلسطيني ، وواهمة أكثر في الهيمنة والسيطرة على الوطن العربي ، فقد تعرضت فلسطين لحملات عدوانية على مر التاريخ ، وتم اسقاط كل هذه الحملات وطرد مرتزقتها ، وعادت فلسطين ارضاً عربية رغم كل مخططات الطامعين ، ولن تكون نهاية الهجمة الصهيونية بعيداً عما اصاب الهجمات العدوانية التي سبقتها على مر التاريخ ، فالفلسطينيون صامدون على أرضهم كرأس رمح لابناء الامة لاستعادة فلسطين ، كامل فلسطين ، عندما يقيض الله لهذه الامة من يجمع شملها ، ويوحد ارضها في دولة واحدة ، لتعود فلسطين حرة عربية من البحر إلى النهر ، ولن يبقى فيها صهيوني واحد ليدنس أرضها . عاشت فلسطين حرة عربية من البحر إلى النهر ، وحيا الله الشهداء والصامدين من أبناء فلسطين والأمة ، وإن غداً لناظره قريب ، فاما النصر واما الشهادة ، فارض فلسطين تنادي امة العرب أن اقبلوا فها أنا بانتظاركم ، لتعود فلسطين عربية الوجه واليد واللسان . dr_fraijat45@yahoo.com