يعيش الوطن بين نارين : واحدة من الخارج متمثلة بالعدو الصهيوني الذي يحمل افكاراً عدوانية توسعية ، رغم أن وجوده بحد ذاته على ارض فلسطين يعتبر عدواناً صارخاً على الأمة ، لايفهم لغة الحدود إلا عند مكان بوطه العسكري ، ومع أن السياسيين تنافخوا في أن ما اسموه باتفاقية السلام تحمي الوطن والمواطن مما اسموه بالوطن البديل ، وهم على يقين أنه لا يحترم عهداً ، ولا يقيم وزناً ، عندما تحين له فرصة القفزة العسكرية باتجاه الشرق ، اتجاه الوطن ، عندما يتمكن من ابتلاع الارض ، وتحين ساعة طرد المواطنين الشرعيين من وطنهم . النار الثانية التي يصطلي بها الوطن هؤلاء الذين يسرقون قوت الشعب وينهبون خيراته ، فلا قانون يردعهم ، ولا خجل ولا حياء يجري في عروقهم ، فهؤلاء لا يختلفون في خطرهم عن عدو متربص غرب النهر ، فمن لايؤتمن على المال العام لا يؤتمن على وطن ، وكلاهما العدو والفاسد اعداء الوطن والمواطنين ، ويعمد الفاسدون على نهش جدران الوطن ، وجدران معدة كل مواطن ، ويصب عملهم في خدمة اعداء الوطن ، فكلما ضعف الوطن ، وإنهارت قوى مواطنيه كلما كان لقمة سائغة لاعدائه . ونحن مع نار العدو هذا نمعن في التطبيع معه ، ونعمل على تسهيل نومه في احضاننا، فقطعانه ترتع في كل مكان من الوطن ، ونعمد لتسهيل طرق نفوذه حتى بين جلود أجسادنا ، من خلال ما نسمح له في قوانين تسهيل التطبيع ، وآخرها في السماح لشركاته في الاستثمار في اقتصادنا ، ليصل إلى التحكم في قوت أطفالنا، وشربة مائنا ، وغاز طبيخنا ، فماذا ابقينا للوطن والمواطنين من جدار حماية عندما تحين ساعة استهدافنا ؟ ، فقد بات الوطن شقة مفروشة لهذا العدو الغاصب ، ينام فيها بدون ثمن ، ويحصي علينا أنفاسنا حتى في غرف نومنا ، وها نحن على ابواب إنتخابات لمجلس قد يكمل مسيرة مجلس اتفاقية الغاز وقانون الاستثمار، وتعليمات الاستيراد من العدو دون قيد أو شرط ، وتجارة سالكة بيننا وبينه تحت أوهام كاذبة أنها من منتوجات اشقائنا في غرب النهر . واما نار الفساد والمفسدين ، فهل يعقل أن دولة تحصي على الناس أنفاسهم ، وما من حديث بين اثنين إلا والعراب ثالثهما ، حتى أن البعض يتندر أنه يخشى من نفسه على نفسه في كتابة التقارير للسيد العراب ، فدولة بكل هذه السيطرة وكل قدراتها على ما تسميه توفير الامن والامان لا تستطيع توفير الحماية الاقتصادية من الذين يعمدون لسرقة المال العام ، وهل يعقل أن واحداً من رؤساء الوزارات يعترف بالفساد، ولكنه يطلب بمن يدله على الفاسدين ؟ ، فهل يلبس هؤلاء طاقية الاخفاء عندما يمدون اياديهم على المال العام ؟ ، وهاهم المرشحون كل يغني على ليلاه ، وتتنافخ اوداجهم، ولا احد منهم يستطيع أن يرفع ولو شعاراً واحداً يعلن فيه محاربة الفساد وتقديم الفاسدين إلى القضاء . نحن أمام خطر داهم لابد من أن نرفع الصوت عالياً لحماية وطننا ، ومستقبل أبنائنا من كلا العدوين : العدو الخارجي المتمثل بالكيان الصهيوني ، والعدو الداخلي المتمثل بالفساد والمفسدين ، فكل مشاكل الوطن يمكن أن يكون حلها في أبسط الطرق واسهلها إن كان هدفنا الوطن والمواطن ، فالبطالة والفقر وحتى ارتفاع الاسعار مع ضعف القدرة الشرائية للمواطن من خلال الحد من فساد التجار ، نستطيع وجود الحلول لها ومعالجتها ، فالفساد مدمر لحياة الوطن والمواطنين ، والارهاب لن يكون له طريق بيننا ، لأنه لا يغزو إلا النفوس المريضة ، وما كان الوطن مزرعة لنفر فاسد يعيش على حساب قوت الشعب ، وينهب خيراته ، ينتزع اللقمة من افواه ابناء الوطن ، ويسرق النوم من عيونهم ، فهؤلاء ليسوا ببعيدين عن اعين الاجهزة ، وبالامكان الوصول إليهم بكل يسر وسهولة والخلاص منهم ، واما التطبيع مع العدو علينا وقفه، ونحرم على عدونا أن يرتع في ربوع وطننا بكل الطرق والاساليب ، فما كانت الاتفاقيات بين أي طرفين يقوم على تنفيذها طرف لحساب طرف آخر، فكل ما نقوم به تحت ذريعة اتفاقية السلام هو لخدمة العدو، هذا الوطن ملك لجميع أبنائه ، فمن وجد في نفسه أن يكون مواطناً صالحاً ، فليرفع صوته عالياً ضد التطبيع مع العدو والارتماء في احضانه ، وكذلك أن يكون هناك موقف من هؤلاء الفاسدين ، حد نبذهم من المجتمع ، والعمل على التشهير بهم، اياً كانت مواقعهم الرسمية أو الشعبية ، ليكونوا عبرة لغيرهم ، ممن تسول له نفسه أن يسير على طريقهم ، فاذا تظافرت الجهود وصدقت النوايا ، فسيكون سهلاً القاء القبض على الفاسدين ، ومقاطعة حقيقية للتطبيع . dr_fraijat45@yahoo.com