ومن هذه التهديدات خطر المشاريع السياسية المطروحة على النظام العربي سواء لتفتيته وإلحاقه بكتل إقليمية وعالمية تضيع فيها هويته، أو لتسوية صراعاته الإقليمية وعلى رأسها الصراع العربي-الصهيوني على النحو الذي يصفي الحقوق الفلسطينية والعربية، ولن تكون مواجهة هذه المشاريع ممكنة بغير بلورة رؤية عربية مشتركة واعتماد النهج التفاوضي الجماعي بشأنها، والقضاء على الأوضاع التي تيسر الاختراق الأجنبي للأقطار العربية واستقواء قوى سياسية داخل هذه الأقطار بذلك الاختراق. من هذه التهديدات أيضاً المخاطر التي باتت تحيط باللغة العربية من أكثر من مصدر سواء نتيجة تفشي مؤسسات التعليم الأجنبي في الوطن العربي أو النزوع إلى تعزيز اللهجات المحلية على حساب اللغة القومية، أو الإفراط في الاعتماد على العمالة الأجنبية وما يستتبعه ذلك من دخول مفردات لغات أجنبية في الحياة اليومية العربية بما في ذلك تربية النشء في بعض الأقطار العربية، ولن تكون مواجهة هذه التهديدات ممكنة دون العمل على تحقيق السيادة الفعلية للغة القومية في الإدارة والتعليم والثقافة والعلوم بما في ذلك العمل على تعريب التعليم في الكليات العلمية العربية. ومن هذه التهديدات خطر فقدان الأمن المائي والغذائي والأمن العلمي والتقني، الأمر الذي يهدّد بفقدان الاستقلال والإرادة والارتهان الدائم للأجنبي، ناهيك بالسقوط في دوامة من المشكلات الاقتصادية والاجتماعية لعدم القدرة على توفير الغذاء والماء ومستلزمات الحياة. من ناحية أخرى لا شك أن ظاهرة العمالة الأجنبية في الوطن العربي باتت تمثل خطراً داهماً على الأمن القومي العربي والاستقرار الداخلي في وحداته ناهيك عن أنها تضرب أصلاً فكرة التكامل القومي في جوهرها، والأمر المؤكد أن استفحال هذه الظاهرة يهدد بمزيد من استتباع الأقطار العربية خاصة وأن قطاعات واسعة من هذه العمالة تنتمي إلى قوى إقليمية ذات شأن، ويفاقم من هذا التهديد الأوضاع المتردية للفئات الدنيا من هذه العمالة. ومع التأكيد على ضرورة حصول هذه الفئات على حقوقها الاقتصادية والاجتماعية فإن الأمر من منظور الأمن القومي العربي يتطلب إعادة نظر شاملة في سياسات العمالة في الوطن العربي يجب أن تفضي إلى استراتيجية قومية تعتمد على العمالة العربية بصفة أساسية في تلبية الاحتياجات للعمالة في الأقطار العربية.