لم يعد الاحصاء نافعا لنذكر القائمين على حكم المضبعة الخضراء ان إزهاق روح واحدة هي كقتل البشر جميعا. البارحة انتقل جحيم المشاوي بالنار والخنق بالدخان المسموم من تطبيقات حريق الكرادة الى ردهات مستشفى اليرموك. ل الشهادات التي يتبادل اتهاماتها المجرمين انفسهم من وزيرة الصحة الى مدير صحة بغداد الى مديري المستشفى تؤكد على ما يلي: أولا: التسلط المافيوي على الوظائف في وزارة الصحة ورفض قرارات العزل لكل المدراء الفاسدين وغياب سلطة رئيس الحكومة ووزيرة الصحة. وكل مسرحيات الاقالة او طلب الاستقالة كاذبة طالما ان كتلة دولة القانون والمواطن والاحرار توزع الوظائف على اللصوص والقتلة بشرط سرقة ميزانيات الصحة وتضخيم فواتير مايسمى اصلاح وترميم المستشفيات وشراء المعدات والادوية. تكفي صور مستشفى اليرموك والحوادث الطارئة فيه ان تؤكد ان هذه المؤسسة باتت مجزرة ومسلخ عمومي بالرغم من صرف قرابة ملياري دولار على ما قيل عن عمليات الترميم والصيانة ، ان مستشفى لا يملك ادوات الاطفاء ولا منافذ للطوارئ ولا عمال وحراس وموظفي الخدمة الصحية تشير الى الكثير والكثير. ثانيا: عندما يختلف اللصوص بينهم ويفضحون بعضهم بعضا عند قرب يوم الحساب يلجأون الى الحرق واسقاط بعضهم بعضا. جريمة مستشفى اليرموك صباح يوم الاربعاء المصادف العاشر من شهر آب تؤكد اعداد مسرح الجريمة في قسم الولادة بتهيأة شرارة تلحريق كهربائيا وتوفير مادة الاحتراق بالاشتعال المفاجئ وانتشار الدخان وتأخير وصول فرق النجدة والاطفاء بغياب حتى الاداء والادارات الخافرة في الليل. ثالثا: ان مسلسل الصدمة والترويع يريد ان يكرس مبدأ اللا مبالاة وعدم تحديد المسؤولية وافلات الجناة الحقيقيين مديري مافيات الفساد الاداري والمالي. وما حريق مستشفى اليرموك الا استكمال لتجارب حريق الكرادة وحرائق الاخرى ، كلها تعكس حالة جنونية وسادية مريضة تريد ان تدمر كل مرتكزات الوعي والاحساس بالمسؤولية ويقظة الضمير الانساني وسط غابة متوحشة ومظلمة لا نهاية لها. رابعا: لم يعد الانسان العراقي معنيا بوقف هذا الانهيار، وهو يقف سلبيا ومتفرجا ومندهشا ومسلوب الارادة وعاجزا عن وقف هذا الانهيار الشامل للقيم المعنوية والمادية في العراق