في أعقاب الحرب الدولية الظالمة على العراق الشقيق السند العربي الرئيسي لثورة الشعب العربي الفلسطيني ضد الاحتلال الصهيوني, وما رافقها من مخططات استعمارية خبيثة تستهدف الأمة العربية برمتها وفي المقدمة منها النظم الوطنية القومية التي وقفت عائقا في وجه الصهيونية, وشكلت سداً منيعا في وجه كل المخططات الاستعمارية الامبريالية, وعقبة كأداء تحطمت على صخرتها أنياب مصاصي دماء البشرية,وقد تواطأت بعض الحكومات العربية الرجعية وانساقت وراء الحملة الاستعمارية الرعناء حفاظا على مصالحها الأنانية الضيقة البعيدة كل البعد عن قضايا الأمة المشروعة والنبيلة .وأدت في المحصلة النهائية لفراغ كبير في الاعتبارات الإستراتيجية الخاصة بالأمن القومي العربي, وانعكست في الحال سلباً على الواقع العربي وطليعته ثورة الشعب الفلسطيني ووجودها المسلح واغتيال العديد من قادتها خصوصا في الساحة اللبنانية, حيث عمدت بعض القوى العربية المنخرطة في المؤامرة الاستعمارية لتغليب القوى الطائفية وتسيدها على المشهد اللبناني وبالتالي على المشهد العربي برمته, مما تسبب في حالة كبيرة من الضعف والوهن التي أصابت منظمة التحرير الفلسطينية ودفعت بعض قادتها للجنوح لخيار التسوية السلمية والإنصات لوشوشات ونصائح بعض النخب السياسية العربية المترهلة والمأجورة لصالح المستعمر الأجنبي. إن جملة هذه العوامل المحبطة إضافة لسلسلة من عمليات التدخل العسكري الدولي في العديد من المناطق الساخنة وخصوصا دول الاتحاد اليوغسلافي السابق وتمكنها من حسم الصراع هناك بالسرعة الممكنة ,دفع بالعديد من النخب الفلسطينية والعربية الضعيفة للاعتقاد بالقدرة على توظيف الجهد الدولي لصالح حسم الصراع الرئيسي في فلسطين بين العرب وإسرائيل ,وقامت بشكل متسرع بتدوير الزوايا والانخراط في والانخراط في العديد من المؤتمرات والاتفاقات المجزوءة في ما يسمى مشروع التسوية السلمية وتحت رعاية ما يسمى أيضاً الرباعية الدولية بقيادة مجرم الحرب المأفون توني بلير ومعه الولايات المتحدة الأمريكية وأحد أطرافها الاتحاد الروسي. حيث وبعد طول انتظار للخيار الدولي ومسمياته العديدة ومرور أكثر من عشرين عاما على رعاية الرباعية الدولية لما يسمى مشروع التسوية في المنطقة , وتلك السنين الطويلة العجاف التي مارست خلالها حكومة الاحتلال المارقة أبشع الجرائم بحق الشعب العربي الفلسطيني ,واستثمرت تلك العملية خير غطاء لمزيد من الاستيطان والتهويد والتطهير العرقي والحصار والإعدامات اليومية والزج بأبناء شعبنا في أتون سجونها الفاشية وحرق الأطفال وهم أحياء .. وأخيراً وبعد مسلسل درامي طويل من عذابات ومعاناة شعبنا جراء الاحتلال وممارساته العنصرية.. أطلت علينا الرباعية الدولية وأحد أطرافها الاتحاد الروسي كما اشرنا سالفاً ببيان وتقرير هزلي قميء يدين الضحية ويصف نضالها التحرري بأقذع الأوصاف ويوسمه بالإرهاب ويكافئ الجلاد الذي يحتل أرضنا منذ سبعين عاما, وينظر لجملة جرائمه التي يندى لها جبين البشرية وكأنها حق في الدفاع عن النفس, مع علمهم ويقينهم بنأي القيادة الفلسطينية نفسها عن ممارسة الكفاح الشعبي المسلح الذي يعتبر حق مشروع في النضال التحرري ضد الاحتلال والاستيطان وكفلته الشرائع الدولية. وفي سياق السنين المنصرمة التي تحدثنا عنها ( السنين العجاف ) أسلوا وواي ريفر وكامب ديفيد وخارطة الطريق نلمس أيضا الفشل المتلاحق حيث خسارتنا للعديد من الدول الصديقة لنضال الشعب الفلسطيني ومنها دول كبرى كروسيا الشريك المهم في صياغة تقرير الرباعية الدولية الأخير والهند واليونان وقبرص وأذربيجان وكوريا وأثيوبيا وأوغندا وغينيا والعديد من الدول والجمهوريات الصغيرة في عرض البحر وطول اليابسة. أمام هذه المعطيات وإزاء فشل الرهان على الخيار الدولي وتلابيبه المعقدة والمركبة في خدمة الصهيونية العالمية نجد لزاما علينا العودة لنقطة الصفر..نقطة البدايات..حيث الثورة العارمة وجماهير الأمة الغاضبة ,وحيث الحق بممارسة كافة أشكال وألوان الكفاح والنضال ضد الاحتلال والتهويد ,والتأسيس لمرحلة جديدة قوامها الشراكة النضالية مع كل القوى الوطنية والقومية والإسلامية الثورية التقدمية في عالمنا العربي ,وتعزيز الصفوف والخروج من حالة الانقسام وتوطيد العلاقات مع كل القوى الإنسانية في العالم في مواجهة الإخطبوط الصهيوني الامبريالي الرجعي ,وصولا نحو تحقيق طموحنا السامي في الوحدة والتحرير وتحقيق العدالة والحرية والرقي والتقدم ودحر الغزاة كل الغزاة من على أرضنا العربية وفي المقدمة منها فلسطين كل فلسطين من النهر إلى البحر.