في نتيجة للاستفتاء الشعبي؛ صوت البريطانيون لقرار يقضي بمغادرة بريطانيا للاتحاد الأروبي. هذه الخطوة تحديدا؛ كنا قد خصصنا لها مقالا منذ أشهر خلت وأكدنا فيه أن ميول الشعب البريطاني ستؤدي حتما لهذه النتيجة رغم محاولات ساسة بريطانيا وأوروبا دفع الأمور لغير ما آلت إليها. وبالعودة قليلا لرصدنا وقراءتنا للمسألة؛ فإن قرار شعب بريطانيا مفهوم ومعلوم ولا غرابة فيه البتة؛ حيث لم تتأسس وحدة القارة العجوز على إرادة شعبية جماهيرية نظرا لانعدام الدوافع العلمية والأسباب المنطقية لتلك الوحدة حيث تعدم أروبا ودولها مقتضيات وحدة قومية تعبر عن تطلع جامع واحد موحد لشعوبها بل إن تناقضاتها فيما بينها أكبر من العد لتصل أحيانا كثيرة للتصادم والصراع المحتدم؛ فهواجس الفرنسي أبعد ما تكون عن هواجس الإسباني وتطلعات الإيطالي لا رابط بينها وبين تطلعات البريطاني وتاريخ الألماني لا جامع له مع تاريخ اليوناني. ووحدة أروبا لم تقم إلا على دوافع اقتصادية بحتة ولم تلد إلا من رحم الشر والاستكبار وتوحش النزعة الاستعمارية؛ ولا غرو إن أكدنا أنها مدفوعة حصرا لدى ساستها خصوصا بمعاداة العرب والتآمر عليهم. أروبا لن تتوقف نزعة تصدع وحدتها الآثمة عند بريطانيا؛ بل ستحذو حذوها النمسا ثم سيغدو الاتحاد الأروبي اليافع أثرا بعد عين. لكن يبقى الدرس الذي يهمنا استخلاصه؛ والتدبر فيه هو ما الذي حقق وحدة أروبا الهجينة وفي الوقت ذاته تتعوق وحدتنا العربية وهي التي تتوفر على كل مستلزماتها التي تعبر خصوصا عن تطلعات جماهير العرب وترتقي للضرورة القصوى والتي بدونها لا سبيل لنحت مسيرة تقطع مع تخلفنا وتشتتنا وتردي أوضاعنا ..؟