يخطئ من يظن أن لبشار الاسد دوراً في سوريا ، وأن عائلة الاسد قد أفل نجمها منذ بداية الصراع بين جماهير سوريا المناضلة ، ومرتزقة الملالي من كل صوب وحدب، حتى باتت أراضيها مقبرة لهؤلاء الغزاة من أتباع النظام الفارسي المجوسي ، وحلفائه الطائفيين إن في العراق أو افغانستان أو حزب الله ، وكل من يتنفس نفساً طائفياً حاقداً على هذه الامة . بعد أن بات فشل التدخل الفارسي في الشأن السوري على وشك الهزيمة ، جاء سلاح طيران الشيخ أبو علي بوتن ، ليدشن عصراً روسياً جديداً في التدخل بالشأن الداخلي السوري ، متجاهلاً أن ما قضى على امبراطورية الاتحاد السوفييتي إلا جريمة التدخل في الشأن الافغاني ، لصالح نظام الحكم الشيوعي المنهار باراك كرامل ، وكانت أفغان درساً يجب أن تؤكد لروسيا ومن يحكمها أنها ليست في مستوى الغرب الامبريالي للسير على نهجه في الاعتداء على حقوق الشعوب التي تنزع نحو الحرية والتطلع للتخلص من الاستبداد ، وعلى حكامها النأي بها للتدخل العسكري المباشر بعيداً عن لعبة المصالح الامبريالية ، فقد فشلت روسيا في العهدين السوفييتي والروسي في الوقوف في وجه الامبريالية الامريكية ضد غزوها للعراق ، رغم أن هناك معاهدة صداقة بين البلدين ، وكررت التجربة عندما استهدف حلف النيتو ليبيا ، وتم تدميرها والقضاء على نظام الحكم فيها ، فما حركت روسيا ساكناً ، لا بل كانت مواقفها ذيلية وذليلة في عهدي يلتسن المخمور ، وبوتن بطل المخابرات الروسية. التدخل الروسي لم يكن في صالح التدخل الايراني ، وإن كان قد حقق شيئاً من أهداف ايران التي تسعى جاهدة للتشبث به ، في ابقاء بشار في السلطة ، لتضمن استمرارية نفوذها في سوريا ، فارتباطات روسيا الدولية ومشاكلها مع الاتحاد الاوروبي بسبب اوكرانيا ، كما أن روسيا لن تشتري سوريا في سبيل أن تكسب موقفاً عدائياً مع الغرب عموماً ، فوجدت في النافذة الصهيونية قناة خلفية لها، حيث أن لقاءات بوتن مع نتنياهو قد تكررت ، وفي كل مرة يؤكد بوتن حرصه على مصالح " اسرائيل" ، وهو ما يزعج الحليف الايراني الذي يدعي ظاهرياً أنه ضد الكيان الصهيوني ، من خلال الجعجعة الكلامية التي دأب عليها نظام الملالي ضد "اسرائيل" . الصراع على النفوذ في سوريا بين ايران الملالي و"اسرائيل " ، هو الذي يحكم الصراع الدائر اليوم ، فهل نجد اتفاقاً سرياً بين الطرفين رغم العداء الظاهري بينهما ؟ ، مع مراعاة مصالح كل الحلفاء الدوليين الروس والامريكان والاوروبيين ، وحتى بمباركتهم ، وفي النهاية الخاسر الوحيد سوريا بفضل تعنت نظام بشار للتشبث بالسلطة ، ورفضه نقل السلطة بالاسلوب السلمي الديمقراطي ، وتجنب سوريا نصف مليون قتيل ، وملايين المشردين ، عدا عن التدمير الكامل للبنية التحتية في عموم القطر السوري ، والذي تحتاج فيه سوريا لاعادة الاعمار عشرات السنين، وآلاف المليارات ، والوهم لدى أتباع بشار أن ايران المطحونة اقتصادياً ، أو روسيا التي تعاني من ضائقة اقتصادية ستتكفلان باعادة الاعمار لسواد عيون نظام بشار ، وستقع سوريا في حضن البنك الدولي ، عندها لا هي مستقلة سياسياً ولا مستقلة اقتصادياً ، ولا وجود لها على الصعيد العسكري ، ونخشى تفتيت سوريا إلى كانتونات طائفية أو عرقية ، وهذا ما يتمناه الكيان الصهيوني لكل قطر عربي ، وخاصة للعراق وسوريا ومصر ، الذين يشكلون حواضر الامة ، ومستقبلها في الصراع العربي الصهيوني الذي لن ينتهي إلا بكنس الاحتلال الصهيوني لفلسطين ، كما كان مصير موجات الاحتلالات التي سبقته. عندما يقوم ملالي طهران في توسيع نفوذهم على حساب الوطن العربي ، فهم يؤكدون بالفعل والقول أنهم يشملون حليف استراتيجي للكيان الصهيوني ، فليس صحيحاً في عدائهم "لاسرائيل"، والتاريخ يؤكد أن من يقوم بعملية تحرير فلسطين في كل مرات احتلالها هم العرب ، ولم يكن لا لايران أو تركيا أي دور في عمليات صد العدوان عن فلسطين منذ نبوخذنصر وحتى اليوم ، فهل هناك غبي يظن أن دولة الملالي في طهران هي دولة الممانعة والمقاومة ، وهي التي تحتل بغداد ، وتعمل جاهدة على توطيد نفوذها في سوريا عداك عن اليمن ولبنان ، إلى جانب ما تحيكه ضد مصر ؟ ، فكيف لشعوب هذه المنطقة أن تنطلق نحوالتحرير ، وهي تعاني من الاحتلال الفارسي ؟ . سوريا بين أبو علي بوتن وقاسم سليماني مشروع عدواني متعدد الاوجه والصور ، لا يتقاطع مع الكيان الصهيوني والامبريالية الامريكية ، والخاسرالوحيد هم العرب في الساحة السورية ، لذا من واجب كل العرب حكاماً وشعوباً وتنظيمات الوقوف في وجه التدخل في سوريا ، والعمل على رحيل نظام بشار ، وترك الشعب السوري اختيار حكامه بالاسلوب السلمي الديمقراطي ، فالشعب السوري ليس عاجزاً عن خلق قيادات وطنية لحكمه ، بعيداً عن عائلة الاسد ونفوذ الجميع ، في الوقت الذي يستطيع هذا الشعب أن يتخلص من كل التنظيمات الارهابية بدون حاجة لمساعدة أحد. dr_fraijat45@yahoo.com