تداول ناشطون على صفحات التواصل الاجتماعي ونشروا تصريحا لمرشح الحزب الجمهوري للرئاسة الأمريكية دونالد ترامب مفاده دعوته للعرب والمسلمين أن يصوموا عن الاقتتال فيما بينهم. قد يكون ظاهر هذا التصريح مغريا للبعض؛ وقد يكون ساحرا لفريق آخر؛ وقد يرجع سبب تلقفه وتعميمه من فريق ثالث للشعور بالإحباط والصدمة من سوداوية الأحداث في الوطن العربي ؛ لكن أما من تدبر وتعقل عند هؤلاء بصرف النظر عن مدى فهمهم لهذا التصريح ومدى معرفتهم لصاحبه أيضا؟ إن هذا التصريح وإن بدا موضوعيا؛ لا يزيد عن محاولة التعمية والتفصي من الدور المتقدم للإدارة الأمريكية المجرمة وما يستتبعه من مسؤوليات أخلاقية وسياسية وقانونية عن كل سيل الدم المهريق في بلاد العرب؛ بل إنه ما من أمر أشد يسرا من تعقب ضلوع الأمريكان في كل مآسي العرب. فمن نافلة القول إن إدارة الشر الأمريكية أفردت العرب بحقد سادي مخصوص خصوصا منذ فوزها في الحرب العالمية الثانية ومن بعد حين نجحت في تبوء منصب القوة العظمى والامبراطورية المتحكمة في العالم سيما بعد انهيار غريمها الشرقي الاتحاد السوفييتي وتفكيكه وبعثرته. فالأمريكان والغون في الدم العربي لما فوق شحمة الأذن في فلسطين والأحواز العربية والعراق ولبنان وسورية واليمن وليبيا. وإلا فمن أطلق ولا يزال العنان دوما للعصابات الصهيونية لتذبيح شعب الجبارين بفضل دعم عسكري وتقني ومالي وسياسي ثابت يشكل سلاح الفيتو سنامه؟ ومن قتل العراقيين ودمر بلاد الرافدين وخرب ونهب معالمه الحضارية وثرواته الطاقية وأعاده لما قبل العصر الحجري؟ ومن أوجد ومن احتضن الميليشيات الطائفية التي تمتهن التقتيل على الهوية وأفسح لها المجال لتروع ما تبقى من شعب العراق وتستبيح حرماته وتزهق أرواحه؟ ومن خرب سورية وليبيا؟ ومن غير الأمريكان منح الفرس ضوء أخضر لا يصفر ولا يحمر لإفساد حياة العرب وإغراقهم في جحيم الاحتراب الطائفي؟ ومن غير الأمريكان أنتج الحركات الإرهابية ووفر لها شتى أسباب الدعم لتلوث الدين الإسلامي وتشيطن العرب بما تقترفه من جرائم؟ أي حرص يبديه السيد ترامب هذا على العرب والمسلمين وهو الذي تعهد في حملته الانتخابية بتشديد الحرب على الإسلام والمسلمين؛ ووعد ناخبيه بتحريم أرض أمريكا عنهم وتطهيرها منهم؟ كيف يفوت الناشطون النزعة الإجرامية والعقيدة الصهيونية الحاقدة التي تميز تعاملات ترامب هذا مع العرب والمسلمين؟؟ أليس من باب أولى وأحرى إن كان ترامب الإرهابي معنيا بسلامة العرب والمسلمين أن يناصر مسلمي بورما وهم الذين يتعرضون لأبشع الجرائم؛ وكذا مسلمي إفريقيا الوسطى؟ إن الفزع والجزع والهلع مما تعيشه الآمة العربية من حمامات دم لا تنضب؛ لا يحب أن يحجب عن العرب والمسلمين السبب الرئيسي والمصدر المحوري والأهم لما يرسفون تحته من فظاعات.. وإن الاستعمار والامبريالية والصهيونية والإدارة الأمريكية أقطاب تلك المرجعيات العابثة بالوجود العربي ورؤس الفتنة مع من تذيلهم من فرس وغيرهم!! والله من وراء القصد.