ليس بالضرورة أن يكون مهاجمو مقرات الأحزاب الطائفية في وسط العراق وجنوبه بعثيين منتمين إلى تنظيم حزب البعث العربي الاشتراكي، ولكن هذه الهجمات تعبر، بالضرورة، عن أن البعث متوافق مع شعبه في كل شيء، وأنه حزب يعرف كيمياء الشخصية العراقية، في حين تجهلها تماماً الأحزاب الطائفية التي جاءت إلى العراق من وراء الحدود. إن نوري المالكي وهادي العامري وقادة الأحزاب التي هوجمت مقراتها كشفوا عن رعبهم من حزب البعث، ولم يجرأوا أن يكشفوا عن حقيقة واضحة للعيان أن البعث متماه في الشعب بحيث يصعب التفريق بينهما أو عزل بعضهما عن بعض، فالبعثيون عراقيون يعيشون وسط أبناء شعبهم ويعبرون عن طموحاته وإرادته، بينما تزداد الأحزاب الطائفية عزلة عن العراقيين لأنها تنفذ أجندات غريبة عنهم. إن تطوراً واضحاً بدأ في الوعي الشعبي العراقي، منذ سنين طويلة وأخذ يزداد يوماً بعد يوم، وما يزيد هذا الوعي حدة هو تخبط الأحزاب الطائفية في ممارساتها ومعاداتها للشعب، والشعب لا يمكن أن تغلب قوته أي قوة في الأرض مهما بلغت، وتهديدات المالكي والعامري بأنهم سيعدون أي مهاجم لمقرات هذه الأحزاب بعثي داعشي وسيتعاملون معه على هذا الأساس لن تخيف أحداً من العراقيين الذين قرروا أن يحرروا وطنهم بأي ثمن كان. إن تمزيق صور العمائم الفارسية مثل الخميني وخامنئي في مدن الفرات الأوسط وجنوب العراق دليل وعي شعبي على أن مصير العراق صار بيد إيران وبمساعدة وكلائها في المنطقة الخضراء، الذين أصبحوا قاب قوسين أو أدنى من الكنس لتنظيف العراق منهم ومن سيدتهم وعودة السيادة العراقية إلى العراقيين. ولا يمكن لأحد أن يفصل ما يحدث، الآن، في هذه المحافظات من ثورة على الأحزاب الطائفية عما يحدث في الفلوجة، فالأحزاب الطائفية أرادت أن تصرف النظر عن الثورة الشعبية التي تعم العراق كله عليها بجرائم ترتكبها مليشياتها في الفلوجة ساعية إلى التجييش الطائفي، فأفشل أهل الوسط والجنوب مسعاها وساندوا أخوتهم في الفلوجة، معبرين عن اعتزازهم بعروبتهم وعراقيتهم، ومجسدين شعارهم الذي رفعوه، مؤخراً : ( آني العراقي آني خل يطلع الإيراني )، والشعار الآخر القائل : ( إيران بره بره بغداد تبقى حرة ). هل تذكرون الهتاف الشعبي : ( قشمرتنا المرجعية وانتخبنا السرسرية )؟ لقد كان هذا الهتاف هو بداية الإعلان عن الثورة في وسط العراق وجنوبه على من تسبب في احتلال العراق وعاون عليه، وجاءت بعده هتافات أكثر صراحة، وانتظروا، الآن، عملاً شعبياً سيعقب ذلك يخلص العراق وينقذه ويضع دكاكين ما تسمى مشاريع ( إنقاذ العراق ) عارية أمام الجميع وسيكشف عن أنها غريبة عن العراق توجهاً وتمويلاً وأهدافاً. وليس مستغرباً أن يرتفع في هذه الأيام التي يثور فيها العراقيون فحيح طائفي من الحزب الإسلامي يحرض على أهل الجنوب والوسط، وآخر من الأحزاب التي ولاؤها لإيران تحرض على أهل الغربية والشمال، ولكن ليطمئن الجميع إلى أن شعبنا يعرف هذه اللعبة ولن يلتفت إليها في سعيه إلى تحرير وطنه من عملاء يعطسون إذا شمت إيران البرنوطي. إن من ينقذ العراق هو الشعب نفسه، والبعث المتماهي في شعبه، ولن يكون غير ذلك أبداً.