"من تساوى يوماه فهو مغبون، ومن كان أمسه أفضل من يومه فهو ملعون". كلمة خالدة للإمام علي بن أبي طالب (ع)، فيها مغزى عميق وتحض على التطور والتقدم ومزيد الإبداع، فأنت إذا كان يومك يشبه أمسك ولم تتقدم في حياتك خطوة فأنت مغبون لأنك تراوح في مكانك والحياة تدعوك إلى التقدم، وأنت ملعون إذا كان أمسك أفضل من يومك، لأنك لم تتقدم وتراجعت إلى وراء. فأين نحن العراقيون من هذا .. هل نحن مغبونون أم نحن ملعونون؟ في مثل هذا اليوم من العام 2011 حذرت من حرب إبادة ضد شعبنا، وها أنا في العام 2016 أحذر من إبادة شعبنا أيضاً، ومازالت الإبادة مستمرة وحياتنا تسوء ونحن إلى وراء راجعون، فمتى نخرج من خانة الغبن واللعنة؟ اقرأوا معي ما كتبته قبل خمس سنوات وفكروا ما الذي تبدل في وضعنا كشعب، وإن تبدل شيء فإلى الأسوأ، وويل لنا من اللعنة. افتحوا عيونكم افتحوا عيونكم : طفح الكيل، وبلغت المدية المحز، وصيح بالعراق بائع ومشتري .. عادت صور الجثث الطافية على مياه الأنهر، والكواتم تحصد الأرواح، والعبوات اللاصقة تغدر الناس .. مسلسل الذبح على الهوية متواصل .. مسلسل الاعتقالات مستمر .. مسلسل قتل العلماء لم يتوقف .. مسلسل الكذب تدور عجلته .. السرقات والنهب للثروات يجري بلا كلل ولا ملل ما دام بستاننا بلا سياج ولا حارس، والمال السائب يعلم على الحرام .. الاعمار لم يحصل، وتخديراً للناس تنشر وسائل إعلام العملاء مخططات ورسوماً لمشاريع كبرى لن تقوم أبداً والفساد مستشر .. مسلسل الأغذية الفاسدة .. البطالة .. انعدام الخدمات .. قطع الشوارع .. الاختطافات، ومن بعدها طلب الفدية .. تقطيع أوصال العراق .. استهانة من هب ودب ببلدنا .. التهجير .. التشريد .. ضياع مستقبل الأطفال .. قوات الاحتلال وجرائمها المتواصلة .. التعيينات التي لا يفوز بها إلا ابن عمه أو ابن خالته أو ابنه أو من يدفع أكثر .. الميليشيات المجرمة .. التفجيرات .. الانتحاريون .. استهداف المسيحيين .. المسؤولون الفاسدون، ولن تجدوا منهم صالحاً ما حييتم .. قتل الصناعة الوطنية .. استخدام الأجانب والعراقيون في بيوتهم نيام، أو يثرثرون في المقاهي .. وتنفد حروف العطف ولا تنفد جرائم الاحتلال وأقزامه .. في خضم هذا كله لم نتوقف لحظة ونتأمل ونسأل أنفسنا: إلى أين يراد بنا وببلدنا؟ .. ما نهاية هذه المسلسلات؟ .. ماذا في رأس المخرج؟ .. لماذا نحن مذهولون مكتوفو الأيدي؟ .. لماذا نترك شباباً بعمر الزهور وعوا للمستقبل المظلم الذي ينتظرنا ولم نمد يداً لمساعدتهم أو التضامن معهم في الأقل عندما يقفون في ساحات التحرير في بلدنا أو يعتصمون؟ .. أين العراقي أبيّ الضيم؟ .. أين أربيل التي تنتفض إذا مس البصرة أذى؟ .. أين الموصل التي تثور إذا انتفضت الرميثة؟ .. أين الأنبار وديالى والديوانية والعمارة كركوك والسليمانية والكوت ودهوك والسماوة؟ .. أين النجف مركز مجلس قيادة الثورة في ثورة العشرين؟ .. أين كربلاء أبية الضيم وأول مدينة محررة في العراق ابان ثورة العشرين؟ .. أين الحلة مركز العلم ومستودعه؟ أين صلاح الدين؟ أين بغداد أم العراق الذي هو جمجمة العرب؟ .. أين الناصرية عرين الأسود؟ .. أين أنتم جميعاً؟ .. إذا كنتم نياماً فاستيقظوا، وإذا كنتم تشعرون بالأمان، الآن، فإن الدور آتيكم غداً .. وإذا كان أحد منكم يشعر أن السلطة منه فإنها ليست له ولن تكون، فهؤلاء أغراب مستعرقون ولاؤهم للبلدان التي جاءوا منها والتي يعتقدون بولاية فقيهها ولها يخدمون .. هبوا أبناء شعبي فوالله لو كانت الهبة تكلفكم شهداء، فالعدد سيكون أقل مما تقدمون من شهداء يومياً منذ أكثر من ثماني سنوات وإلى أن تهبوا .. واحسبوها وقارنوا ثم أعيدوا الحساب ودققوا .. ولا تنسوا أن الأيام تمر ومع كل يوم تمضي قافلة جديدة من الشهداء قد يكون بينهم غداً أو بعد غد أطفالكم، فهل ولدتموهم ليكونوا حطباً؟ .. إنها حرب إبادة ضدكم يا أبناء شعبي ولن تتوقف إلا متى ما وقفتم وقفة رجل واحد ضد مسببيها وطهرتم العراق منهم ومن قذاراتهم .. حرب إبادة وقلناها، منذ زمن، وها هي تحصد أرواحكم يومياً وعجلتها لن تتوقف .. استيقظوا أبناء شعبي وافتحوا عيونكم على وسعها وتوكلوا على الله ..