ما ضاع حق وراءه مطالب ، والزمن مهما طال لن يفقد صاحب الحق حقه ، وأبناء فلسطين لن يهدأ لهم بال مادام الاحتلال قائم ، فالكيان الصهيوني مغروس على ارض فلسطين ظلماً وعدواناً ، ومجرد وجوده هو عدوان على الحق التاريخي لأبناء الارض، ولا يمكن أن تكون هناك معادلة خارج معادلة أن وجود أحدهما نفي لوجود الآخر ، وحق النفي لوجود الغاصب ، ومن لا يملك حقاً ، رغمما يمتلك من عناصر القوة التي يتزود بها من الدوائر الامبريالية ، وتحديداً من الولايات المتحدة الامريكية، ورغم كل الهلوسات الدينية التي يدعي بها ، وأي اعتراف أو تطبيع مع هذا الكيان لا يعني إلا نفي لوجود الحق الفلسطيني في ارضه وعلى تراب وطنه ، فحذار حذار من التفاوض وممارسة التطبيع معه ، لأنهما خيانة وطنية وقومية ودينية. الهبات الشعبية حتى يحين وقت المقاومة المسلحة الجماهيرية والنظامية لابد وأن تستمر ، وأطفال فلسطين جديرون بها ، فهم أكثر من ضحى في سبيل مواجهة العدو الصهيوني ، وهم أكثر من عانى بسبب احتلال وطنهم من خلال ما تم من تشريد للكثير منهم ، وهاهم بين الفينة والاخرى يبتكرون وسيلة للمقاومة ، ورغم كل ظروفهم الصعبة إلا أنهم في صمودهم على الارض يضربون المثل الاعلى في المواجهة . منذ الساعات الاولى للعدوان الصهيوني على التراب الوطني الفلسطيني ، ومن أجل اقامة وطن قومي لليهود ، هب أبناء فلسطين للوقوف في وجه السياسة البريطانية الصهيونية ، التي عملت على إنتزاع الارض من تحت أقدام اصحابها ، لتنفيذ الوعد المشؤوم ، وقد تنوعت اساليب المقاومة الفلسطينية في مواجهة المحتلين حتى كان مسلسل الإنتفاضات الشعبية ، منذ مطلع القرن الثالث التي سميت بإنتفاضة الحجارة، ورغم كل الظروف المحيطة بالنضال الوطني الفلسطيني في داخل فلسطين كل أراضي فلسطين ، إلا أن الهبات الفلسطينية وبأيدي أطفالها لم تتوقف ، وكان لها فعلها المؤثر على الوجود الصهيوني . ضمن الظروف المحيطة بنضالات أبناء فلسطين ، فقد احتكمت هبات ابناء فلسطين إلى الظروف الداخلية والخارجية ، وفي حالات متعددة تتوقف الإنتفاضة لتعود ثانية لمواجهة قوات الاحتلال وقطعانه المرتزقة ، بكل ما تيسر لها من سلاح سواء أكان حجراً أو سكيناً ، لتواجه به الجندي والمستوطن الصهيوني المدجج بالسلاح ، وكثير ما أصاب العدو بالحيرة في أن من يقوم بالإنتفاضة هم أطفال في سن المراهقة قد ولدوا في زمن الاحتلال ، ولم يتمكن هذا الاحتلال من تدجينهم ، لأنه عدوان صارخ في كل ثانية يشاهدونها على أرض الوطن ، والعمل على تضييق الحياة على المواطنين . وعند كل مرحلة تتوقف فيه الإنتفاضة يتوهم العدو أن زمن الإنتفاضة قد إنتهى ، وأنه قد تمكن من السسيطرة الامنية ، ليفجأ بانتفاضة أطفال فلسطين تتجدد ، وباسلوب آخر لا يتوقعه ، فالمخزون النضالي الفلسطيني مملوء بالابداعات النضالية، وهاهو صانع القرار في الكيان الصهيوني يتوهم أن هبة الجيل الفلسطيني الجديد ستتوقف بعد عدد من عمليات المواجهة بين أطفال فلسطين وجنود الاحتلال ومرتزقته، متجاهلين ما يختزنه الشعب الفلسطيني من طاقات الابداع في مواجهة قوات الاحتلال ، فإن استخدمت الإنتفاضة في بداية عهدها الحجر تارة ، والسلاح الابيض تارة أخرى ، فقد لجأت لاستخدام السكين بديلاً عن الحجر ، لتواجه به وتحقق عمليات نوعية ضد جنود الاحتلال ومرتزقته . هبات ابناء فلسطين ستستمر حتى لا يستقر الوجود الصهيوني على أرض فلسطين ، ومن أجل أن لا ينعم قطعانه ومرتزقته بالأمن على تراب الارض الفلسطينية ، فالامن بالنسبة له مهم جداً ، وهو جوهر وجوده ، والاستقرار يجعل منه متفرغاً لعدوانية دائمة ليست على الفلسطينيين فحسب، بل وعلى أبناء الامة العربية كافة ، وشعوره بالامن كذلك يساعده على جلب المزيد من المهاجرين اليهود ، وسرقة المزيد من الارض . التاريخ النضالي الوطني الفلسطيني تاريخ تضحية منذ زمن طويل ، بسبب ما واجهته فلسطين من غزوات صهيونية مدعومة من قوى الشر العالمي ، ممثلة بالامبريالية العالمية عدوة الشعوب، والفلسطينيون على الدوام رأس حربة تحرير في كل زمان، مقدمة لنهوض الامة لتتمكن من تحرير كامل التراب الوطني الفلسطيني ، لأن العدوان على فلسطين هو عدوان على الامة ، فعلى الدوام استهداف فلسطين مقرون باستهداف الامة في وحدتها ، وعدم السماح لها بتحقيق أهدافها ، وفلسطين ليست جزءاً من تراب الامة فحسب ، لا بل هي ايضاً جزء من قيمها الدينية ، فهي مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وفيها ثالث الحرمين الشريفين ، وهي مولد سيدنا عيسى عليه السلام ، الذي ولد وعاش على ترابها ، فهي لكل أبناء الامة التي تتحمل مسؤولية تحريرها ، والعمل على دعم إنتفاضة أطفالها ، لتبقى الانتفاضة مشتعلة تحت أقدام الغزاة. dr_fraijat45@yahoo.com