شبكة ذي قار
عاجل










التهديد بضرب العراق أصبح لازمة يومية في مسلسل تصريحات الرئيس المجرم جورج بوش . ومع ذلك كان ثمّة من يرى أن هذا الهذيان أمر طبيعي بالنسبة لشخص مثله تقوده غرائزه ويتحكّم في تصرفاته الهَوَس بقوة بلاده . لكن غير المنطقي ولا الطبيعي أن يصل الأمر ببوش إلى حدّ التبجّح أمام البعض بأن الثامن والعشرين من نيسان ـ يوم ميلاد الرئيس صدام ـ سيكون آخر مناسبة يتمّ الإحتفال بها هذا العام ! من هذا المنظور أصبح واضحا لكل من يفهم في هذا العالم ، لماذا يُصرّ العراقيون كل عام ومعهم شرفاء العرب على إحياء هذا اليوم واعتباره رمزا للتحدّي ، وسط وضع عربي يعكس حالة غير مسبوقة من المهانة والعهر الرسمي ، لولا استمرار الفعل المقاوم على أرض العراق وفلسطين . ولولا أن لهذا التاريخ الذي طالما استفزّ سنويا أعصاب رئيس أكبر دولة في العالم معنى خاصّا ، يتعدّى حدود الشخص أو القائد الذي وعد فصدق على أبهى ما يكون الصدق إلى حدود الأمة وصمودها في زمن ترتعد فيه دول وتُنافق أخرى الولايات المتحدة صباح مساء ، كما يُنافق أصغر الأذناب أولياء نعمتهم سعيا وراء مصلحة أو موقع . فالشهيد صدام حسين بالنموذج الفريد الذي جسّده في الشجاعة والإيمان ، وكل صفات الشموخ التي تفتقدها مومياءاتنا الرسمية ليس رجلا كسائر الرجال ، ولا رئيسا ككل الرؤساء ، ولا حتى مناضلا من طراز المناضلين الإعتياديين . هذا الرجل الذي أصبح في حياته وبعد استشهاده يُمثّل هاجس "القوة الأعظم" في هذا العالم ، لم يكن أكثر المناضلين تصميما على الصمود فقط ، بل أكثرهم تصميما على المبدأ وإقران القول بالفعل وعدم التهاون في ملاحقة أية قضية أو ظاهرة سلبية تهمّ المجموع وتنعكس آثارها عليهم . وهو الذي ترجم بأدق التفاصيل مسيرة التلاحم النضالي بين العراق وفلسطين من خلال العطاء المستمر رغم ظروف الحصار . طبعا لم يتحقق هذا التلاحم من فراغ ، ولم يأتِ أيضا وليد الصدفة . ولو عُدنا بشريط الذاكرة إلى بداية احتلال فلسطين قبل حوالي سبعة عقود من اليوم ، لرأينا كيف قاتَلَت بعض الجيوش العربية بأسلحة فاسدة وقاتَلَ غيرها صُوَريّا ، وبقي بعضها الآخر متفرجا ، وكل ذلك بقرارات سياسية رسمية . بينما قاتَلَ الجيش العراقي رغم مقولة "ماكو أوامر" ببسالة نادرة مازالت تشهد عليها روابي فلسطين ، وكل من بقي حيّا من ذاك الزمان. أما إذا عُدنا إلى أيام الحرب الدولية ضد العراق عام 1991 ، فإن الناس لم تنس بالطبع كيف ناشَدَ الفلسطينيون داخل الأرض المحتلة إخوانهم العراقيين أن يضربوا عصب الكيان الصهيوني بكلّ ما أُوتوا من صواريخ حتى لو نزلت على رؤوسهم هُم . ولما كان هدف هذه الحرب سحق العراق لا تحرير الكويت حسب قول وزير الدفاع الفرنسي الأسبق بيير شوفنمان ،الذي استقال من منصبه اعتراضا عليها ، وقال جملته الشهيرة بعد ذلك في معرض رده على سؤال صحفي حول أوضاع العراق بعد عودته من زيارة له : " صدام حسين أشبه بشجرة وراءها غابة " . فقد بقي هدف " السحق " الذي لم يتحقق وقتها قائما ولم يسقط يوما من حسابات الولايات المتحدة حتى بعد احتلالها لبلد الحضارة والتاريخ . وسرعان ما جاءت ترجمة ما عناه شوفنمان بعد ثلاثة شهور فقط من وقوع الاحتلال ـ أي في حزيران 2003 ـ حين أعلن الحاكم "المدني"الأميركي للعراق بول برايمر للمرة الأولى أن قوات بلاده بدأت تواجه مقاومة منظمة للغاية . هذه النتيجة لم تكن الولايات المتحدة بعيدة عن تصوّرها ، لكنها مع ذلك تجاهلتها . غير أن وثائق الإستخبارات الأميركية التي رُفعت عنها السرية فيما يتعلق بثلاثة عقود مضت أثبتت أن جهاز "السي آي إي" قد احتار في طريقة التعامل مع نظام الرئيس صدام ، سواء لجهة محاولة احتوائه أو مضايقته والقضاء عليه . كما اعترفت بأن إدارة البيت الأبيض في أيام الرئيس كارتر أدركت أن القضاء عليه لن يُفضي إلا الى الفوضى وزعزعة الإستقرار في هذا البلد المليء بمختلف الأطياف السياسية والمذاهب الدينية . وكشفت الوثائق ذاتها أيضا أن الإدارة واستخباراتها باتا على قناعة منذ العام 1985 بأنه لا أحد يمكنه حكم العراق بحزم مثلما يفعل نظام الرئيس صدام ، وأن البديل الوحيد له ـ إن وُجِد ـ لن يكون غير التطرف المذهبي المدعوم من نظام الملالي في إيران. وهو ما حصل فعلا ولهذا ، إذا كان الثامن والعشرين من نيسان يوما اعتياديا في مطلق الأحوال، فإنه بالنسبة لحالة المواجهة المستمرة التي تقودها المقاومة العراقية ضد كلاب نظام الملالي والشيطان الأكبر يرمز إلى الصمود والتحدّي . ومن هذا المنطلق يجري اليوم إحياء هذه المعاني بهدف إغاظة الذين تغيظهم هذه المناسبة كل عام ، وهذا وحده يكفينا بانتظار يوم التحرير الآتي مع الفجر القريب بإذنه تعالى.




الاحد٢٤ ÑÌÜÜÈ ١٤٣٧ ۞۞۞ ٠١ / ÃíÜÜÇÑ / ٢٠١٦


أفضل المقالات اليومية
المقال السابق نبيل أبو جعفر طباعة المقال أحدث المقالات دليل المواقع تحميل المقال مراسلة الكاتب
أحدث المقالات المضافة
فؤاد الحاج - العالم يعيد هيكلة نفسه وتتغير توازناته فيما العرب تائهين بين الشرق والغرب
ميلاد عمر المزوغي - العراق والسير في ركب التطبيع
فؤاد الحاج - إلى متى سيبقى لبنان ومعه المنطقة في مهب الريح!
زامل عبد - سؤال مهم، هل المشتركات الايديولوجية بين جماعة الاخوان والصفويين الجدد انعكست في مظلومية غزة الصابرة المحتسبة لله؟- الحلقة الاخيرة
زامل عبد - سؤال مهم، هل المشتركات الايديولوجية بين جماعة الاخوان والصفويين الجدد انعكست في مظلومية غزة الصابرة المحتسبة لله؟ - الحلقة السادسة
مجلس عشائر العراق العربية في جنوب العراق - ãÌáÓ ÚÔÇÆÑ ÇáÚÑÇÞ ÇáÚÑÈíÉ Ýí ÌäæÈ ÇáÚÑÇÞ íåäÆ ÇáÔÚÈ ÇáÚÑÇÞí æÇáãÓáãíä ßÇÝÉ ÈãäÇÓÈÉ ÚíÏ ÇáÇÖÍì ÇáãÈÇÑß ÚÇã ١٤٤٥ åÌÑíÉ
مكتب الثقافة والإعلام القومي - برقية تهنئة إلى الرفيق المناضِل علي الرّيح السَنهوري الأمين العام المساعد و الرفاق أعضاء القيادة القومية
أ.د. مؤيد المحمودي - هل يعقل أن الطريق إلى فلسطين لا بد أن يمر من خلال مطاعم كنتاكي في بغداد؟!
زامل عبد - سؤال مهم، هل المشتركات الايديولوجية بين جماعة الاخوان والصفويين الجدد انعكست في مظلومية غزة الصابرة المحتسبة لله؟ الحلقة الخامسة
د. أبا الحكم - مرة أخرى وأخرى.. متى تنتهي كارثة الكهرباء في العراق؟!
زامل عبد - سؤال مهم، هل المشتركات الايديولوجية بين جماعة الإخوان والصفويين الجدد انعكست في مظلومية غزة الصابرة المحتسبة لله؟ ] - الحلقة الرابعة
القيادة العامة للقوات المسلحة - نعي الفريق الركن طالع خليل أرحيم الدوري
مكتب الثقافة والإعلام القومي - المنصة الشبابية / حرب المصطلحات التفتيتية للهوية العربية والقضية الفلسطينية ( الجزء السادس ) مصطلحات جغرافية وأخرى مشبوهة
الناطق الرسمي باسم حزب البعث العربي الاشتراكي - تصريح الناطق الرسمي باسم القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي حول مزاعم ومغالطات خضير المرشدي في مقابلاته على اليوتيوب ( الرد الكامل )
مكتب الثقافة والإعلام القومي - مكتب الثقافة والإعلام القومي ينعي الرفيق المناضل المهندس سعيد المهدي سعيد، عضو قيادة تنظيمات إقليم كردفان