بغداد بعد ثلاث عشرة سنة من الغزو ما زالت تئن تحت وطأة الاحتلال الفارسي المجوسي ، بعد رحيل الامريكان ، من خلال العملاء في المنطقة الخضراء ، من حزب الدعوة وأشباهه ، الذين لا عروبة لهم ، ولا دين ، ولا سمات أخلاقية ، فمن كان طائفياً لا تتمثل فيه الحدود الدنيا من الاخلاق ، فدينه طائفته ، واخلاقه عدوانيته على من يختلف معه ، وهو من يعلي من الطائفة على حساب الوطن والامة، ويسوق الوطن والمجتمع لمصالح الطائفة الضيقة ، التي تدوس على حقوق البلاد والعباد . لقد قال فيهم سيدنا علي كرم الله وجهه ، دينهم دينارهم وكعبتهم نساؤهم ، وهم من تخلوا عنه في المواجهة وتركوه وحيداً ، وهاهم اليوم يلطمون على الحسين لأنهم تركوه وخذلوه ، ولكنهم عند ادعائهم بآل البيت فلا مصداقية لهم ، فالحسين كما هو معروف متزوج من ابنة كسرى ، فآل البيت عندهم هم آل كسرى أنوشروان ، وليسوا آل بيت رسول الله صلى الله عليهم وسلم ، ومن ينادي بالحسين ويتشفع به ، فلماذا لا ينادي بأخيه الحسن ، وهما سبطا رسول الله ، هل لأن الحسن لا صلة له بآل كسرى أنو شروان ؟ ، امبراطورية النفاق والفساد التي قال عنهم فيها عمر الفاروق ، اللهم اجعل بيني وبينهم جبل من نار . هذه صفحة اليوم التي تلطخ وجه بغداد ، والعراق ، وطن ممزق نسيجه الاجتماعي، مشرد شعبه في كل أنحاء المعمورة ، لا يأمن على رزقه وحياة أبنائه ، وطن امتاز بأن فيه دولة من أكثر دول العالم فشلاً وفساداً ، ما عادت له هيبة ولا قيمة في محيطه ، ولا في العالم ، بلد يعيش على بحر من النفط ، يستجدي الاستدانة من بيوتات المال العالمي ، بلد يتلقى تعليمات حكامه من طهران المجوسية تحت عباءة الاسلام ، والاسلام منهما السيد والتابع بريء . عراق الامس وطن مهيوب الجانب لا طائفية فيه ولا عرقية ، مواطنه يعيش بكرامة لم يعهدها غيره ، ينعم بأمنه وغذائه رغم الحصار الجائر ، امتاز بجيش قوي وصروح علمية ، فكان لديه إلى جانب قدرته العسكرية جيش من العلماء بقدراتهم وعطائهم العلمي ، نظيفة ايادي حكامه كما هي فروجهم ، لم يستطع حتى أشد اعدائهم أن ينال منهم بكلمة سوء ، فمن يستطيع أن يتحدث ولو بكلمة واحدة طيبة عن هؤلاء العملاء في المنطقة الخضراء في بغداد المحتلة . ما أقسى أن تلتفت إلى الوراء قبل ثلاث عشرة سنة ، فيما كان العراق بوابة الامة الشرقية يذود عن أمته ، وكان محجاً لكل العرب ، ينهلون من علمه ويطعمون من قدره رغم زمن الحصار ، فيما كان خنزير المجوس يتمنى أن يتجرع كأس سم الهزيمة ، وفيما هو اليوم يرتع ملالي الفرس المجوس في جنباته ، فيما كان بالامس يرفل بالوحدة الوطنية ، وفيما هو اليوم ممزقة أوصاله ، فيما كان مرهوب الجانب ، وفيما هو اليوم جثة هامدة لا حراك فيه ، إلا من خلال الانفاس الطائفية القذرة التي تتنفس سما فارسياً زعافاً ، سم الحقد والضغينة يملأ صدورهم القذرة والحاقدة على العروبة والاسلام رغم كل جعجعاتهم الدينية ، وطن دافع عن كل العرب ، وهاهم العرب إلا من رحم ربي لا يتذكرون يوم غزوه واحتلاله من قبل اعداء الامة من امبريالييين وصهاينة ومجوس . لك الله يا عراق ، وسواعد المقاومة من أبنائه الذين مازالوا على العهد يقبضون على الجمر رغم حجم المؤامرة ، ونحن على يقين أن تاريخك ، تاريخ مملوء بالاحزان والنكبات ، ولكنك كما عودت أمتك كنت قادراً على النهوض ، وترسم صورة عنفوانك من جديد ، كما عرفناها في تاريخك منذ نبوخذنصر قاهر اليهود وساجنهم في السبي البابلي ، وحتى صدام قاهر الفرس ، ومسقياً خنزيرهم كأس سم الهزيمة ، عرفناك يا عراق من خمس هزائم أذقت فيها المرارة على ارضك لهؤلاء المجوس ما بين القادسيتين ، فما كان لهؤلاء أن يدنسوا أرضك إلا من خلال التآمر والتعاون مع أداء الامة . لك الله يا عراق ، فالامة لم تنس دورك ، ولا بطولاتك في كل معاركها ، في فلسطين ، وفي الاردن ، وفي الجولان ، وفي سيناء ، وعلى كل ارض عربية كانت تحتاج فيها إلى خيولك ورجالك ، الذين لم يتوانوا ولو لحظة عن تلبية واجب النداء القومي ، فأنت العروبي وهم الطائفيون ، فشتان بين الفكر القومي والفكر الطائفي ، فكر يسعى لجمع شتات أمة ، وفكر يعمل جاهداً في تمزيق أوصال الأمة ، فكر نقي نظيف ، وفكر رخيص قذر ، فما كانت السيادة يوماً لفكر موبوء بالحقد ، فابشر يا عراق فهؤلاء خارج اطار الحقل الإنساني ، وخارج اطار الوطنية والقومية والدينية ، وخارج الفهم والوعي لمفهوم السيادة ، لأنهم استمرأوا الذل والعبودية والتبعية ، وأنت كنت تناضل في زمن العز والفخار بوحدة أمة ، وشرف إنسانية وعنفوان وطنية . dr_fraijat45@yahoo.com