بعد أشهر قليلة من مجيء خميني الى السلطة صعق العالم بأنباء قتل حكومة بول بوت التي يدعمها الصنيين لنصف سكان كمبوديا تحت إشراف المستشارين الصنيين قام نظام بول بوت بتعذيب وقتل أكثر من ثلاثة ملايين رجل وامرأة وطفل من سكان كمبوديا البالغ عددهم سبعة ملايين نسمة في أقل من أربعة سنوات . يهدد نظام خميني على نقل هذه التجربة المرة الى إيران ، وليس في هذا الكلام كما يصفه روبرت كارمن مؤلف الكتاب ، مبالغ فيه في مقابلة أجرتها الصحيفة الفرنسية لوموند في كانون الأول 1979 أعلن الرئيس الإيراني أبو الحسن بني صدر أن سياسة حكومته هي تخفيض عدد السكان في المدن الإيرانية ، حيث قال : إن طهران مدينة شنيعة وطفيلية تمتص لوحدها نصف الاستهلاك الوطني وتلقى عبئاً ثقيلاً على ميزانية الدولة . وحينما سئل بني صدر إذا كان حديثه هذا يعني أنه يفضل الحل الكمبودي لتطبيقه في إيران أجابه : نعم . خلال حكم خميني بدأت عملية كمبدة ( من كمبوديا ) إيران . في إيران تفرض العقوبات علناً ضد الذين يخرقون قوانين الملالي بعد أن تحكم عليهم المحكمة الثورية يتم إعدام النسوة علانية بسبب الدعارة أو الزنا ، ويتم إعدام المجرمين بشكل جماعي في الشوارع كي يتم ( تلقين الشعب درساً ) حسب قول أحد الملالي . ويتم جلد الأشخاص الذين ارتكبوا جرائم أبسط بالسياط علناً ، وفي بعض الحالات يتم رجم الاثنين بالحجارة حتى الموت . أصبح الملالي دائمي الحضور في الإذاعة والتلفزيون ، ومن غير المسموح به وجود أيه وسائل تسلية مثل دور السينما والنوادي الليلية وقاعات المناسبات ، وتم منع المشروبات الكحولية ولو أن الأفيون متوفر بكثرة ، ممنوع عزف أي نوع من الموسيقى . ويعتبر الجهل العمود الفقري لنظام خميني ، قرر الملالي أن ولاء القوات المسلحة ليس مضموناً ، لهذا قرروا وضع عدة ملالي في كل قاعدة عسكرية للإشراف على العمليات ، أصدر الملالي الذين ليست لهم أية خلفية عسكرية أوامرهم الى قادة القوة الجوية في إحدى القواعد عندما قيل بأن الأقمار الصناعية الأمريكية تمر في فضاء إيران بالتحليق وإطلاق النار عليها . وكما حدث في كمبوديا هوجم التراث الثقافي للأمة بوحشية ، أخذت مجموعات من الملالي المتعصبين المطارق وانتشروا في البلاد لتحطيم نصب الثقافات القديمة التي لايمكن تعويضها إضافة إلى تحطيم مناطق الآثار التي لاتقدر بثمن . ويحكم إيران اليوم أشخاص عقولهم كعقول الجماعات التي كانت تعيش في العصور الوسطى .إن عودة إيران إلى بربرية العصور الوسطى تتم برعاية نفس الأشخاص الذين جاءوا بخميني إلى السلطة . تمكن خميني من تدمير كل شيء تقريباً بناه النظام السابق . تشير التقديرات المعتدلة إلى أن هناك أربعة ملايين عامل عاطل أو أكثر ، حيث لجأ العديد من سكان المدن إلى الأفيون ويعود هذا إلى منع الكحول ، ولكن تم تشجيع المزارعين أيضا على زراعة الخشخاش الذي يجلب الربح العالي في الأسواق المحلية والخارجية . لم يكن هناك سوى القليل من الأفيون في البلاد قبل الثورة ، أما الآن فإنه في كل مكان . ومن أكثر الأشياء الرهيبة التي تحدث في إيران هو عملية التطهير في الجهاز التربوي الذي يقوم به ملالي العصور الوسطى . تم غلق جميع الجامعات لفترة غير محددة إلي أن يتم تصفيتها من الاتجاهات الغربية وجعلها أسلامية أكثر ، وقد تم تشكيل " لجان التطهير" في كل جامعة لطرد أولئك الطلاب والأساتذة " غير المسلمين" . وتم فرض منهج دراسي إسلامي جديد على جميع الجامعات والمدارس " لحماية شباب إيران من الانحراف والانحلال " ، وتم وضع المنهج المذكور من أجل إنتاج جيل جديد من الإيرانيين المغسولة عقولهم ووجهة نظر متزمتة إزاء العالم . وبدلاً من دراسة الأدب والتاريخ أصبح أطفال المدارس يتعلمون أشياء يرددونها بدون تفكر مثل " خميني ، خميني أنت ضوء القمر . تم بث الرعب في صفوف معارضي دكتاتورية خميني بواسطة انتشار الرعاع المتعصبين ، وبشكل خاص في الجامعات حيث هوجمت القوى المعادية لخميني بصورة وحشية من قبل مليشيات " حزب الله" حيث يقوم آية الله بهشتي ورفسنجاني بقيادة عصاباتها المسلحة . تبنى المقبور سياسة لا تعرف الرحمة بتصفية الضباط بواسطة الإعدامات والقتل الجماعي ، لقد تم إعدام آلاف الضباط أو قتلهم بكل بساطة في مكاتبهم وأعداد أخرى في السجون بينما اضطر آخرون الهروب من البلاد . بتعميق السيطرة من قبل رجال الدين والحركة الإسلامية ، فقدت تمت تصفية أعضاء الجبهة الوطنية وأولهم كريم سنجابي رئيس الحركة بالرغم من رفضهم تأييد حكومة بختيار في زمن الشاه . إيران أصبحت الآن بأيدي الملالي فإن ذلك يعني أنها عادت إلى نظام الإقطاعي ، أي إعادة الملكيات الإقطاعية إلى الأسر الإقطاعية ، وهذه قاعدة القوة التي يعتمد عليها الملالي إضافة إلى سيطرتهم على القرويين . إن الدين الذي يمارسه هؤلاء الملالي عبارة عن مجموعة من القوانين للمحافظة على نظام مستمر للانحراف الجماعي ، وهذا يفسر القواعد التي سنها الخميني المجنون .تعليق ( الق اوباما خطابه الأخير في البيت الأبيض في 23 مارس 2016قال فيه : قررنا إنها الخلاف مع إيران ، بعد أن اكتشفنا أنها ليست مسلمة كما كان يشاع ، أن التعاون معها لكبح الإسلام السني أكثر أهمية من الخلاف حول برنامجها النووي ، وبالفعل نحينا الخلافات ، وركزنا على المشتركات ، واتفقنا على وضع الشعوب العربية تحت التحكم ) لم يأت الملالي للحكم في إيران على أساس قوتهم هم ، لقد جاء بهم إلى السلطة رجال أكثر منهم شراً لاستخدام ما يقرره التخلف من فساد ولتحقيق أهدافهم . في أيلول 1975 عقد معهد آسبين ندوة حول إيران تحت عنوان إيران : الماضي والحاضر والمستقبل ، في المناقشات التي جرت خلف الكواليس تم وضع الخطط الخاصة بعكس برنامج الشاه لتصنيع البلاد وتحويل إيران إلى نظام شبيه بأنظمة العصور المظلمة . أكدت ندوة آسبين فكرة واحدة : أن التمدن والصناعة يقضيان على القيم " الروحية غير المادية" للمجتمع الإيراني القديم لذا يجب الحفاظ على هذه القيم أكثر من أي شيء . هذه الكلمات أوامر الى الزمرة المحيطة بخميني لإتهام الشاه بتدمير القيم الثقافية لإيران بواسطة الصناعة النامية والقيم " المادية " . صدرت الأوامر أيضاً الى علي شريعتي الذي قام بتغطية المباديء الصوفية برداء راديكالي وماركس تقريبا ، إن شريعتي هو الذي كون مايسمى بالماركسية الإسلامية . ووالد شريعتي هو أغا محمد تقي شريعتي الذي كان جزءاً من الحركة الماسونية للاستخبارات البريطانية ، يقول علي عن والده " أنه كان في مقدمة من بذل الجهود لإعادة الشباب ذووي التعليم الحديث الى الإيمان والإسلام وإخراجهم من المادية وعبادة الغرب والعداء للدين . كتب شريعتي : " تعالوا أيها الأصدقاء دعوننا نتخلى عن أوروبا ، لنتوقف عن هذا التقليد المثير للاشمئزاز لأوروبا ، دعونا نترك وراءنا أوروبا هذه التي تتحدث دائماً عن الإنسانية ولكنها تدمر البشر أينما تجدهم . في سنة 1977 قتل علي شريعتي ألقوا اللوم على الشاه ولكن الأكثر احتمالأً هو أن مؤيديه في السافاك هم الذين قتلوه لخلق شهيد يثير حركة شخصية ، لولا وجود شريعتي لما تبع خميني المجنون طلاب جامعيون كثيرون في إيران . ومثلما بدأ معهد آسبين وشريعتي في إثارة الناس ضد الشاه بدأ نادي روما في سنة 1977 بدأوا بضم الحركة الإسلامية حول نوع جديد من الإسلام الزائف وهذا المشروع الذي يحمل عنوان " الإسلام والغرب "