منذ اكثر من خمس سنوات والحرب تأكل من أجساد أبناء الشعب السوري ، فقد قتلت ودمرت وشردت ، حتى باتت سوريا خربة بلا حياة ، ومازال النظام السوري متشبثاً بالسلطة، وكأني به يقول للسوريين إما أن أستمر في حكمكم وعبوديتكم ، أو القضاء عليكم ، فلا يهمه أن يبني سلطته على جماجم البشر ، ولا أن يقيم سلطاته على سطوح البيوت المدمرة ، ولا على أرض باتت الحياة فيها موجعة . عائلة الاسد تحكم سوريا منذ خمس وأربعين سنة ، وهي من ابتكرت نظام الجمهوريات الوراثي في عالم السياسة العربية ، وكأن الشعب السوري لا ينجب إلا حافظ الاسد وأولاده ، فلم يكتف بشار من تشريد نصف السوريين يهيمون على وجوههم في شتى بقاع الدنيا ، ولا قتل ما يزيد عن ثلاث مئة وسبعين الفاً من البشر، فهل هذا النوع من الحكم يستحق أن يبقى ولو ساعة واحدة على عرش سوريا ؟ ، وهل هذا النوع من الحكم لايخدم أعداء سوريا وأمتها بعد أن أخرج سوريا وجيشها ومقدراتها من معادلة الصراع العربي الصهيوني ؟ ، وهو يتغنى بالممانعة الكاذبة ، في الوقت الذي مر على احتلال الجولان ما يقرب من الخمسين عاماً ، ولم تخرج منه طلقة واحدة ضد الكيان الصهيوني الغاصب ، والقابع على أرض الجولان السورية التي تئن بفعل الاحتلال الصهيوني . انظروا لحلفاء النظام ، نظام الممانعة والمقاومة ، الذي لم يكن في يوم من الايام الا صغيراً أمام الاعتداءات الصهيونية ، وقد حافظ على اسطوانة الرد في الوقت المناسب ، فهاهم حلفاؤه من الفرس المجوس أعداء العروبة والاسلام ، وحزب الشيطان الذي دمر لبنان ، وساهم في حماية شمال فلسطين المحتلة بالقوات الدولية،واحتل بيروت يوم عجز عن أن يكون مقاومة وطنية ، لاصراره على عدم فتح المقاومة أمام أبناء الشعب اللبناني ، بدلاً من أن يكون السلاح في يد طائفة واحدة من الطوائف اللبنانية ، وهل تستقيم المقاومة مع الطائفية ؟ ، وباتت هذه الطائفية بوقاً رخيصاً لخدمة ملالي الفرس المجوس في طهران . هل نبيع الوطن ونسعى لتدميره من أجل بقاء حاكم في السلطة ؟ ، وهل نطالب بالديمقراطية في بلادنا ، وعندما ينشدها السوريون ندعي أنه لا يحق لهم ؟ ، هم شعب قاصر ، ونحن قد اكتمل نضوجنا السياسي ، فهل نحن حقيقة نكيلل بمكيالين ، أم أننا نبيع الناس نظريات صادرة عن معتوهين لا في السياسة فحسب ، بل وفي الاخلاق أيضاً ، أم أن الامر لا هذا ولا ذاك تكمن في مصالح ذاتية ، ومواقف مدفوعة الثمن . الاقتتال في سوريا لم يكن في يوم من الايام لصالح سوريا ، ولم يخرج عن خدمة أعداء سوريا ، فسوريا المدمرة إن حكمها الاسد أم زعاطيط التنظيمات الارهابية تصب في خندق المصالح الصهيونية ، فكان حرياً بالنظام أن لا يذهب بعيداً في قتل وتدمير الوطن ، لأنه يعشق السلطة ، ويموت من أجل أن يبقى حاكماً ، ولو على حساب الوطن والشعب ومستقبل أطفال هذا الوطن ، ولكنه أبى إلا أن يكون عدواً للشعب ، وفي خندق القتل والتدمير للوطن والمواطنين . كان بالامكان أن يقوم الاسد بتنظيم إنتخابات وطنية لانتخاب ممثلين حقيقيين لتمثيل سوريا ، بعيداً عن سلطته وسطوة أجهزته ، وأن يشرف على إنتخابات رئاسية لحكم سوريا دون أن يكون شريكاً فيها ، فيريح الشعب ويستريح ، ليهنأ المواطن السوري بحياة حرة كريمة ، ولكنه أبى إلا أن يواجه المطالب الشعبية السلمية بالحديد والنار ، فبعد أن كانت المطالب الجماهيرية سلمية قام النظام بعسكرتها ، حتى بات الباب مفتوحاً على مصراعية لكل من أضمر حقداً على سوريا من صهاينة وفرس مجوس ، ليعيثوا فساداً في الارض والوطن السوري ، بما يستوردون من مرتزقة فارسية مجوسية وافغانية وعراقية وحزب الله ، كلهم في سلة بوتن وبتحالف مع نتنياهو ، وشبيحة ملالي الفرس يطبلون ويزمرون بالممانعة والمقاومة . لقد تعامى الشبيحة عن الاتفاق الروسي الصهيوني عندما اتفق بوتن مع نتنياهو، فباتت روسيا دولة الحرية والتحرر والوقوف إلى جانب الشعوب المضطهدة والأنظمة الوطنية ، وتناسوا أن بوتن يتسابق مع الامريكان في تحقيق مصالح روسيا الامبريالية ، مع اتفاق الجميع على خدمة الكيان الصهيوني على حساب سوريا والامة العربية ، وتجاهلوا احتلال ملالي الفرس للعراق ، واعلانهم أن امبراطوريتهم المقبورة سيكون عاصمتها بغداد ، وهل من يعلن احتلاله لبغداد سيكون حريصاً على دمشق ؟ ، فأي عمى بصيرة هذه التي أصابت هذا العهر الاخلاقي ، لهؤلاء الذين يتخندقون في تدمير سوريا لصالح حاكم معتوه ، باع سوريا والسوريين تارة لملالي الفرس وتارة لبوتن روسيا ، من أجل أن يبقى دمية في السلطة السورية . dr_fraijat45@yahoo.com