البعث منذ تأسيسه ونشأته في الأربعينيات من القرن الماضي ولد من رحم معاناة الأمة وليس قالب جاهز جيء به إلى هذه الدنيا . البعث حزب الثائرين المناضلين لأن البعث ولد من رحم الثورات والانتصارات العربية ليكون مكمل لمسيرة أجداده وآبائه الكرام الذين بذلوا حياتهم وأنفسهم ودمائهم من اجل الأمة فنرى جميعا ان البعث ولد ليكون مشروع فداء لأمة العربية. عندما ولد حزب البعث العربي الاشتراكي كانت معاناته تختلف عن باقي الأحزاب والسبب أن هذا الحزب شق دربا جديدا في صياغة التصور الفكري الذي لم يكن من قبل موجودا في هذه النظرية القومية الجديدة وشعارها (أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة) ومبادئها (وحدة ـ حرية ـ اشتراكية) . ولد البعث من رحم العروبة الصادقة المجاهدة المؤمنة بعروبتها ومعتزة بمجدها وتراثها وتاريخها العظيم وملاحمها البطولية وانتصاراتها العظيمة فكان البعث منتصرا منذ ولادته لأنه امتداد حقيقي لتاريخ الأمة العربية الحافل بالنصر والتمكين فبدر وحنين والخندق والقادسية واليرموك والكثير من المعارك العز والمجد العربي كلها كانت بحق تاريخ المفاخر للأمة العربية والإسلامية والتي تربى أبناء العروبة على تاريخ أجدادهم الصحابة رضون الله عليهم أبو بكر وعثمان وعمر وعلي وهم أحفاد القادة سعد والمثنى وخالد الذين أورثوا الشجاعة والكرم وحب العروبة والتضحية التي ساهمت بولادة حزب البعث العربي الاشتراكي .. محاضرة الاستاذ المرحوم احمد ميشيل عفلق التي القاها في جامعة دمشق في وقت مبكر من دعوته عام 1943 والتي نشرت تحت عنوان (في ذكرى الرسول العربي) لدليل على توجه الاصيل من بداية فكر البعث نحو استلمها التراث بطريقة ثورية ويقول رحمه الله ( التشبع بالتراث القومي لايعني مطلقأ العبودية للماضي والتقاليد ولايعني فتور روح الابتكار ). وما لخصه الأب القائد احمد حسن البكر رحمة الله في عبارة قصيرة الى مجلة افاق عربية في اصدار عددها الاول قال ( انفتحوا على العالم من اول نقطة مضيئة في تاريخكم كونوا معاصرين شرط ان تكونوا اصيلين فالمعاصرة لاتعني انقطاع الجذور ) يقول الرفيق المرحوم احمد ميشيل عفلق في 16 أيلول عام 1945 إجابة على سؤال ، ما الذي دفعكم لتأسيس حزب البعث العربي الاشتراكي؟ ( الدافع هو شعورنا بالضرورة التاريخية، فالمجتمع العربي يقف اليوم على مفترق طرق . وهو أما ان يستمر في الطريق الذي يسيره فيه قادة السياسة الحاضرة، الذين يرضون بالواقع الفاسد فيستنكرون على البلاد هذا التقدم الضئيل وهذه النتائج الطفيفة التي انتهت اليها سياستهم في أربعين سنة، ويحكمون هكذا على الأمة بأن تبقى متأخرة مهملة الوزن في العالم، وأما أن يوقف العرب هذا التدهور بنتيجة تحول عنيف، واستجماع للإرادة، ووعي الإمكانيات الحقيقية الكافية، فيسيروا في طريق جديد صاعد، يستمد قيمه وأحكامه وغايته من خصال العربي الأصيل، ومبادئ الرسالة العربية المتعالية على الواقع ونسبية أحكامه. هذا الطريق الجديد يقتضي ظهور قيادة جديدة تمثل جوهر الشعب لا ظاهره، ومستقبله لا حاضره، وبهذا المعنى يكون حزبنا حزب الجيل العربي الجديد، الزاخر بالأمل والنشاط، والمتطلع إلى مستقبل خليق بماضي أمته المجيد، وبحاضر الأمم القوية الراقية، والذي يريد أن تكون السياسة العربية رسالة لا حرفة ) الرفيق المناضل صلاح المختار ( البعث حزب قومي التنظيم وهو الميزة الاخرى للبعث فالبعث لم يكن في نشأته وعقيدته حزبا قطريا نشأ في قطر عربي واحد وبقي محصورا ومحاصرا فيه بل كان ومازال حزبا قوميا ينتشر في اغلب الاقطار العربية ليجسد عمليا في تنظيمه فكرة الوحدة العربية المصغرة ولهذا فان قيادته القومية وهي اعلى قيادة في الحزب تتشكل من ممثلي الحزب في الاقطار العربية ويصلون بالانتخابات لمواقعهم القيادية . بينما بقية الاحزاب القومية كانت قطرية التنظيم فبقيت اسيرة التناقض بين فكرها القومي واداتها القطرية القاصرة ) البعث منذ تأسيسه والى يومنا هذا تعدى البعث مرحلة حزب وتحول الى أمة عظيمة متماسكة تمتد من المحيط الى الخليج فشكل البعث أمة من المناضلين والمجاهدين والمكافحين والمناصرين والمحبين الذين أمنوا بمشروع البعث ورسالته الخالدة وشكل البعث قوة من الأحرار والمناضلين حملوا هم أمتهم وسخروا لها حياتهم وكل وقتهم لبنائها وتحريرها . والبعثي مقدام شجاع لا يهاب جائرا ولا ظالما ولا يخشى قوة أجنبية مهما كلفته من تضحيات تلك الصفات التي جعلت منه مدرسة نضالية فريدة خرجت أجيالا من المناضلين الثوريين الشجعان ولا تزال مقدرته على التطور والتجدد والتأهيل وخلق الأجيال مستمرة من أجل تحقيق أهداف الأمة وخدمة أفراد المجتمع. إنها المهمة التي تخلق المناضل الحقيقي الذي يتحلى بخصائص حزبه بنفس طاهرة من أدران الواقع الفاسد ومن أمراضه والعمل على تحرير عقله من كل تعصب وانغلاق وتردد وخوف. فهو صورة يعكس بها صورة الحزب المشرقة ترمي لتحقيق غاياتها النبيلة .. حديث لأحد المناضلين . نهاية الخمسينات وقد التقى بالمرحوم الرفيق صالح مهدي عماش قرب معسكر لأنه كان ضابط . وأجرى معهم لقاء وعند توديعهم ألقى الرفيق صالح مهدي عماش ( رحمه الله ) كلمة فيها جملة ( وعلى مشانق شوارع بغداد نلتقي ) هؤلاء هم البعثيين لم يكونوا يعرفوا إن يكون احدهم رئيس أو وزير ولكن هدفهم سامي طريق التحرير ودحر العبودية طريق النضال الأبدي لتحرير الوطن العربي من الاستعمار وأعوان الاستعمار طريق المناضلين لتحقيق الأهداف التي رسمها البعث منذ تأسيسه .. تميز نضال البعث وما يزال يتميز بالسيرة المشرفة الطاهرة النزيهة فلم يتعاون مع مشبوه أو جائر من الحكام ولم يتصل بأية قوة أجنبية اتصالا مشبوها ولم يسع لنوال مساعدة أو مساندة من أية جهة ولم يعتمد إلا على اشتراكات أعضائه وما يقدموه من تبرعات وما يقدمه مؤيدوه وأنصاره رغم فقرهم أول من يدرك الموقع الذي يتبوأه حزب البعث في العراق هم جوقة العملاء التي جاء المحتل يحملهم على ظهور الدبابات . البعث رقم صعب لا يمكن تجاوزه في السياسة، وصمود رجال البعث غيرت الخريطة الدولية وبدلت العالم من وقوعه تحت هيمنة وسيطرة قطب واحد إلى بروز عدة أقطاب أن لعنة البعث ستطارد كل من تآمر على العراق وشعبه وقيادته .. عاش البعث العظيم ومناضلوه البواسل في كل ساحات النضال والجهاد بعثٌ نشيدهُ بالجماجم والدمُ تهزم الدنيا باسرها ولا يهزم لما سلكنا الدرب كنا نعلم أن المشانق للعقيدة سلمُ عاش البعث العظيم فكرا وممارسة ومناضلين . وفي مقدمتهم المجاهد عزة إبراهيم ( نصره الله ) الأمين العام حزب البعث العربي الاشتراكي. ( وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِّنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ )