شتان بين الحكم الوطني الذي بنى العراق ، ووضع أساس دولة مهيوبة الجانب ، دولة امتلكت القوة وصنعت الارادة ، واحتضنت العلم والمعرفة ، ورفعت من شأن العلماء ، فتولدت لها الحياة من جانبيها ، جانب القوة وجانب العلم والمعرفة ، وامتلكت الشجاعة في صناعة القرار بفعل رجالها الذين امتطوا القيادة ، ولم يأبهوا يوم كانت كل القوى تحيط بهم ، وتعمل جاهدة على اجهاض ارادتهم ، فقدموا التضحيات ، وبذلوا الغالي والنفيس في الثبات على الموقف ، وفي التمسك بالمبادئ، فلم تكن السلطة تعنيهم ، لأنهم كانوا يؤمنون أن السلطة ليست الهدف ، فكانت السلطة وسيلة لتحقيق الهدف ، وكان الهدف هو الشعب وجماهير الوطن وأبناء الأمة، وعندما حان وقت التخلي عن السلطة حتى لا تثلم المبادئ كانوا في خندق المقاومة ، فأثبتوا أنهم رجال تنمية وأبطال مقاومة . وفي الصفحة الثانية يوم امتطى الاراذل السلطة المغموسة بالذل والمهانة ، الممهورة بتعاليم الامبريالية والصهيونية والمجوسية ، فبات رجالها عملاء خونة، باعوا الغالي والنفيس في سبيل أن يكونوا خدماً مطيعين على حساب حرية وطن وكرامة مواطنين، هؤلاء أضاعوا الوطن ، ودمروا ثروته ، ومزقوا نسيج المجتمع، وشردوا أبناءه ، فبات الوطن أشلاء مبعثرة تتنازعه الحروب والنزاعات الطائفية والعرقية من التنظيمات الارهابية والطائفية الرخيصة . ومع كل ما أصاب العراق من ويلات ومآسي على أيدي كل أعداء الوطن والامة من امبرياليين وصهاينة ومجوس ، إلا أن العراق قد عودنا أنه في كل مراحل التاريخ يقف شامخاً ، ويعيد مسيرة الحياة الحرة الكريمة ، يعود لحضن أمته ، يرعى شؤون شعبه ، ويشارك أمته في التضحيات ، ذوداً عن كرامتها ، وسداً في وجه كل المتربصين بها ، فما هانت عزيمته ، ولا لانت قناته ، ولا استكان لحالة يظن البعض أنه في وضع ميؤوس منها ، فقد كان رمح الله في الارض ، كما هو جمجمة الأمة، ومن كانت هذه سماته فلا تستطيع قوة في الارض أن تجعله يركع لجبروتها ، ولا لدسائسها ، فهذا العداء الصهيوني الضارب أعماقه في التاريخ ، وهذا الحقد الفارسي المحفور على صفحات قلوبهم السوداء ، منذ ذيقار يوم هزموا شر هزيمة حتى القادسية الاولى التي أرادت عتقهم من عبادة النار ، ولكنهم أبوا إلا أن يكونوا في الخندق المجوسي ، خندق الخبث والرذيلة ، ولم تثنيهم الهزائم المتكررة على ارض العراق ، فكانوا في كل مرة يذيقهم العراقيون شر الهزيمة ، حتى القادسية الثانية التي تجرع فيها كبير حاخاماتهم الهزيمة ، وأبوا واستكبروا ، فخانوا كل المبادئ وداسوا على كل القيم ، طمعاً في نيل رضى اسيادهم في تل ابيب وواشنطن. حرية العراق وتحريره لن تكون إلا بالحكم الوطني الذي أثبت أنه في السلم والحرب يقود العراق نحو العلا ، ويصنع المجد ليس للعراق فحسب ، بل ولابناء الأمة ، فهو الامين على بوابة الامة الشرقية في وجه الدسائس والخبث الفارسي المجوسي ، الذين ما كان الاسلام يغسل صدورهم السوداء ، ولا يطهر قلوبهم الحاقدة ، ورغم ما أصابهم من ذل وقهر وهزائم على أيدي العرب قبل الفتح وبعد الفتح إلا أن الخسة والنذالة مغروسة في جيناتهم ، وأن الجبن مزروع في نفوسهم ، فهم على المواجهة جبناء . هؤلاء الذين يقبعون في المنطقة الغبراء من بغداد هم دمى جاءت بهم دبابات الاحتلال، واحتضنتهم مواخير ملالي الفرس المجوس ، فلا صلة لهم لا بالوطن ولا علاقة لهم بالدين ، فالوطن بريء من هؤلاء الخونة ، والدين يلفظ كل من يقوم على تدنيسه ، ويضع يده في أيدي أعداء الله والوطن والدين من بني صهيون . ليل العراق لن يطول وبزوغ شمسه باتت قريبة ، فالعراق عوّد أمته بالمفاجآت ، وبالثورات والإنتفاضات ، ينفض عنه غبار الاحتلال ، وتدوس أقدامه كل هؤلاء الصغار الذين ارادوا الحاقه بقوى الشر والعدوان ، ومن كان تاريخه تاريخ تضحيات، فإنه يملك القدرة والارادة على أن ينزع حريته ويتحرر من قيوده ، ويفاجأ الدنيا بعودته شامخاً ، لأنه لا يمكن أن يكون إلا كذلك ، فلا عراق مع الجبن والذل والهوان، فالعراق لا يستطيع العيش إلا وهو يرفل بالعزة والكرامة والنبل والشجاعة ، لذا فهو قادر على بعث نظامه الوطني ، لأنه لا عراق بدون كرامة ، ولا كرامة بدون وطنية، ولا وطنية بدون قيادة وطنية ، تمارس الفعل الوطني على الارض لصالح الجماهير . dr_fraijat45@yahoo.com