عندما أقدم الحلف الثلاثي الرخيص دولياً وانسانياً ، المكون من الامبريالية العالمية بقيادة الادارة الامريكية ، والصهيونية العالمية ، والفارسية المجوسية على غزو العراق واحتلاله ، كان للدوائر الثلاث تصورها لإنهاء دور العراق القومي التقدمي، لأن النظام الوطني العراقي كان يمثل بداية الطريق على بناء المشروع القومي العربي، والذي يهدد مصالح كل هذه الأطراف الثلاثة ، بما فيه اللاعبين الصغار من رجعية عربية استوطنت النظام العربي الرسمي ، وعملاء وخونة ملأ الحقد قلوبهم على التجربة الوطنية القومية للنظام العراقي ، لأنها شكلت خطراً كبيراً على مصالحهم الخاصة . كان في ذهنية الدوائر الثلاث أن الغزو والاحتلال العسكري لن يؤتي ثماره ، فالعراق والعراقيون ممن لا يقبلون الضيم والظلم ، وتاريخهم حافل بالمقاومة ، وهم يملكون البنية التحتية لانطلاقة أسرع مقاومة عرفها التاريخ ، نظراً لوعي القيادة الوطنية المبكر على مخططات الدوائر المعادية ، فكانت القيادة قد أعدت للمقاومة ضرورة انطلاقتها ، ومقومات استمراريتها في مواجهة قوى البغي والعدوان ، فقد دربت وسلحت الجماهير ، وأعدت القيادات العسكرية من بين نخب مختارة من الجيش العراقي ، ذي السمعة العسكرية القتالية على امتداد تاريخه الذي يقارب المئة عام (95) عاماً ، والقيادات السياسية من بين كوادر حزب البعث العربي الاشتراكي ، الحزب الذي قد مر على تأسيسه ما يزيد عن الخمسين عاماً (55) عاماً ، والذي مارس النضال بكل أنواعه ، وبشتى الطرق والوسائل ، وكانت له تجربته الفريدة في العمل السري التي يتطلبها عمل المقاومة . نحن أمام حالتين متلازمتين ضروريتين لمواجهة الغزو والاحتلال ، وهاتين الحالتين ليستا ببعيدتين عن مطابخ الدوائر السياسية في الدوائر الامبريالية العالمية والاقليمية، فالجناح العسكري والجناح المدني وجهان لحالة واحدة في المواجهة ، وهما يملكان الخبرات والقدرات ، إلى جانب ما يتمتعان به من قدرة على الصمود والتضحية ، وهما الجيش والحزب العمود الفقري للدولة وديموتها والدفاع عنها،ولذا كان قرار بريمر المندوب الامريكي بعد الغزو والاحتلال هو حل الجيش العراقي ، واصدار قانون اجتثاث البعث . ظنت امريكا خائبة والدوائر التي تسير في فلكها أنها بهذين القرارين يمكن أن يتسنى لها حكم العراق ، خاصة وهي على وعي تام رداءة الشخوص ، وحجم العمالة لهؤلاء الذين جاءت بهم على الدبابات الامريكية ، فهؤلاء رواد حانات جمعتهم من حانات واشنطن ولندن ، ولا يملكون من الرجولة والقيادة ما يسمح لهم قيادة وطن كالعراق، ولكنهم واجهة الديمقراطية الامريكية ، ديمقراطية المدفع والدبابة ، علها تقنع العالم بأنها جاءت لتعليم العراقيين الديمقراطية ، من خلال القتل والتدمير والتشريد ، والسعي لنهب ثروات الوطن ، مع حرمان أهله من حقوقهم المدنية والسياسية كافة . لم يكن حل الجيش العراقي البطل الذي نحتفل اليوم بالذكرى ال (95) على تأسيسه، وصاحب التاريخ المجيد في كل المعارك الوطنية والقومية ، ولا لقرار اجتثاث الحزب الذي مر على تأسيسه (55) عاماً ، وصاحب التجربة النضالية في العمل العلني والسري ، وقد امتلك القدرة التنظيمية في الصفوف المدنية والعسكرية ما أهله لاستلام السلطة ، أو المشاركة فيها في أكثر من بلد عربي ، نقول لم يكن الاقدام على حل الجيش وقانون اجتثاث البعث إلا ما كانت امريكا تظن أنه بوجودهما لا يمكن لها البقاء في العراق ، ولا تستطيع مسك الارض التي حطت عليها آلياتها العسكرية والبشرية أمام جيش وحزب بالمواصفات غير المعهودة في جيوش واحزاب العالم . لأن العقيدة النضالية متجذرة في نفوس العراقيين ، ولأنها هذه المرة كانت مهيأة ، وقد وفرت القيادة الوطنية لها مستلزمات وجودها واستمراريتها ، فقد استطاع الحزب بقياداته المناضلة المدنية والعسكرية ، أن تمارس الصفحة الثانية من المواجهة ، صفحة الحرب الشعبية ، بعد أن وجدت أن صفحة الحرب العسكرية النظامية ليست في صالح العراق ، نظراً للامكانيات العسكرية الهائلة لدى الخصم الامبريالي الصهيوني ، فكانت انطلاقة المقاومة كأسرع مقاومة في التاريخ عنصرا المواجهة فيها الجيش والحزب . في الذكرى ال (95) التي نحتفل بها في تأسيس الجيش الوطني العراقي علينا أن نعي أن الاقدام على حله من جهة مع قانون اجتثاث البعث كانا حالة واحدة ، فالجيش العراقي بالاضافة إلى تاريخه النضال الوطني والقومي هو جيش عقائدي ، يقوده حزب له عقيدته السياسية والعسكرية ، ونحن في هذه المناسبة التي نحيي فيها ذكرى التأسيس لهذا الجيش ، وقود المقاومة وقائدها التي مرغت أنف الاحتلال الامريكي ، وفرضت عليه الهروب قبل الأوان ، لم يتمكن الامريكان من الصمود على ارض العراق أكثر من ثماني سنوات ، من عمر الغزو والاحتلال ، وبعد هروبها قامت بتسليم العراق على طبق من ذهب لحليفتها من تحت الطاولة ملالي الفرس المجوس، الذين يعيثون في العراق فساداً ، ظانين أن من هزم أسيادهم في واشنطن غير قادرين على هزيمتهم ، وتمريغ أنوفهم في التراب ، واجبارهم على تجرع السم مرتين في زمن قياسي . الجيش والحزب بقيا على الارض وسلاحهم مرفوعة بوجه اعداء العراق ، والعملاء والخونة لن يكون مصيرهم إلا بما حل بالامريكان ، وستلحق الهزيمة بهم وبأسيادهم في طهران ، وإن غداً لناظره قريب . حيا الله الجيش العراقي البطل في الذكرى ال (95) على تأسيسه ، وحيا الله الحزب الذي يقود المقاومة ، والرحمة على أرواح الشهداء ، وفي المقدمة منهم شهيد الحج المناضل صدام حسين . dr_fraijat45@yahoo.com