السلام عليك يا أبا عبد الله .. السلام على المظلوم بلا ناصر فاجعة كربلاء لم تكن فاجعة بالمفهوم المادي وان أبيد فيها أرواح وزهقت أنفس اطهر خلق الله وأعظمهم الإمام الحسين ( عليه السلام ) وأهل بيته وأصحابه في واقعة ألطف الشهيرة ... هذه الفاجعة هي فاجعة قتل الإنسانية والإصلاح الذي دعا إليه هذا البطل الثائر على كل ظلم وفساد فالحسين ( عليه السلام ) حمل على ظهره بؤس ومظلومية المجتمع الذي عاش في تلك الحقبة وقدم نفسه وعياله وأصحابه من اجل قضية إصلاح منظومة الفساد وحكومة الإفساد في عصره رغم كل المغريات التي قدمت ووضعت إمام هذا الرجل العظيم ورغم ما يحمل من مكانة قدسية وسيادية لكنه أبى إلا إن يحمل على ظهره معنى الثورة وإسقاط حكم الظالمين حتى لو كلفه حياته وهذا ما حصل . ثورة الإمام الحسين منعطفاُ مهما في تاريخ الإنسانية والشعوب العالمية والأمة الإسلامية، وذلك لما تركته من آثار وبصمات دامغة عبرت عن أفقا واسع وشامل لكل نواحي الحياة الحرة الكريمة والرفض للعبودية بقوله ( والله لا أعطينكم بيدي إعطاء الذليل ولا اقر لكم إقرار العبيد ) لقد تحول الإمام الحسين إلى ظاهرة عالمية تدعو للإصلاح ومحاربة فساد قوى الشرك والظلام التي حاربها الرسول الأكرم من خلال رسالته هي رسالة السماء العادلة والتي كرمت الإنسان واعتبرته سيد المخلوقات . استشهاد الحسين هي نقطة وبداية للتحول من هذا العالم المليء بالفساد إلى عالم يحترم الإنسان وإنسانيته، فكانت ثورة نهضوية حررت المرء من اسر ذاته لا تباعه هوى الشيطان ،فضلاً عن تحرير الإنسان من رق الإنسان وهي ظاهرة العبودية ، فكان الدم الذي قدم في كربلاء هو بمثابة الضريبة التي قدمها أبا الأحرار ليعطي للشعوب منهاجا وهاجا يتخذه القادة والعظماء وصانعي التاريخ في مسيرة حياتهم لمقارعة الأنظمة الفاسدة التي تبيح لنفسها التحكم بمقدرات شعوبهم واستباحت حرياتهم وقد عبر عن ذلك برائعته المشهورة ( لم اخرج أشرا ولأبطر ولا ظالما ولا مفسدا وإنما خرجت لطلب الإصلاح في امة جدي ) ونحن في ذكرى اشتشهاد ابا عبدالله و ابا الشهداء ذلك اليوم الذي وقف فيه خاطب انصاره وأهل بيته قائلا ( اما بعد فقد نزل بنا من الأمر ما قد علمتم وان الدنيا قد تغيرت وتنكرت وأدبر معروفها ولم يبق منها إلا صبابة كصبابة الاناء وخسيس عيش كالمرعي الوبيل ألا ترون إلى الحق لا يعمل به والى الباطل لا تناهى عنه ليرغب المؤمن في لقاء ربه محقا فاني لا ارى الموت إلا سعادة والحياة مع الظالمين إلا برما ) . أيها السائرون والزائرون لكربلاء لنخرج وقد عاهدنا الله تعالى على إن يكون خروجنا على نهج الحسين ( عليه السلام ) في الإصلاح والثورة ضد الفساد والفاسدين مطبّقين لشعار ( هيهات منّا الذلة ) نعم أذا لم نخرج من اجل ذلك فإنه لا يبقى مبرر لرفع شعار الحسين ( هيهات منّا الذلّة ) أذا كنا نريد إن نواسي الإمام الحسين ( عليه السلام ) أن نفعل ما فعله الحسين وضحى من اجله وما سيفعله ( عليه السلام ) لو كان ألان معنا ، لخرج من أجل الجياع والعراة والمرضى والأيتام والمهجرون والنازحون ، و سيكون مع الأرامل واليتامى وعوائل الشهداء لحمل السيف على الفساد و المفسدين ، وإيقاف الحروب والصراعات التي افتعلوها ، لخرج من اجل المطالبة بأبسط الحقوق الإنسانية التي أفقدكم إياها الفاسدون بتدميرهم كل البني التحتية وتدمير الاقتصاد لخرج من اجل إنسانية وكرامة العراقي المسحوقة بتسليط الفاسدين وسرقتهم لمئات المليارات من الدولارات وإغراقهم للعراق والعراقيين في فتن وويلات . ولنعلم ونتيقن إن الحسين ( علية السلام ) لا حاجة له بزيارتنا ولا بمسيرتنا إلى كربلاء ولا بطعامنا ولا أموالنا ، هو سيد شباب أهل الجنة يردنا أن نسير على مخرج عليه ضد الفساد والمفسدين . فإذا لم نخرج من أجل ذلك فاعلموا إذن إننا نخرج على نهج يزيد في الفساد والإفساد والخضوع والخنوع والذل والهوان . خرجنا بينما الجياع والعراة والمرضى والأيتام والمهجرون والنازحون إمامنا ونحن نتفرج عليهم ولا نهتم لأمورهم ولا نرفع الظلم والضيم عنهم . والفاسدين والمفسدين على رأس السلطة هل هذه مواساة سيد شباب الجنة . عظم الله أجورنا وأجوركم بمصاب أبي الأحرار الإمام الحسين عليه السلام