في البدء ، أتفهّم وأُقدّر تماماً حزن عائلة أحمد الجلبي على موته المفاجئ ، لكنني أُعيد قولي به وبأشباههِ ، إنّ موت الحرامي الخائن الجاسوس القاتل المرتشي ، لا يطفىء الحقّ القانونيّ الثابت بمحاكمته واسترجاع ما نهب هو وربعهُ المعروفون من مال وذهب وآثار ومعلومات وتخابر مع دول أجنبية بقصد إلإيذاء ، والمساهة المعلوماتية في قتل كثرة من علماء العراق خاصة النخبة العلمية المتميزة في المجال النووي والعسكري ، وأيضاً السكوت عن جرائم وفضائح وملفات فساد كبرى ، كان هو جزء منها أو تمت تحت نظره ورعايته ، خاصة في مجال استثمار خبرته المصرفية في عمليات تبييض وغسيل مليارات الدولارات من أقوات الفقراء . هذه دعوة للدائرة المحيطة به ، لصحوة ضمير معلنة تكتب وتقول وتفضح خزنة الأسرار الشائنة التي نام عليها . لأنصاره القليلين قول واحد هو ان الجلبي بأكاذيبه المشهورة قد شارك بتخليص العراق من حكم ( الدكتاتورية ) . طيّب ذهبتْ ( دكتاتورية ) صدام حسين وجاءت ديمقراطية الوحوش والشواذ والحرامية الأمريكان ، لتُنتجَ لنا دولةً هي الأفسد والأفشل والأقسى على وجه الأرض . آخر الشواذ الذي اعترفوا بهول المصيبة الرافدينية كان توني بلير وقبله كولن بأول ومحمد البرادعي . تلك هي الحكاية وهذا هو القياس ، وقد تذهب ظنون البعض بأنّ ما قيل عن الرجل وما أحيط به ربما لا يخلو من شائعات أو مبالغات وهذا أمرٌ ينطوي على قليل من الحق الذي يريد أن يغطي على مشهد المخازي والعار الكبير . مجالس العزاء والحزن والوداع لروح هذا الكائن ، كانت قطرة صغيرة ببحر مجالس الشماتة والبهجة التي صارت واحدة من نوادر المسائل المتفق عليها بين الشيعة والسنة ببلاد ما بين القهرين العظيمين . حتى في باب الحزن ، رأينا وسمعنا وشاهدنا ما يسمى بتضامن الحرامية والدجالين والخائنين والتخادميين ، بمواجهة المقهورين والمظلومين وضحايا الغزاة الاوباش والمنغلة الضخمة التي صنعوها فأنتجت كل هذا الدمار الشامل الذي كان لأحمد والذين على شكله يقعون ، المشاركة العظمى والحصة الأكبر . في الانتخابات المفصّلة على جسد الوضع ، لم يحقق هذا الكائن وحزبه أيّ نتائج مؤثرة ، فذهب إلى اللعب على الحبلين ، تماماً مثلما فعل في مسألة تقديم الخدمات للمطبخين التخادميين الأمريكي والإيراني . مات الجلبي بحسرة المنصب ولعزت الشابندر شهادة هامّة على ما سمّي لاحقاً بالعشاء الأخير ، وقد نسمع توثيقاً لتلك الميتة المباغتة مستلاً من توصيف " يقتلون القتيل ويحملون تابوته على ظهورهم " أغلب الظن هو أن ضجيج موته سيخفت ويندثر ومعه ستموت كل المنهوبات والفظائع ، وهذه عادة عراقية كادت أن تصير تقليداً مسكوتاً عنه .